لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق الذي كان مثالا للوطنية والقومية والاعتزاز باستقلاليته مصدر رضا وسعادة للشعب العربي كله. ليس مقبولا بأي حال ان تصبح حياة ومقدرات سوريا مرهونة بتوجهات وسياسات دول خارجية سواء كانت أجنبية أو عربية. ان ما تشهده الساحة حاليا من تفاوض ومساومات حول تحديد مستقبل هذا البلد العربي وما يرتبط بذلك من تدخلات في شئونه إنما يتحمل مسئوليته كل أفراد الشعب ونظامه الحاكم الذي اختار الصراع والتعامل بالسلاح. ان ما يجري لابد وأن يدفع كل سوري وكل عربي أن يتحسر علي ما وصل اليه حال هذا البلد الذي تآمرت عليه كل القو ي وعلي رأسها أمريكا وإسرائيل لتدفع به إلي هذا الوضع المأساوي الذي يعد سبه في جبين القومية العربية التي تحولت إلي نهما للتآمر الوحشي. كان من نتيجة ذلك وقوع هذا البلد العربي في دائرة الاستقطاب العالمي والاقليمي الذي لا يهمه إلا مصالحه قبل أي شيء آخر. ان الفائدة الوحيدة لهذا الاستقطاب انه يعمل علي تأجيل تفكك الدولة السورية وان كان لم يمنع من تدميرها وتجويعها وتشريد شعبها الذي كان مثالا للاجتهاد والعمل المجدي من أجل حياة مثالية كريمة. الحقيقة انني وجدت نفسي ومعي الملايين من أبناء الأمة العربية الشرفاء فريسة للحزن الشديد وأنا أتابع قوي عربية وأجنبية تتفاوض حول مصير هذه الدولة العربية الذي كان مثالا للقومية العروبية. ليس هناك ما يمكن أن يكون أسوأ من هذه الحالة التي يعيشها الشعب السوري الذي يفتقد لدولته المستقلة الآمنة التي حصلت علي استقلالها عن الاستعمار الفرنسي بدماء آلاف الشهداء. ان نظام الحكم الاستبدادي وسوء قيامه بمسئولياته كانت وراء هذا الضياع الذي كتب عليه ان يتعرض له بعد أن تكالبت علي تدميره وتخريبه قوي التآمر ونزعات الأطماع التي ترعاها وتباركها قوي الاستعمار الجديد ومن ورائه الصهيونية العالمية ورافدتها النبت الشيطاني المسمي بإسرائيل. انطلاقا من هذا الواقع فإنه لا يمكن توصيف ما يجري ويحدث من تفتيت وتمزيق للدولة السورية سوي انه لصالح هذا الكيان الذي زرعه الاستعمار في قلب الأمة العربية. ان ما يجري يعد خطرا جسيما علي الأمن القومي العربي حاليا ومستقبلا. كل الدلالات تؤكد أن سوريا هي ضحية التشرذم العربي والإرهاب وليد التآمر الغربي.