صعب أن تكتب بأعصابك. لكن أصدق الكتابة ما يدفعها الانفعال!. يوم أمس سقط منا شهداء جدد في هجمات منسقة علي مواقع عسكرية وأمنية. هذه الهجمات ليست الأولي وقد لا تكون الأخيرة. ليست مفاجئة ويجب ألا تكون، لكنها صادمة بحجم خسائرها، أياً كانت الخسائر في صفوف الإرهابيين. هذه المرة كانت الهجمات أقرب إلي العمليات النظامية منها إلي أعمال حرب العصابات. الحرب التي نخوضها منذ ثورة الثلاثين من يونيو أقسي وأشد من أي حرب خضناها. آخر عهدنا بالحروب، كان في سنوات الاستنزاف وأيام حرب أكتوبر التي استغرقت 22 يوماً. حينئذ كان مسرح العمليات محصوراً في جبهة القناة وسيناء. كان العدو معروفاً بالتفاصيل، وكانت أدوات القتال محددة وتكتيكاته محفوظة عن ظهر قلب. الآن نخوض حرباً مختلفة. ليست حرب تحرير أرض، إنما حرب بقاء دولة. مسرحها هو التراب المصري بأكمله في سيناء والعاصمة والوادي، وصولاً إلي الحدود الغربية، وقد يمتد المسرح إلي الحدود الجنوبية. البعض يتصورها مباراة في كرة القدم يشاهدها من المدرجات أو شريط سينما يتابعه علي الشاشة محدد البداية والنهاية.. والبعض يظن انه بمنأي عن الحرب أو أن له ملاذات متوافرة في دول أخري يحمل جوازات سفرها ويستطيع الذهاب لها حاملا أمواله!.. وما أخيب هذه التصورات وتلك الظنون. *** هذه الحرب مفتوحة، أهدافها ليست وحدات عسكرية أو رجال جيش وشرطة فقط وإن كانوا في صدارة الصفوف. الأهداف هي مقومات الدولة ورموزها بالتفجير والاغتيال، والغاية هي هدم الدولة المصرية. في الثلاثين من يونيو، استطعنا تعطيل، مخطط الدولة المصرية، لكن القوي الدولية والاقليمية التي وضعته وجماعات الكفر التي تنفذه وعلي رأسها الإخوان المسلمين وحلفاؤها ومن خرج من رحمها، يشنون هجوما مضادا لمواصلة المخطط والمضي في تنفيذ المؤامرة. لا نعرف متي تنتهي هذه الحرب ولكننا نعلم أننا سنخوضها شعبا مصطفا عازما علي الخلاص. في الحروب السابقة كنا نأمل في النصر لتحرير تراب وأرض، لكننا في هذه الحرب نثق أننا منتصرون حتما، فالهزيمة معناهأ زوال الدولة المصرية. ومصر الدولة باقية لاتزول! *** لن أخوض في أسباب ما جري قبل يوم من ذكري ثورة 30 يونيو وهو اغتيال النائب العام، أو غداة الذكري وهو هجمات شمال سيناء. فاستخلاص الدروس والعبر مهمة أجهزة الأمن وجهات القوات المسلحة. ولن أستطرد فيما هو معروف بان اختيار التوقيت مقصود به تحويل أفراح المصريين بذكري ثورتهم علي نظام حكم الاخوان الفاسد الفاشي إلي سرادقات عزاء. لكن هناك بعض نقاط أود أن أسلط عليها أضواء، حتي لاتغيب في ظلال أحداث وأحزان: أولا : هذه العمليات هي حلقات في سلسلة قد تشمل تنظيم محاولات لاغتيال قيادات سياسية وعسكرية وشرطية وقضائية وشخصيات إعلامية، بالتوالي أو التزامن، ومن ثم ينبغي إعادة النظر في ترتيب إقامات القيادات السياسية والقضائية في أماكن مؤمنة بحراسات الجيش أو الشرطة وتغيير مسارات تحركها. ثانياً : أتوقع بعد إفصاح الرئيس عن احترامه لأحكام القضاء بالإعدام والسجن المؤبد، أن تحاول جماعات الارهاب اقتحام السجون وعلي رأسها سجن طرة، لإخراج قيادات الاخوان وربما قتل بعضها وعلي رأسهم محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمد مرسي، لإحراج النظام أمام العالم. لذا لابد من تفريق رموز الارهاب السجناء والمحبوسين في سجون شديدة الحراسة. ثالثاً : شاهدت ولعلكم شاهدتم شريط الفيديو الذي يظهر محمد مرسي وهو يشير بعلامة الذبح إلي زملائه في أعقاب معرفته باغتيال النائب العام، وأكاد أجزم أن تخطيط وتدبير عمليات الاغتيال والتفجير والهجمات، وراءه قيادات الإخوان السجينة، التي ترسل تعليماتها وأوامرها إلي قواتها عبر خطوط اتصال من الزائرين وأظن أن منع الزيارات نهائياً عنهم هي أبسط إجراء في مجموعة إجراءات لازمة، منها إخضاعهم للتحقيق والاستجواب بوسائل حديثة تفك عقد ألسنتهم. رابعاً: لا تساهل في منع مظاهرات جماعات الإخوان التي باتت أماكنها محددة ومعروفة في مدينة أكتوبر ومنطقة فيصل والمطرية والحي الثامن بمدينة نصر، ولا رحمة في التصدي لها بكل ما يكفله القانون من وسائل لقوات حفظ الأمن. فجزء من عناصر كسب الحرب هو كسر إرادة الخصم ولاشك أن تحطيم عزيمة الإخوان وحلفائها، هو منع عناصرها من التظاهر بكل الادوات المتاحة، جنباً إلي جنب مع ضرب ميليشيات الإرهاب في سيناء. خامساً: نحن مقبلون علي مناسبة عزيزة علي كل الوطنيين من المصريين، هي افتتاح قناة السويس الجديدة. ومن ثم علينا أن نتوقع من أهل الخيانة والكفر، محاولة لافساد هذه المناسبة، قبلها أو مع حلولها، بعمل يستهدف العاملين بها أو حركة الملاحة حتي لو كان محدوداً بغرض التأثير الإعلامي. وبالتالي فإن اليقظة والتحسب ورفع درجة الاستعداد هي أولي واجبات جهات الأمن والجيش. سادساً: هناك إجراءات تأخر وقت اتخاذها في سيناء، منها الإخلاء التام للمربع من رفح شرقاً إلي العريش غرباً، ومن العوجة إلي جبل الحلال. ليتسني للجيش المصري العمل بحرية في تصفية أوكار الارهاب دون خشية سقوط مدنيين أبرياء من أهلنا في سيناء. سابعاً: يد القوات المسلحة يجب ألا تبقي مغلولة عن استهداف مراكز تدريب وتجميع العناصر الإرهابية خارج سيناء. *** إنها حرب طويلة ممتدة، وحتي نختصر أمدها، فلابد أن يكون سلاحنا هو الاصطفاف، ونهجنا هو الردع. وليكن الدم بدماء، والقتل بتقتيل، والروح بأرواح. وفي مواجهة الإرهاب والإرهابيين: «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ».