السلاح الكيماوي الذي أودي بحياة مئات السوريين والذي كان استخدامه ذريعة للإدارة الأمريكية لتعلن الحرب علي النظام السوري هل استخدمه بشار الأسد في إبادة شعبه فعلا؟ أم أنه ذريعة تستخدمها الإدارة الأمريكية للحرب علي سوريا؟ وهل إعلان أوباما الحرب علي نظام بشار الأسد هدفه الدفاع عن الشعب السوري وحمايته من جبروت هذا الطاغية بحكم أن أمريكا-كما تتوهم-راعية الحريات في العالم؟أم أن هناك أهدافا خفية وراء هذه الحرب, أهمها ضمان أمن إسرائيل والقضاء علي حزب الله ؟ إذا أردت أن تعرف الحقيقة فأقرأ هذا الملف الذي تمتد ظلاله علي المشهد المصري الراهن.. ربما استيقظ الغافلون علي المخاطر التي تحيق بنا لأنه ملف الساعة الآن في مصر والعالم العربي بلا منازع. فالموقف الأمريكي من سوريا كما يحلله د. محمد مجاهد الزيات مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط حيث يشير إلي أن دعاوي الرئيس اوباما قد تغيرت, وعاد ليتخذ نفس مسار إدارة الرئيس بوش ويتحدث اليوم عن قرار نهائي لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا, وحقيقة الأمر فان تأخير هذه الضربة ومحاولة توفير غطاء داخلي ودولي لتبرير تغير نهج الإدارة الأمريكية من الدبلوماسية إلي العسكرية, أمر يكشف جليا عن جوهر الإستراتيجية الأمريكية بغض النظر عن الإدارة الحاكمة, وهو ضمان أمن إسرائيل بالدرجة الأولي وبالتالي فاستنزاف الجيش السوري وتدمير ما يمتلكه من أسلحة كيماوية يصب في النهاية لصالح إسرائيل, وقد وضح ذلك في حديث اوباما الأخير وكذلك المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم البيت الأبيض وحديث جون كيري وزير الخارجية الأمريكي والذين أشاروا جميعهم إلي المخاوف المترتبة علي امتلاك سوريا لأسلحة كيماوية تهدد أمن إسرائيل بالدرجة الأولي, وفي تقديري أن اوباما لا يهتم بنزيف الدم السوري, وكل ما تتبناه الإدارة الأمريكية من قيم أخلاقية بدعوي حماية الشعب السوري والأطفال العزل هي دعاوي كاذبة تمثل تبريرا لقرار استراتيجي بضرب الدولة السورية, وقد ساعدها علي ذلك ممارسات إرهابية قام بها النظام السوري باع خلالها شعبه من اجل بقاء النظام, وهو ما فتح الباب لتدخلات أجنبية في الأزمة, وسينتهي الأمر باستنزاف القدرات السورية بغض النظر عمن سيكسب الصراع الدائر لتخرج سوريا من معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي. وبالنظر إلي كل ما صدر عن المؤسسات العسكرية والإستراتيجية في أمريكا والدول العربية المساندة للضربة, فإنه من المرجح أن تقتصر الضربة العسكرية لسوريا علي عدة قطاعات أهمها مواقع القيادة والسيطرة للجيش وبعض الأجهزة الأمنية والمقرات الحزبية, وكذلك بعض مواقع المخزون الكيماوي والبعيدة عن الكثافة السكانية, بالإضافة إلي عدد من المواقع التي تشهد تفوقا لجيش النظام في مواجهة المعارضة بما يسمح بسيطرة المعارضة العسكرية عليها, ويحقق نوعا من التوازن العسكري الميداني مع قوات النظام, وتري الإدارة الأمريكية في هذا الخيار بديلا عمليا عن الوفاء بوعودها هي وبريطانيا وفرنسا بالتحديد عن تسليح المعارضة السورية بأسلحة هجومية تقديرا منها أن تلك الأسلحة سوف تقع في يد التنظيمات الجهادية المتطرفة, التي لها حضور متزايد داخل إطار جيش سوريا الحر, وهو ما يمكن أن يهدد إسرائيل في نهاية المطاف. وبناء عليه فالتقديرات طبقا لما سبق تشير إلي انه لن يكون هناك حل عسكري بالنسبة للازمة السورية, وان ما يجري لن يكون شبيها بما جري في العراق ولكن استنزاف الجيش السوري ومعه المناصرون خاصة حزب الله لتامين إسرائيل في النهاية, ودفع النظام السوري الي مائدة المفاوضات بالشروط الأمريكية, لان أمن إسرائيل هو المبرر الرئيسي لتوجيه الضربة الأمريكية لسوريا وبالنسبة للموقف الروسي من الأزمة فان التقدير الاستراتيجي الروسي والذي يعارض الضربة الأمريكية لسوريا هو أن هذه الضربة تستهدف الي جانب إضعاف القدرات العسكرية للنظام وكسر الإرادة السياسية, والتأثير للمتحالفين معه, فإذا كانت روسيا لن تستطيع أن تمنع الضربة العسكرية الأمريكية إلا إنها ستحول دون تصاعدها حتي لا تصبح ضربة شاملة تشل قدرات النظام بصورة كبيرة, حتي تبقي في حدود تطويع النظام في الذهاب إلي التفاوض, وتكون الشروط الأمريكية لهذا التفاوض مجالا للحركة الروسية حين يتم التغيير من داخل النظام ومن ثم تظل المصالح الروسية في سوريا خاصة القاعدة البحرية في طرطوس في مأمن حيث أنها تمثل المركز الوحيد للأسطول الروسي في البحر المتوسط وحتي لا يأتي نظام يطالب برحيل الروس من سوريا بأكملها, وربما تكون إيران هي الخاسر في هذه التطورات حيث لا تملك القيام بأي عمل عسكري في هذه الضربة, كما أن تطويع النظام يعني في جانبه الآخر مزيدا من النفوذ لائتلاف المعارضة داخل سوريا, وذلك علي حساب النفوذ الإيراني ليس فقط في سوريا, ولكن في المشرق العربي كله, فاستنزاف النظام واستنزاف حزب الله يعني تقويضا للأذرع الإيرانية في المشرق العربي والدور الإقليمي لإيران بصفة عامة. ويشير د. مصطفي اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية والإستراتيجية إلي أن تركيا لها مصالح واسعة في سوريا, سياسية واقتصادية وجيو-سياسية, من الناحية السياسية ومن ثم فهي تسعي إلي إسقاط النظام السوري وتثبيت تركيبة جديدة يهيمن عليها الإخوان المسلمون, وعلي الجانب الاقتصادي تمثل السوق السورية عامل جذب للصادرات التركية, وتهتم تركيا علي وجه الخصوص بمدينة حلب وأسواقها ومصانعها, كما أن الأراضي السورية هي منفذ الصادرات التركية المتوجهة إلي دول الخليج العربي, أما من الناحية الجيوسياسية فتركيا تعلم جيدا أن سوريا هي رمانة ميزان التوازنات في المشرق العربي, وأن التحالف معها يضمن دورا إقليميا كبيرا في المشرق العربي والمنطقة, ولذلك حاولت تركيا علي مدي السنوات السبع السابقة التقرب إلي النظام السوري المتحالف مع إيران, حتي تسحبه بهدوء وعلي نحو متدرج إلي جانبها, فتحسم السباق الإقليمي بين طهران وانقرة لمصلحتها, وبعدما قطعت تركيا علاقاتها مع سوريا وأمدت الجماعات المسلحة بكل صنوف الدعم اللوجتستي, لا يتبق لها إلا الذهاب حتي النهاية في مواجهتها مع النظام السوري,وان استعصاء الحل السياسي بسبب تصارع الأطراف الإقليمية والدولية علي سوريا يعقد مهمة الحل السياسي المطلوب, لذلك فتركيا تؤيد ضرب سوريا لإسقاط النظام, حيث لا قدرة لتركيا في التأثير علي النظام السوري, كما أن السيناريوهات المحتملة في حال سقوط النظام السوري تبدو كلها مواتية لتركيا, وحتي في ظل تقسيم سوريا لا قدر الله- ستكون لتركيا حصتها في الشمال السوري, وفي حال التقاسم الطائفي للسلطة في إطار حل سياسي ما, فسيكون لتركيا حصتها أيضا, ويجب ألا ننسي أن لتركيا حدودا برية طويلة مع سوريا,وللعلم تركيا تخشي من بروز إقليم كردي في شمال سوريا له تماس جغرافي مع إقليم كردستان العراق, وهو ما يهدد بانتقال الطموح التركي إلي منطقة جنوبي شرق تركيا المأهولة بالأكراد, وقتها ستضطر تركيا إلي السيطرة علي مناطق الأكراد في سوريا اقتصاديا, علي غرار ما فعلت في كردستان العراق, وهذا سيعني مجهودا مضاعفا للاحتواء الاقتصادي والأمني,وإذا شعر النظام السوري انه في طريقه للسقوط, فسيستعمل كل ما في وسعه للانتقام, وتبدو تركيا في مقدمة الأهداف السوريا بهذه الحالة, وقد اسقط النظام السوري طائرة تركية علي الحدود المشتركة قبل شهور, وقصف مناطق حدودية بين البلدين, ودبر علي الأغلب انفجار سيارة في الريحانية الواقعة داخل الأراضي التركية, ما أوقع عشرات القتلي. ويشير د.عبد الحليم المحجوب الخبير في الشئون العربية إلي أن الجامعة العربية هي مرآة صادقة للنظم العربية, والواقع القائم علي الأرض يقول إن النظام العربي يعاني من أزمتين بارزتين تتمثل أولاهما في الخلل الكبير في توازنات القوي العربية فيما بين بعضها البعض وفيما بينها وبين القوي الإقليمية والدولية الفاعلة والمحركة للتطور السياسي في منطقة الشرق الأوسط. أما الأزمة الثانية فتتمثل في إصرار هذه القوي الإقليمية والدولية علي توظيف مؤسسات النظام العربي وفي صدارتها الجامعة العربية لخدمة مصالحها الخاصة إلي حد إخراجها عن وظيفتها الأساسية التي وجدت من اجلها ألا وهي خدمة الأمن القومي العربي بكافة أبعاده يبدو ذلك جليا بعد أن اختفت القضية الفلسطينية من موقعها كقضية مركزية في اهتمامات كافة الدول العربية وصناع القرار فيها لتصبح مجرد جولات تفاوضية فلسطينية إسرائيلية ومواجهات إعلامية ومزايدات سياسية علي الجبهات الأخري أو حتي مجرد آلية لبروز قوي جديدة في صدارة المشهد, وبعد هذا( الاختفاء) جاءت ثورات الربيع العربي والتي عبرت بصدق عن حركة الشعوب في مواجهة كافة أشكال الاستبداد وعكست رغبة حقيقية في اللحاق بالعصر وكانت فرصة لهذه القوي الفاعلة لاختبار قدرتها علي الحركة المضادة وفرض تحكمها في مسار هذه الثورات فكان النموذج الليبي الذي قادت فيه الدول النفطية وفي مقدمتها قطر عملية إخضاع الجامعة العربية للإرادة الغربية متسترة وراء مجلس الأمن لحسم الموقف هناك وإزاحة القذافي, بينما حرص الطرفان( دول النفط والغرب) علي الاحتفاظ بالأزمة اليمنية داخل النطاق الخليجي فقط وتحجيم دور الجامعة العربية إلي ادني حد. أما في الأزمة السورية فقد فتحت شهية كل الأطراف لإثارة اكبر قدر ممكن من الفوضي الإستراتيجية إذا صح التعبير لاصطياد المشروع الإيراني والقضاء عليه بصفة نهائية بما في ذلك دور حزب الله وربما يسمح له فقط ببوابة خلفية في العراق ترضي غروره وتشكل ورقة ضغط علي الأوضاع في الخليج تبرر استمرار وتعميق النفوذ الغربي والأمريكي بوجه خاص, والتخلص نهائيا من الجيش السوري وإخراجه من معادلة الصراع مع إسرائيل تمهيدا للتدشين الرسمي والفعلي لما يمكن أن نسميه بالحقبة الإسرائيلية,وترسيخ وتعميق الدور التركي في إطار التحالف الغربي الأوسع وامتلاك أنقرة لدور سيادي بالتوازي مع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط لخدمة الاستراتيجيات الغربية في الأساس, وتحويل الساحة السورية إلي مصدر تهديد لكل الدول العربية دون استثناء بما قد تشهده من وجود لفصائل إرهابية معروفة أو مستحدثة وتقاتل طائفي يتجاوز كل الحدود وغياب الاستقرار السياسي ووجود شكلي أو أجرائي لسلطة ممسوخة للدولة توظف فقط لتنفيذ ما يمليه السيد الأمريكي وأدواته في الإقليم( نموذج أفغانستان), وحتي لا تتورط قوي التحالف الغربي في وجود عسكري مباشر يجعل منها طرفا مباشرا في الصراعات القادمة لا يستبعد أن توكل هذه المهمة للجامعة العربية أو حتي منظمة التعاون الإسلامي لإمداد هذه السلطة الشكلية بأدوات أمنية وسياسية تعينها علي البقاء وتحد من فرص القوي المناوئة الاخري مثل إيرانوروسيا لإفشال المشروع, ومن هنا يمكن أن نفهم ما قد يبدو من استعجال قوي عربية بذاتها للضربة الأمريكية القادمة باستخدام آليات الجامعة العربية, ولايمكن إغفال علاقة عنصر التوقيت لهذا التصعيد المفاجئ في الأزمة السورية بما جري في مصر منذ30 يونيو الماضي وانعكاساته المباشرة علي الترتيبات الأمريكية الجارية في المنطقة والتي تثبت الأحداث أن حكم الإخوان كان مشاركا فيها وداعما لها, فلقد فرضت التطورات المصرية علي صانع القرار الأمريكي أهمية الإسراع في حسم الموقف السوري وفتح طريق التفاوض علي الساحة الفلسطينية حتي دون التمسك بشرط تجميد سياسات الاستيطان التي شكلت عقبة علي مدي السنوات الأخيرة أمام استئناف عملية التسوية. وليس بالمستغرب في ظل هذه الظروف أن تتحول حماس في غزة إلي عدو مباشر ومعلن لمصر ما بعد30 يونيو, وليس مستغربا أن يقف احد قادة ما يسمي بالجيش الحر يهدد بان العمل في الساحة المصرية هو هدفهم القادم ثم يأتي أوباما ليعلن قراره بتوجيه ضربة محدودة حتي دون موافقة الأممالمتحدة, فهل يوجد في الحرب التي تقودها دولة عظمي كالولايات المتحدة ما يسمي بالضربة المحدودة وقد كان أولي بإسرائيل أن تقوم بتنفيذ هذه الضربة كما فعلت مرات عديدة من قبل, لكن واشنطن تقدم علي تنفيذ هذه الضربة التي قد تستغرق عدة أيام. وبالنسبة للموقف المصري ورغم القيود الواردة علي الحركة المصرية في الوقت الراهن وكذا علي بعض القوي العربية الأخري إلا انه من الصعب تجاهل الأخطار العميقة التي ترتبها التطورات السورية علي الأمن القومي العربي ومن ثم المصري في المدي المتوسط, وهو ما يقتضي وبسرعة بدء المؤسسات المصرية بعقد حوار استراتيجي عربي رسميا وشعبيا لبيان حجم الأخطار القادمة, إضافة إلي تحرك رسمي مكثف يضم مصر والسعودية والجزائر والمغرب بهدف تصحيح الأوضاع في الجامعة العربية وإعادة توجيه بوصلة العمل العربي المشترك إلي جانب فتح حوار مع كافة أطراف الأزمة السورية في محاولة للوصول إلي تسوية تبقي علي سوريا الدولة والدور والركيزة المهمة في منظومة الأمن القومي العربي. وعن الشأن السوري يرصد د.نادر عكو المفكر سوري الوضع ويستهل حديثه بهذه العبارة المأثورة للرئيس جمال عبدالناصر قالها بعد انفصال سوريا عن مصر: ( ليس مهما أن تبقي الجمهورية العربية المتحدة, لكن المهم أن تبقي سوريا) فبقاء سوريا علي الساحة العالمية مقرون بعودتها إلي الجمهورية العربية المتحدة, وحتي لا نفقد القدرة علي قراءة الأحداث الحالية المتصارعة علي الساحات العربية بشكل عام وعلي الساحة السورية بشكل خاص, فلابد أن نعيد قراءة صفحات التاريخ التي كتبناها بأيادينا القوية التي حققت انتصارات الاستقلال عن الاستعمار, وفجرت ثورة يوليو1952 وحررت القنال ووحدت مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة, نعم لقد كانت الأيادي قوية لم ترتعش أبدا, لكن هذه الصفحات الناصعة أصبحت منسية حيث تم التعتيم عليها بفعل غادر استطاع اختراق التاريخ العربي من خلال أآقنعة متعددة خبيثة ظاهرها الخير وباطنها الشر, حتي لا تصل الحقيقة إلي أجيال الشباب, بحيث لا يمكنهم أدراك ما يجري حاليا وكذلك لا يمكن معرفة ما تؤول إليه الإحداث من نتائج ايجابية أو كارثية علي الروابط العربية والإسلامية بين مكونات الشعب العربي. ولابد في بداية الأمر أن نعترف بان الازمة السورية ليست أزمة بسيطة يمكن وضع حلول مناسبة لها, بل هي أزمة مركبة تتعقد وتتأزم ويزداد غموضها لتعدد الفاعلين الأساسيين فيها من الظاهرين والمخفيين حتي أصبحت معها التوقعات عصية علي الفكر, فبعد ستة أشهر من حادثة قلع أظافر أطفال درعا في شهر مارس عام2011 ومعالجة هذه الحادثة بالأسلوب الأمني اللا حضاري, دخلت القوي الظلامية إلي سوريا واتخذت من هذه الحادثة قميص عثمان مخترقة مكونات الشعب السوري, ومن هذه القوي الموساد والمخابرات الغربية والعربية ودخلت القوي الإيرانية وحزب الله وجيش مقتدي الصدر, وأصبحت القيادة السورية في حيص بيص حتي ارتمت في أحضان إيران وحزب الله, ولذلك فان الأزمة السورية أزمة مخابرات بامتياز, لكل طرف له مصالحه ويريد أن يصفي حساباته علي الساحة السورية, فمنهم من اتخذ الشعارات الإسلامية ومنهم من اتخذ شعارات المقاومة والممانعة, ومنهم من اتخذ الدعوة إلي تشكيل دويلات شيعية وعلوية وكردية وتركية, أي كل أصبح يغني علي ليلاه وللمخابرات التي يتبعها. فأي معادلة قادرة علي التوحيد ويمكن أن تضع حلولا منطقية لهؤلاء الذين يبحثون عن وحدة الشعب والجيش والقيادة؟ فكلهم متآمرون, والتاريخ يخبرنا بان التقسيم لا يمكن تطبيقه في سوريا لانها ارض واحدة ومجتمع واحد وكانت سلة غذاء للإمبراطورية الرومانية, فهم تآمروا لتقسيم سوريا في بدايات الاستقلال من قبل فرنسا الاستعمارية فرفض الشيخ صالح العلي قائد ثورة الساحل أن تكون للعلويين دولة في الساحل, كما رفض سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية أن يكون للدروز دولة في السويداء وكلهم انضووا تحت لواء دولة واحدة, والأكراد هم جزء من النسيج العربي السوري وقد وصلوا إلي رئاسة الجمهورية ولم يكن لديهم تطلعات انفصالية تذكر حيث امتزج العنصر العربي وغير العربي في بيئة عربية سورية وثقافة عربية مركزية. فالحرب علي سوريا هي حربا تكنولوجية مخابراتية عالية المستوي خطط لها بإحكام, حرب ستمتزج فيها الألوان مع بعضها البعض لكن اللون الأحمر هو الغالب, وستنطلق روائح اللحوم البشرية والحيوانية من الجثث المتفحمة وسيتعانق الإنسان والحيوان في مقابر فوق الأرض لتنهش الطيور أشلاءهم, أنها حرب يوم القيامة في ارض المحشر دمشق.