اتصور ان جزءا كبيرا من الفضل في هذا الصعود المروع للاخوان المسلمين نحو كل مواقع السلطة في مصر يرجع الي الرئيس المخلوع حسني مبارك! فالاخوان منذ تأسيس جماعتهم علي يد حسن البنا عام 1928 كانوا يزعمون دائما انهم ليسوا طلاب سلطة حتي عندما اغتالوا النقراشي باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية عام 1948 وحاولوا اغتيال عبدالناصر في ميدان المنشية عام 1954 ادعوا براءتهم واكدوا انهم بلا طموحات وعندما استخدمهم السادات لضرب القوي اليسارية وسمح لهم بمساحة محدودة علي المسرح السياسي قالوا ان اقصي طموحهم هو مجرد التواجد الرمزي من خلال التحالف مع احزاب اخري مثل العمل او الاحرار او حتي التجمع! ولكن منذ مجيء مبارك الي الحكم عام 1981 اتاحت مواقفه وسياسته الداخلية والخارجية الفاشلة الفرصة التاريخية التي انتظرها الاخوان للتقدم نحو صدارة المشهد السياسي تمهيدا للانفراد بالسلطة ساعدهم علي ذلك غيبة وسلبية القوي السياسية المستنيرة. وطوال ثلاثين عاما استثمر الاخوان سياسات مبارك الكارثية والتي حولت غالبية المصريين الي فقراء ومعدمين فتحركوا بينهم ببرامج الرعاية الاجتماعية وقدموا العلاج والطعام والكساء ليصبح هؤلاء بعد ذلك هم القاعدة العريضة التي يستند اليها الاخوان في تنفيذ مخططهم للاستيلاء علي السلطة بزعم ان اصوات الناخبين وحدها هي الديمقراطية وهو ما وصفوه في الاستفتاء الاخير علي الدستور بغزوة الصناديق. وكانت سياسة مبارك الخارجية التي اهدرت كرامة ومكانة مصر فرصة اخري استغلها الاخوان لاستقطاب المزيد من المؤيدين حتي من بين العناصر الوطنية الليبرالية التي تعاطفت معهم ايضا في مواجهة ما نالهم من تعسف وظلم وصل الي حد اعتقال عشرات الالوف من الاخوان ومحاكمة كوادرهم امام محاكم عسكرية بتهم واهية او ملفقة.. وحتي عندما حاول مبارك احتواء الاخوان ومنحهم 88 مقعدا في برلمان 2005 جاء ذلك بعد فوات الاوان وبعد ان توحشت الجماعة سياسيا الي الحد الذي دفع مبارك نفسه للاعتراف بقوتهم عندما طرحهم امام الداخل والخارج باعتبارهم البديل الوحيد لنظامه علي أمل ان يؤدي ذلك الي دعم موقفه امام مواطنيه والعالم.. وبعد الثورة ادرك الاخوان تماما قواعد اللعبة فدخلوا في هدنة مع القوي السياسية الاخري في مصر بما في ذلك الثوار ودعاة الدولة المدنية بل والاقباط ايضا وفي نفس الوقت فتح الاخوان قنوات سرية ومعلنة للحوار مع القوي الاقليمية والدولية اكدوا خلاله للامريكيين بوجه خاص خضوعهم لشروط التعامل معهم وهي نبذ العنف والديمقراطية وتهدئة النبرة المناهضة لاسرائيل واعتبر الاخوان هذا الخضوع نوعا من المرونة والبراجماتية السياسية التي لا تتطلب بالضرورة تغيير قناعاتهم الاساسية!. هكذا تحالف الاخوان مع الثورة في البداية ثم باعوها وتعهدوا باقتسام السلطة مع القوي الوطنية ثم نقضوا العهد وتحالفوا لفترة مع المجلس العسكري ثم انقلبوا عليه.. واخيرا، جاء ترشيح الاخوان لخيرت الشاطر رئيسا لكي يقلبوا المائدة علي الجميع وليصبح اللعب علي المكشوف من خلال استغلال الوسائل الديموقراطية للوصول للديكتاتورية وهي نفس اللعبة التي لجأت اليها الاحزاب النازية والفاشية في اوروبا. الحقيقة واضحة ايها السادة.. الاخوان قادمون.. الا اذا!!