مها عبدالفتاح موضوع الجنسية الامريكية لوالدة مرشح الرئاسة حازم أبواسماعيل استغرق وقتا غير قصير وانشغالا غير قليل وهذا الموضوع يستحق ... صحيح معظم دول العالم تسمح لأبناء المهاجرين اليها بأن يترشحوا للرئاسة طالما ولدوا علي أرض الدولة التي صارت وطنا لهم مثل "بركة حسين أوباما " الشهير بباراك اوباما، ومثل نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا، وأبوه الذي هاجر من المجر الي فرنسا حيث ولد ابنه نيكولا .. انما موضوع مرشح يحمل جنسية أخري حتي ولو تخلي عنها فهو وضع غير مقبول ان كان الترشيح للرئاسة... فاما الجنسية الامريكية بالتحديد فان لها حساسية وتحفظات خاصة ما أحسب أن دولة أخري تتغاضي عنها اذ ان الولاياتالمتحدة ربما هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقسم فيها الحاصل علي الجنسية ان يكون الولاء لها وقت اللزوم وليس لغيرها .. أي يردد انه لو حدث تعارض بين مصالح الدولتين فان عليه أن يقدم ولاءه الي الولاياتالمتحدة وليس لموطنه الاول او الوطن الام ... Pledge of Allegiance هذا هو قسم المواطنة الامريكي وهو من طقوس الحصول علي الجنسية، و تلك الفقرة بالتحديد أعرف انها منعت مواطنين مصريين عديدين ممن عاشوا لعقود في امريكا وما يزال منهم هناك من يعيشون الا أنهم امتنعوا من تلقاء انفسهم عن طلب الجنسية، واكتفوا بالبطاقة الخضراء -جرين كارد - التي تتيح لهم مزاولة العمل في الولاياتالمتحدة والبقاء فيها ما شاء لهم، ولا تتيح فقط الحق في حمل جواز سفر امريكي ولا التصويت في الانتخابات .. انما الحصول علي جواز السفريحق له بعد مضي عشر سنوات من حيازة البطاقة ... وليس معني هذا ان ننال من احد أو نوازع وطنيته الاولي بأي نحو .. فمن اختاروا بملء ارادتهم أن يتجنسوا بجنسية أخري أو بالجنسية الامريكية فهذا حقهم الذي لا جدال فيه ولا لوم بل هو من الحقوق المكفولة للانسان ... ولكن عندما يجيء مثل هذا المواطن مزدوج الجنسية ليترشح أو ليرشحه أحد رئيسا لمصر فهنا من حقنا - كرأي عام - ان نعترض ونقول له قف ... احب وطنك الام كما تشاء ، ليس لأحد ان ينتقص من وطنية أحد اويقيسها ويحدد وزنها بمعيار، ولكن أن تترشح للرئاسة فلا حتي ولو أسقطت جنسيتك الاخري .. يكفي أنه في يوم ما في لحظة بعينها وضعت يدك اليمني علي قلبك ونطق لسانك بمثل هذا القسم ... ولذا في تقديري ، علي عكس ما قد يعتقد الآخرون، أن المشرع قد أحسن التقدير بمنع من يحمل جنسية أخري من الترشح للرئاسة .. أو من يكون ابنا لأب أو لأم اختارت لأي سبب كان ان تحمل جنسية أخري ولو لأيام واضطرت أن تقسم بمثل هذا القسم ...انها مسألة احساس داخلي وولاء حميم ملتصق يقبل باشياء ويمتعض او يرفض غيرها . صحيح نعيش عصرا تكاد تنمحي فيه حدود الدول وتتداخل، بل يكاد يكون الحصول فيه علي أكثر من جنسية هو لون من الوجاهة او دليل علي تفوق او مهارة ... حسن ولكن تبقي وستبقي لمواصفات رئيس الدولة خصائص لابد أن تحافظ عليها الدول وفق رؤيتها وتقديرها للأمور والا تتحول الي سداح مداح (الف رحمة يا أستاذ بهاء). لا أحد متأكد حاليا بما سيحدث لحكم مصر . واضح أننا معشر عموم المصريين الاحرار، ابتغاء منا للديموقراطية والتعددية وتداول الحكم، آلينا علي أنفسنا أن نحتكم الي صناديق الانتخاب ونتقبل ما يسفر عنها .. هكذا تقبلنا حكم "الجماعة " - الاغلبية الحالية - رغم ان الانتخابات في حد ذاتها قد لا تأتي بالضرورة بمن هو أصلح للحكم .. ثم ان الديموقراطية لا تكون لمجرد أن يكون الحكم للاغلبية ، بل الديموقراطية تكون بقدر حفاظ الاغلبية علي حقوق الاقلية .. كما أن محك الديموقراطية ليس في مجرد انجاز انتخابات نزيهة بل المحك أن تكون هناك انتخابات ثانية ...! عموما .. عيون العالم موجهة الي مصر كالمعتاد تنظر لحالة قائمة بذاتها و الي ما ستؤدي اليه هنا الاحوال ربما لتدرس كنموذج فيما بعد .. فالوضع لدينا يطرح تساؤلات مثيرة : ماذا لو ان بعد مثل هذه الانتخابات الديموقراطية النزيهة فاذا بمن اختارتهم الاغلبية اتجهوابحكمهم الي خرق مبدأ أو مباديء من حقوق الانسان ..؟ ماذا لو اختاروا نبذ قيم والوان من حياة متعارف عليها ودخلت حيز الحريات الانسانية او الشخصية وصارت مقبولة ومتفق عليها .. ثم جاءت الاغلبية بحكم انها جاءت بأصوات الاغلبية وقررت تغييرأو تعديل أو تبديل بعض من حرياتنا الشخصية وحقوقنا الانسانية والأولية أو اتباع نهج أو مناهج يرونها - هم - ولا نراها نحن ولا نريدها؟ .. لا احد يستطيع ان يتنبأ في هذه المرحلة ان كان حكم الاخوان هذا سيكون ناجحا أم فاشلا و.. لأي درجة من النجاح او الفشل بل ولا أي ايديولوجية سيتبعون أعني اقتصاديا - اجتماعيا .. وهل من معايير الديموقراطية لديهم ، هي ذات المتعارف عليها عالميا، ولأي حد سيختلف حكم الاخوان عن ألوان الحكم التي عرفتها مصر عبرتاريخها الحديث؟ ها هي انتخابات رئيس الدولة تسبق هي الاخري ارساء الدستور الجديد، لذا نجد حملة انتخابات رئاسية ويا للعجب حملة تكاد تقوم علي لصق صورالمرشحين كأننا في مسابقة اختيار المرشح الاكثر الحاحا علي الناخبين، ثم لا مانع من بعض اخبارهم اليومية من باب الاجتماعيات والقيل والقال وبعض دردشات فضائية انما مناظرات؟ مقارنات؟ استجوابات ومناقشات وتحدي الفكر بالفكر؟ العفو، نحن الناخبين لا نعرف كيف يري هذا المرشح حلولا لمشاكلنا المزمنة ولا كيف يدرك ويعبر ويفهم أحوال الكون .. طبعا لن نعدم من يقول لنا ان المرشح سيجيء بمن يعرف ويحيطه بما يريد أن يفهمه، وهنا ليس لابد ونقول - معذرة - أن يخرس وعلينا العوض فيك يا مصر! هل يعقل أن احدا من المرشحين للرئاسة لم يتقدم ببرنامج محدد ليناقش علنا علي أساسه؟ من قبل الانتخاب؟ كيف نقرر من الذي سننتخبه بدون ان نعرف كيف يفكر ويعبر ويفهم؟ .. علي كل لهم العذر، فهم مترشحون لا يعرفون بعد مدي سلطاتهم ولا حدود تعاملاتهم ولا حتي مدة صلاحياتهم في الحكم ! حقا مصرنا مليكة في العبر!