قبل إنطلاق المرحلة الأولى.. قواعد يجب مراعاتها في تنسيق الجامعات 2025    25 يوليو 2025.. أسعار الذهب تتراجع 20 جنيها    الكويت ترحب بإعلان فرنسا عزمها الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين    «العربي للعدل والمساواة»: موقف ماكرون تجاه فلسطين يمثل تحولًا في الرؤية الغربية    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    الزمالك يُعيّن محمد علاء مترجما لفيريرا    بيراميدز يتجه إلى إسطنبول لمواجهة قاسم باشا    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    إيجابية عينة المخدرات ل 295 سائقًا وتحرير 113 ألف مخالفة مرورية    حريق يلتهم وحدة سكنية في عقار من 4 طوابق بالعاشر من رمضان    مصرع شخصين إثر حادث تصادم أعلى الطريق الإقليمي في الشرقية    فيلمان تسجيليان عن الخيامية والأوانى التراثية بأوبرا دمنهور    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    الدفاع الروسية: تدمير 4 منصات إطلاق لمنظومة "باتريوت" في أوكرانيا    "الإصلاح والنهضة" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز جاهزية الأعضاء الجدد للعمل الانتخابي    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «الرعاية الصحية» : تقديم 112 ألف جلسة غسيل كُلوي بأسوان ب«التامين الشامل»    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    Stray Kids يعلنون عن عودتهم المرتقبة بألبوم Karma (فيديو)    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    محافظ أسيوط يشهد الكرنفال السنوي لذوي الهمم بدير العذراء والأمير تادرس (صور)    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    جامعة القناة تنظم دورة عن مهارات الذكاء العاطفي (صور)    طريقة عمل العجة فى الفرن بمكونات بسيطة    الوقار الأعلى.. أسعار الأسماك اليوم في مطروح الجمعة 25 يوليو 2025    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    بعد تكرار الحوادث.. الجيزة تتحرك ضد الإسكوتر الكهربائي للأطفال: يُهدد أمن وسلامة المجتمع    تقارير: الفتح يستهدف ضم مهاجم الهلال    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    انطلاق مهرجان «ليالينا في العلمين» بمشاركة واسعة من قطاعات «الثقافة»    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    حكم الصلاة خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟.. الإفتاء تجيب    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    حفر 3 آبار لتوفير المياه لري الأراضي الزراعية بقرية مير الجديدة في أسيوط    مصرع وإصابة 14 شخص فى تصادم مروع بين ميكروباص ولودر بطريق الشلاتين    ملحمة طبية.. إنقاذ شاب عشريني بعد حادث مروّع بالمنوفية (صور)    تقنية حديثة.. طفرة في تشخيص أمراض القلب خاصة عند الأطفال    أسعار النفط تصعد وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    أسعار البيض اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    إلكترونيا.. رابط التقديم لكلية الشرطة لهذا العام    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أظلم من ظلم الجامعة العربية لسورية..؟!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 10 - 09 - 2013

أخذت المواقف والتحركات المغرضة والكيدية الصادرة عن الجامعة العربية، تعزز القناعة لدي الرأي العام العربي عموماً والمسلمين خصوصاً، بعدم بقاء أي مصداقية لهذه الجامعة عقب تحولها إلي ألعوبة وأدوات بأيدي أميركا وأوروبا و''إسرائيل'' وتنفيذها الإملاءات الأميركية دون أخذ ورد، الأمر الذي يعكس صورة بشعة جداً لمنظومة العلاقات العربية والاقليمية البينية، وهي مرشحة للمزيد من الانفجارات والكوارث والتناحرات مستقبلا.
والمثير للأسف والألم معاً، هو تساوق هذه الجامعة، مع السلوكيات التصعيدية الغربية والصهيونية في مناوأتها قوي جبهة المقاومة والممانعة، وهو ما يشكل سابقة في منتهي الخطورة علي مستوي رهن مرتكزات الأمن العربي والإسلامي للاستراتيجية الغربية، وانقياد رموز علمائية وفكرية معروفة لما تفرضه احداثيات الناتو وممارساته العدوانية في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب، لتقديم غطاء شرعي للعدوان الأميركي المرتقب علي سورية، برئاسة الأمين العام للجامعة، 'نبيل العربي' تغطية وقحة للعدوان الأمريكي المخطط له في الدوائر الصهيو أمريكية. ومن ثم فإننا لا نري في قرار مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية مخزاة أكثر مما هو عليه.. وطالما وفرت الجامعة العربية الغطاء الوقح والبشع لشن العدوان علي الدول العربية كما حدث من قبل علي العراق 2003 وليبيا 2011 من دون نسيان دورها القذر في تجميد عضوية سورية في الجامعة عام 2012.
إسرائيل قدمت ولفقت، واللاعربي مهد ببيان ''جامعته'' لهذا الجو المشحون ضد سورية.. وبوارج الإمبراطورية تمخر عباب البحار لتتموضع شرق المتوسط، العالم كله يحبس أنفاسه أمام مغامرة أميركية طائشة غير محسوبة النتائج والعواقب، رئيس أميركي يأتي سدة الإدارة تحت شعار وداعاً للحروب، ومازالت رائحة الدم والموت تملأ سماء هذا الشرق من عدوانهم علي أفغانستان والعراق وليبيا، ومالم تقم به إسرائيل فعلوه بألف شكل وشكل.. وهاهم يغرقون في بحر مؤامراتها وأحابيلها.. إسرائيل التي تختزن أكثر من 300 رأس نووي تتحدث عن أسلحة دمار شامل، وأطفال قانا ودير ياسين والمذابح التي سجلها رؤساء حكوماتها المجرمون بأسمائهم مازالت ماثلة للعيان، وكل الدمار الذي زرعته الولايات المتحدة الأميركية في العالم لا يظهر إلا وكأنه بحث عن الحرية.. أي حرية يتحدثون عنها وأي قيم إنسانية.. وملايين الضحايا خلال عقد من الزمن.. وأي قيم إنسانية وتاريخ الولايات المتحدة قام علي الإبادة والتطهير العرقي..؟
وشخصياً، فإني لا أري في العدوان أمراً جديداً، فالإدارة الأمريكية وحلفاؤها، وفي طليعتهم السعودية وقطر وتركيا وبريطانيا وفرنسا، قادوا حرباً ضروساً علي سورية، قيادة وشعباً، منذ سنتين ونصف، ولم يتركوا وسيلة من وسائلهم القذرة إلا نفذوها بوساطة المجموعات المسلحة الجاهلة والمغرر بها والمتعطشة للسلطة، أو بوساطة التنظيمات التكفيرية المتخلفة، أو المرتزقة الذين استجلبوا من أربعين دولة في العالم، بعد أن باعوا أنفسهم للشيطان في سبيل المال وشرعوا يسفكون دماء السوريين ويسومونهم سوء القهر والعذاب.. أو أولئك الفاسدين الانتهازيين الذين نشؤوا علي المتاجرة بقوت البلاد والعباد وشروا المهربين والقتلة بثمن بخس.
كنا نقول قبل سنوات عجاف مضت: إن سياسات الدول العربية ومواقفها وبعض انعكاسات ذلك في مرآة جامعتها قد بلغت قعر الحضيض في التردي، وإنه ليس بعد هذا الحضيض من حضيض..
فالجامعة المستعربة التي تجردت من كل القيم الأخلاقية هللت للأمر علي الطريقة ذاتها عندما استنجدت ب 'الناتو' لتدمير ليبيا، فصدقت الكذبة الكيماوية مع أنها شريكة في صنعها وترويجها، وحملت الحكومة السورية المسؤولية، لتشرعن بذلك أي عمل عسكري محتمل ضدها.
في الواقع، لا يخفي علي المتابع مدي الارتباط الوثيق بين مسلسل الكيميائي والتلويح بالخيار العسكري، بل يبدو الأمر وكأن هذا المسلسل تم الترتيب له مسبقاً لاستجلاب الخيار العسكري، وفي الأساس، كيف يمكن فهم المشاورات الأميركية الإسرائيلية العالية المستوي بشأن سورية والتي سربتها صحيفة 'يديعوت أحرونوت' بشأن احتمال توجيه ضربات عسكرية لسورية والتنسيق المسبق بشأن ذلك؟ وكيف يمكن فهم تحركات رئيس مجلس الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان من موسكو إلي لقاءاته بقادة الائتلاف السوري الذين دعوا الغرب إلي التدخل العسكري؟ وكيف يمكن فهم مجمل التحرك العسكري الجاري علي جبهة الأردن واجتماع قادة عسكريين من عشر دول لبحث الأزمة السورية أمنيا؟ وكيف يمكن فهم استباق الولايات المتحدة كل ما سبق بإرسال العديد من السفن والمدمرات الحربية إلي البحر المتوسط والحديث عن ضربات صاروخية من البحر؟
ويدرك كثير من السياسيين والمعنيين والمتابعين خطورة الوضع وتوسع دائرة العنف إذا ما تفجرت حرب محدودة أو غير محدودة من جراء العدوان الخارجي علي سوريا، ويدركون في الوقت ذاته أن الطبيعة العدوانية للغرب الاستعماري عامة وللصهيونية والولايات المتحدة الأميركية بخاصة لا يمكن لجمها أو إدخالها في النطاق العقلاني القانوني الحضاري الإنساني المسؤول.. فقد اعتادت علي ممارسة الجريمة بذرائع شتي، وأدمنت ازدواجية المعايير، ولم تستيقظ بعد علي حقيقة التغيير الذي يطلبه العالم ويسعي إليه..
وما من شك أن ما يثلج صدر ملوك النفط العربي وأمرائه، هو أن يروا اللحظة التي يستطيعون من خلالها إسقاط العروبة في أي بلد من بلدان الوطن العربي، وعلي رأس هذه البلدان سورية، لا بل يوجد من هؤلاء من يعد كلمة عروبة خروجاً علي الدين الحنيف، ومؤامرة صليبية علي الإسلام، وبخاصة بعد أن طوي الإسلام السياسي أعلام الجهاد فيما يخص القضايا العربية المصيرية، وعلي رأسها القضية الفلسطينية ليصبح في دائرة الرضا الأمريكي.
ويبدو أن بعض أنظمة جامعة 'الناتو' العربية التي أخذت علي عاتقها استكمال المشروع التآمري علي سورية لم تعد تخجل من الافصاح عن عمالتها للصهيونية العالمية، من خلال دعواتها الواضحة والصريحة لتدمير سورية وتخريبها، عن طريق استجداء التدخل العسكري الأجنبي.
عرب جامعة 'الناتو' العربية الذين يطلون علينا اليوم من منبر جامعة مستعربة، يعرفون أن مصطلح التدخل الخارجي هو الوجه الآخر، لعقيدة الاستعمار القديم التي يراد إحياؤها تحت عنوان إسقاط النظام السوري، دون التنبه إلي الكلفة الكارثية التي سوف يدفعها السوريون من لحمهم ودمهم ومواردهم ومنظوماتهم الاجتماعية، بفعل أي تدخل خارجي يستبطن غزواً استعمارياً مجرداً من أي دافع إنساني كما يحاول بعضهم أن يختلق مبرراً لعصفه المجنون، هؤلاء الأعراب الجدد لم يتوسلوا ميزاناً عاقلاً للتحولات الجارية في المنطقة العربية، علي إيقاع نبض الحرية، و إرهاصات التغيير المدني الديمقراطي، لأن هذه التحولات لا تعنيهم، بقدر ما يعنيهم السبيل الانقلابي الذي يطيح بكل شيء دولة وطنية ومؤسسات وفرص حوار، ذلك الانقلاب الأحمق الذي لا يمكن تنفيذه إلا بأيد خارجية، أي بماكينة الغزو، التي ستعمم الفوضي في كل مكان، وفي غبار الفوضي يعتقد هؤلاء الأعراب الجدد، أنهم سوف يجدون مكاناً لهم علي المنصة، لصياغة حكم جديد، يعتمدون فيه كوكلاء مطلقين للغزو والغزاة.
إنها مكيدة تتطابق تماماً مع مكائد الاستعمار التقليدي في القرون الماضية، مثل مؤامرة سايكس بيكو لتقسيم مناطق الشرق الأوسط، وخداع العرب بعد الحرب العالمية الأولي، أو سرقة نفط بلاد ما بين النهرين من الرأسماليين البريطانيين. لكن، هذه المرة، عرب هم من يساعد القوي الإمبريالية الجديدة في خداع واستعمار عرب آخرين.
فعلي مدي السنوات الماضية، برزت جامعة الدول العربية مكونة من اثنين وعشرين عضواً كغطاء مخادع، مفيد للقوي الغربية في سعيها لإعادة رسم الخريطة السياسية للعالم العربي، خدمةً لمصالحها الاستراتيجية الخاصة.
جامعة منسية نائمة بروتوكولية مخصصة للمراسم وللخطابات الرنانة السنوية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وتدعي أنها جامعة بينما في الحقيقة هي مفرقة، وتدعي أنها عربية وثبت بالتجربة علي أرض الواقع أنها ليست عربية صنعتها كما يعلم الجميع أنجلترا ''إيدن'' عام 1945 لإفراغ الوحدة العربية من مضمونها الحقيقي وإبعاد العرب عن أي تفكير أو إيديولوجية عربية وقومية لأمد بعيد!
وبهذا تكون قد دخلت هذه الجامعة في موت سريري وانتحرت انتحاراً جماعياً كما خطط لذلك أساساً بخبث ودهاء مستغلين السذاجة السياسية والعمي الاستراتيجي والتكلس الفكري لحكام 'نادي الملوك العربي' لضرب آخر خيوط ما يسمي بالتضامن العربي، وليكن هذا التصرف الأحمق بمثابة المسمار الأول في نعش جامعة الدول العربية! في وقت تتجه فيه دول العالم قاطبة نحو التكتل ودخول النوادي النووية، بينما يتجه حكام الجامعة الجدد بجامعتهم نحو التشتت والتشرذم والفتنة والتطرف والتقاتل والانتحار الاستراتيجي الجماعي؟! لخدمة وتنفيذ استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها والتي يطلق عليها ب 'الفوضي الخلاقة' ومشروع الشرق الأوسط الكبير أو الواسع.
والمؤلم فعلاً أن هذه الجامعة غير المأسوف علي انهيارها أصبحت فوق ذلك كله شاهد زور لصالح أعداء الأمة العربية! تبرر لهم تدخلهم في شؤون دولنا العربية وتشاركهم في حصارهم وعدوانهم علي الدول العربية وتبارك لهم جهودهم في إمعانهم لتفتيت وتقسيم دولها العربية أكثر مما هي عليه الآن وبأموال عربية نفطية حرام ونجسة، فاتحة الباب أمام عودة عهود الاستعمار الغابرة والبغيضة! كما حصل في العراق وليبيا ولبنان وفلسطين واليمن والصومال والسودان، مصدقين كذبة الغرب والصهيونية التي كذبوها وسموها بالربيع العربي المزعوم لتساهم ولتستمر في الإيغال بذبح وطعن أبناء الأمة العربية من المحيط إلي الخليج؟!
ويبدو أن هناك سباقا محموما في سوق السمسرة السياسية علي سورية وشعبها لا سابقة له، مكانه الجامعة المستعربة حيث يقام المزاد التآمري العلني، أصحابه تجار السياسة العربية المأجورون الذين باعوا ضمائرهم وأخلاقهم في واشنطن وعواصم أوروبية، وأتوا برصيد تآمري كبير ليتاجروا به علي حساب الدم السوري وأمن سورية واستقرارها، وفي مقدمة هؤلاء المتاجرين 'بندر بوش وتميم' اللذان راحا يتباريان في سمسرة العمالة إبان كل جلسة في الجامعة المستعربة أو مجلس الأمن.. بشأن سورية.
يتباري أميرا السعودية وقطر، بتشجيع من أمراء خليجيين، في مزايدة مكشوفة لأخذ دور بارز في المؤامرة التي تتعرض لها سورية، بالتنسيق مع أصحاب المشاريع الأمريكية الصهيونية التي تستهدف المنطقة العربية بعامة وسورية بخاصة، علّهم يحققون من الدخول في هذه المزايدة مكاسب ترفع من مكانتهم الوضيعة وتحسّن من صورتهم القبيحة، الملطخة بألوان العمالة والتبعية للاستعمار القديم والجديد علي حدّ سواء، وتاريخهم يشهد علي ذلك منذ ما قبل الثورة العربية الكبري 1916 وحتي الوقت الراهن، في تعاونهم مع الاستعمار البريطاني القديم ومن ثمّ مع الاستعمار الأمريكي الجديد، وإن لبسوا العباءات العربية البعيدة عنهم في أصالتها وشيمها.
ولمَ لا؟ أليس هذا التستر المشبوه من صفات السماسرة وأساليبهم في الخداع، سواء في السياسة أم في التجارة أم في العمالة مهما كان نوعها؟!
فادعاءات هؤلاء السماسرة بمساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته وأوضاعه المأساوية، هي ادعاءات باطلة في الشكل والمضمون، ولا سيّما التذرع بنشر الحرية والديمقراطية التي يسوّقها لهم أسيادهم، عن طريق التسلح والإرهاب وممارسة القتل الجماعي.
إسقاط ''سوريا'' هي خريطة طريق رُسِمتْ منذ فترة طويلة لتقود في النهاية إلي إسقاط الحكم في إيران. فقدر سوريا الحالي في كونها في عين العاصفة الغربية إنما يعود، علي الأرجح، إلي رفض سوريا الشديد، في فبراير2010 دعوات واشنطن للتفاوض علي إبرام صفقة معها ضد إيران. لكن خريطة الطريق العسكرية الأميركية الغربية تذهب إلي ما هو أبعد من إعادة تقسيم الشرق الأوسط. فكما يشرح ''ميشيل تشوسودوفسكي'' بشكل قاطع في كتابه الجديد ''نحو سيناريو الحرب العالمية الثالثة'' فإن الخريطة العسكرية لواشنطن هي الهيمنة العالمية، أما الجزء الخاص بالسيطرة علي الشرق الأوسط ومناطق آسيا الوسطي الغنية بموارد الطاقة، فهو أمر حاسم في تهميش المنافسين من الوزن الثقيل، روسيا والصين. فالتحالف بين هاتين الدولتين وكل من سوريا وإيران، فقط أعطي هذه الأهداف الحالية زخماً إضافياً لعملية تغيير النظام التي يقوم بها الغرب.
والآن اتجهت جامعة الأعراب باتجاه سوريا قلب الصمود والمقاومة، المتمسكة بالهوية القومية، والدولة الأقدم في تأسيس هذه الجامعة، لتدميرها وإسقاطها، لتعود وقد أسقطت كلمة العربية من تسمية دولتها، لتصبح الجمهورية السورية بدلاً من الجمهورية العربية السورية، وأغلب الظن أن هذا ما يخبأ لمصر، كي تعود إلي ما قبل ثورة يوليو عام 1952 وقس علي ذلك أقطاراً عربية أخري، إذا ما استطاعت أمريكا ومن يغرد في سربها إخماد صوت سوريا القومي، أو إذا ما استطاعت أن تستكمل عملية تحول الحراك العربي الذي ركبت موجته، من ربيع عربي إلي ربيع إسلامي مطوع لإرادتها.
وكان من الطبيعي أن تتوطد العلاقات بين مواقع الخير في الوطن العربي وفي الإقليم بكامله، وهذا أمر خطير ومفزع بالنسبة للاستعمار الغربي، ولهذا المعني حركوا أدواتهم في هذا الزمن وانكشف الدور، فإذا ''بندر بوش'' هو 'القائد' وهو المعتمد، وإذا 'نبيل العبري' قد تحول مباشرة إلي سم زعاف ولسان ماكر، أي زمن أغبر هذا وكيف يحق لمن يرتبط بإسرائيل منذ عشرات السنوات ولمن رهن ثروة البلاد التي استودعها الله في أعماق الأرض وفوق الأرض لصالح الأجنبي ولمصلحة إسرائيل ولنشر الفتنة وتعميم القتل والإرهاب والمسألة جاءت في دورها تماماً، أسفر الساقطون عن وجوههم ولسوف يسفر شعبنا عن قيمه وأصالته ومواقفه.
وما كان للجامعة المستعربة أن تبدي رأياً أو أن تظهر عليها ملامح حراك أو تحرك يسمي الأشياء بأسمائها علي الأقل ويكون من شأنه أن يقول ببساطة إن فلسطين عربية وإن الصهيونية عدو مصيري بالنسبة للعرب وإن الاستعمار الغربي الفرنسي والبريطاني والأميركي هو مصدر للحقد علي العرب، وموقع لا يعرف من العرب إلا أنهم مجموعات بشرية ولابد من تمزيقها، ولابد من السيطرة علي ثرواتها وقبل هذا وذاك لابد من إغراقها في مستنقعات التخلف والجهل والاستهلاك والاقتتال، وما سمعنا صوتاً للجامعة حينما غزا الأميركيون والبريطانيون العراق الشقيق، يومها كانت سوريا وحدها هي التي تحمل الأمانة وتتحمل المسؤولية وتدين هذا الاحتلال وتقف إلي جانب العراق وتغذي المقاومة الوطنية والإسلامية الشريفة وكان الملوك حينها مجرد دعاة ورعاة لجريمة احتلال العراق.
إن الدعوات لعسكرة الثورات العربية وبدعم من جامعة ''الناتو'' العربية يعد سابقة خطيرة من جهة رسمية عربية تشرعن التدخل الخارجي واستباحة الدم العربي وتمهّد الطريق أمام الولايات المتحدة وحلفائها لتنفيذ مشروع ''برنارد لويس'' لتقسيم الدول العربية والإسلامية، ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تعتبر إسرائيل أحد أركانه وركائزه الأساسية، بدل أن تقوم بالدعوة إلي الحوار وتقديم المبادرات لحلّ الأزمة بالطرق السّلمية، وأن يبقي الخلاف داخل البيت العربي، نري استماتة من قبل جامعة 'الناتو' العربية ومن بعض أطياف المعارضة في تدويل الأزمات والثورات العربية وكأنها أصبحت أداة لتنفيذ أجندات خارجية.
فدعاة التدويل وعسكرة الثورة وإمدادها بالسلاح يأخذون البلاد العربية إلي حروب أهلية وطائفية طويلة الأمد، تستنزف البلاد ومقدراتها البشرية والاقتصادية والحضارية، وتدمير البني التحتية، وتدمير كل مؤسسات الدولة وما تمثله، وتعيد البلاد عشرات السنين إلي الوراء وتحويل شعوبها إلي لاجئين ومشردين كما الحالة العراقية، أكثر من مليون قتيل عدا الجرحي واللاجئين وتدمير دولة بمؤسساتها، والحالة الليبية أكثر من 130ألف قتيل باستثناء الجرحي وانهيار دولة وما تمثله، وأننا نرفض أن تتحول المعارضة وتقبل علي نفسها أن تتحول إلي كرقضايات جدد، هدفها الوصول إلي سدّة الحكم ولو علي جثث ووحدة الوطن.
إنها الكولونيالية الجديدة في أراضٍ عربية، بمساعدة جامعة ''الناتو'' العربية. والتجربة الليبية لم تكن سوي 'رداء تدريب' علي القيام بعملٍ ممنهج يجري اليوم تنفيذه بصورة محمومة في سوريا. ولنتذكر أن إدانة ليبيا ونبذها من أعضاء الجامعة في مارس الماضي أعطي الإشارة لحلف الناتو كي يقوم مباشرة بشن هجمات جوية علي ذلك البلد استمرت لسبعة أشهر، ما أدي إلي حصد، في أقل تقدير، مئات الآلاف من أرواح المدنيين.. جريمة لم يتم بعد معرفة حجمها الكامل، بسبب التعتيم الواسع الذي مارسته وسائل الإعلام 'الشركاتي' علي الوضع في ليبيا. لكن من المؤكد، بكل الأحوال، أن جريمة حقيرة، تورطت فيها أيادٍ عربية في سفك الدم العربي، قد وقعت في ذلك البلد.
الصورة الحقيقية هنا تتجلي في المناورة الغربية لاستغلال تململ الشعوب العربية من أنظمتها وتوجيه هذا التململ صوب تغيير الأنظمة التي تعتبرها غير منسجمة مع المصالح الاستراتيجية الغربية. والنظام السوري هو الجائزة الكبري لهذه المناورة. وهذا ليس إلا مثالاً واحداً علي عدم انسجام هذا النظام مع المصالح الغربية. دعمه لمقاومة 'حزب الله' ضد الإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط، هو مثال آخر. لكن، القلق الأكثر أهمية وحداثة بالنسبة لواشنطن وحلفائها، يتجاوز، في الحقيقة، سوريا نفسها، وهو تحالفها طويل الأمد مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
إن سوريا هي مفتاح الشرق ولؤلؤة العرب كما كان العراق بوابة العرب الشرقية، وإن سوريا يشهد لها التاريخ، وقد فككت أزمات دولية وإقليمية وعربية مثلما أوقفت نزيف الدم والحرب الأهلية في لبنان علي عكس أمريكا التي فككت يوغوسلافيا إلي الجبل الأسود والبوسنة والهرسك، ودمرت اليابان في هيروشيما ونكازاكي، واحتلت أفغانستان ودمرت وجزأت العراق الموحد، وفدرلت ليبيا وقسمت السودان..
لقد صدق 'هنري كيسنجر' الأب المعاصر للصهيونية يوم قال بعد حرب تشرين التحريرية 1973بأنه سيجعل المنطقة تغرق في حروب عربية عربية لا يُعرف فيها القاتل من المقتول.. حيث يتم في هذه الحروب العربية المدعومة من حثالات الشعوب وأبالستها وثعابينها من القاعدة، ونصرة وتكفيريين، ووهابيين تحقيق الهدف الاستراتيجي الصهيوأمريكي، وهو استئصال خلايا الأمل من دماغ المواطن العربي وضميره، وذلك عبر القضاء علي ثلاثة جيوش عربية هي الهاجس الأكبر لدي أمريكا وإسرائيل وهي الجيش السوري والعراقي والمصري. وعندها تنام إسرائيل ملء جفونها، ويتحول جنرالاتها إلي صيادي سمك أو منقبين عن آثار سليمان في المنطقة!
ولا شك في أن الجيش العربي السوري يستعد لعدوان قادم، وعليه أن يسعي هو ومن هم معه ممن يمكن أن يشاركوه المسعي لدفع قوة العدوان الغاشمة عن الشعب والوطن والأرض.. وما من شك في أن كل سوري شريف، في أي موقع كان وتحت أية سماء تظله، لا سيما من كان منهم في صفوف المعارضة ولكنها تعني لهم جهداً وجهاداً تحت سقف المصالح الوطنية العليا وسيادة الشعب وسلامة البلاد من الخراب والحفاظ علي العباد من القتل والتشرد والفقر والقهر..
إن الرجعية العربية التي باعت نفسها للشيطان الصهيوني الأمريكي لم تعد هي التسمية الجامعة للعرابين الجدد، وفلسفة الرجعية أضحت في ظل العولمة واحتلال قواعد العدالة الدولية تحت سياسة القطب الواحد وتشريع سياسة قانون الغاب، وصارت التسميات فضفاضة بحيث تشمل ألف باء الرجعية وتقسيم المقَسّم ودعم الصهاينة ومساعدتهم مع أمريكا في ضرب العرب والعروبة ومن ثمّ الاعتراف 'بإسرائيل' كدولة شقيقة مستقلة وتحويل الجامعة العربية الي أداة لتفريق العرب وليس لجمعهم.. واللائحة السوداء تطول وتطول لتغطي وجوههم المزخرفة بفلسفة دراكولا الدم العربي المنسوج حراماً بحرام من قبل تجار الحروب وسماسرة السياسة وتجار الدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.