سبق أن عرضت منذ نحو ثلاث سنوات تلخيصا لمضمون أولي ثلاثية أساطير إسرائيل السياسية ذلك الكتاب الذي فجر أركان بنيان الدوائر السياسية في إسرائيل وأثار السخط الشديد والضجة الكبري وعوانه « متي وكيف اخترعوا الشعب اليهودي «... لمؤرخ إسرائيلي سابقا شلومو ساند ( أو زاند كما ينطقونها ) الذي أعلن من لندن العام الماضي استقالته من جنسيته الإسرائيلية بل من اليهودية ذاتها لو كانت رابطة بإسرائيل التي وصفها « بأكثر مجتمعات الغرب عنصرية حسب نص تعبيره مستطردا : والأفظع أنهم لا يدركون ذلك « ! ونشرت ذلك الصحف البريطانية دون الصحف الأمريكية ! ومضمون الكتاب في جملة واحدة أن الشعب اليهودي هذا محض اختراع سياسي ليوجد ذريعة تبرر إقامة دولة ! اليوم نقدم مضمون كتابه ثاني الثلاثية الذي صدر العام الماضي بعنوان « اختراع وطن « ويبحث متسائلا عن المكونات التي تربط بين شعب ووطن فلا يجد أي عنصر مشترك للإسرائيليين غير اليهودية، ثم يدلل تاريخيا أن الدين وحده لا يتكون منه وحده شعب بالمعني لشعب وبدليل المسيحية والإسلام فهما شعوب وشعوب.. فأما اللغة العبرية فهي لغة الصلاة، ولم تكن للتخاطب.. و(اليديش ) لغة الاشكناز وهم اليهود الأوروبيون سلالة قبائل الخزرج التي اعتنقت اليهودية.. ويتساءل ما هو رابطهم إذن ؟ الصهيونبة ؟ إنها مجرد ذريعة سياسية تبرر إقامة دولة ! في كتابه الثاني اختراع وطن هذا يقدم المؤرخ المشهور عالميا الإسرائيلي سابقا شلومو ساند ( أو زاند كما ينطقونها ) الدلائل التاريخية التي تهدم الاختراع الثاني للصهيونية، من بعد اختراع شعب، كيف اخترعوا وطنا ! يقول هذا المؤرخ إن تعبير « أرض إسرئيل « يكاد لا يأتي له ذكر في التوراة فاذا ذكر فما يتضمن لا القدس ولا الخليل ولا بيت لحم.. فإسرائيل في الإنجيل هي سماريا ( شمال إسرائيل ) وما وجدت مملكة تضم جوديا وساماريا، ولا عرف التاريخ مملكة وعد بها الرب لليهود وليس هذا بأكثر من جدال يتردد ولا يتوقف بغرض المطالبة بدولة يهودية بعد أكثر من ألفي عام...» «.. وما يرد في الكتاب المقدس العهدان القديم والجديد إنما يوضح من هم الذين قادهم موسي من اليهود... فأما المعني المقصود بأرض إسرائيل فقد أبقوا عليه حتي اليوم دونما تحديد... إذ توجد دولة معترف بها دوليا تسمي إسرائيل وحدودها محددة دوليا بالخط الأخضر لعام 1967، وهو في حد ذاته نتيجة لتوسع ناجم عن حرب 1948.. إنما واقعيا حدودها هذه تتوقف حسب الذي يتكلم، فتكون حدودها للبعض تشمل الضفة الغربية كاملة، ولغيرهم ممتدة حتي الأردن، ولغير هؤلاء وأولئك ما هو أبعد كثيرا لدي من يقولون إن الرب قد وعد إبراهيم وسلالته الأرض من نهر مصر النيل إلي الفرات ولربما شملت لديهم بعضا من تركيا وسوريا والعراق...» !! يستطرد المؤرخ في كتابه كل هذا « مع أن في اليهودية لا توجد توصية بالعودة إلي أرض إسرائيل أو أرض الميعاد كما يتقولون فما يعرف بطقوس العودة العام القادم إلي القدس فهي جزء من طقوس صلوات عيد الفصح اليهودي باسوفر ولم تعن أبدا دعوة لإعادة بناء وطن أو دولة ! من مضمون هذا الكتاب « اختراع وطن» أن الذين أرادوها « عودة « لليهود إلي الأرض المقدسة في القرن التاسع عشر كانوا معظمهم من طائفة مسيحيي الصهيونية Christian -- Zionism وليسوا من اليهود، ويقدم المؤرخ ساند نموذج اللورد شافتزبيري عضو حزب المحافظين البريطاني الذي ساهم في إصدار عدة قوانين في النصف الأول من القرن التاسع عشر ولم يأل جهدا في دفعها لتعزيز الدعوة إلي تواجد يهودي في فلسطين ويصفه المؤرخ ساند بأنه بمثابة هيرزل الإنجليزي الذي سبق هيرزل اليهودي. فهذا اللورد الإنجليزي هو الذي صك العبارة المشهورة «بلاد بدون أمة وأمة بدون بلاد» (يقصد فلسطين !!) تجد في كتاب اختراع وطن أن «... من سخريات التاريخ معرفة أن الصهاينة الأوائل وغالبيتهم ممن يوصفون بالعلمانيين والاشتراكيين كانوا يتشدقون بعبارات وأسانيد دينية بحت ليعززوا أغراضا سياسية بحت... »! أول الثلاثية اختراع شعب يدلل تاريخيا علي عدم وجود شعب يهودي وإنما هذا اختراع سياسي فأما رواية طرد الرومان ليهود فلسطين فلم يحدث بتاتا لأنه ليس في تاريخ الرومان أن قاموا بطرد أمة بأسرها إنما الذين خرجوا في عهد الرومان من يهود فلسطين كان باختيارهم ومن بقي منهم اعتنق الإسلام مع مجيء العرب فهؤلاء تاريخيا هم أسلاف الفلسطينيين الحاليين...» اكتملت الآن ثلاثية هذا المؤرخ شلومو زاند بكتابه « اختراع اليهودي العلماني « ربما عرضنا له فيما بعد... من تجربتي المهنية وجدت أن كافة العمليات الإسرائيلية المخفية والسرية، سواء من تاريخية أو عصرية لا يقدر للعالم أن يعرفها إلا عن طريق إسرائيليين.. لذا في قضية الفلسطينيين والصراع مع إسرائيل أركز من حيث التوصل للمعلومة علي أحد سبيلين : إما رأي عين من الشاشة الصغيرة، أو آراء وكتابات ليهود من ذوي الضمائر الحية أو إسرائيليين تحرروا ومن خارج السرب ! ................................................................................................. ( في كتابه الثاني اختراع وطن يقدم المؤرخ المشهور عالميا الإسرائيلي سابقا شلومو ساند يهدم بالدلائل التاريخية الاختراع الثاني للصهيونية من بعد «اختراع شعب» كيف اخترعوا «وطن» ! )