قم يا أستاذ، لايزال هناك وقت لكتاب، ما ألم بك لا يعجزك، ستقف ثانية إن شاء الله الأستاذ هيكل يتعافي في « لندن « من كسر في الفخذ إثر سقوطه علي الأرض في منزله بالغردقة، أخشي علي الأستاذ من كسر «مفصلي» وشرائح ومسامير، في هذه السن المتقدمة، صلوا من اجل عودته وأكثروا من الدعاء. كل كلمة طيبة هي وردة في حجرة الأستاذ ترفع معنوياته، وكل صلاة ستصل حتماً إلي مخدع الأستاذ تخفف عنه آلامه، وكل دعوة طيبة من رجل صالح ستعينه علي الشفاء، الأستاذ مريض، لكنه أقوي من الزمان. الأستاذ يحاول الوقوف علي قدميه الآن، يعافر، من المعافرة، يقاوم، قم يا أستاذ، يا من اعتدت الوقوف كالنخيل في مواجهة الإعصار، دعوات صالحات بالشفاء، وصلوات من محبين، وقلوب طيبة تهفو، تحف مخدعك، لا يحزنك شماتة الإخوان والتابعين، سيرد الله كيدهم في نحورهم.. آمين. قم من رقاد، كما قمت أول مرة بشفاء مبين من سرطان لعين، ليست أولي العثرات، قصة الأستاذ مع المرض طويلة، لا يتخفي الأستاذ من مرض عضال، شجاع في الاعتراف، السرطان اللعين أصابه مرتين، وانتصرت إرادة الحياة في نفس الأستاذ. عندما كان يتألم وحده في بلاد غريبة (في كليفلاند الامريكية) كنا نسمع عجبا عن معركته مع السرطان، كان يقاوم ببسالة الوحش الضاري، سقط شعره.. ولم يتخف، ولم يخر، ولم يهن، ولا لانت عزيمته، كنا نتسمع أخبار مرض الأستاذ من المحبين، لا يشكو جهرة ولا يتبرم علانية، ولا يجاهر بمرضه تجارة أو استدراراً للعطف أو طلباً للعلاج. هيكل يتكتم معركته مع السرطان إلي الان، تكتمه علي مشروع كتاب جديد قبل أن يطرحه في الأسواق، أتوق إلي سطور الأستاذ يسجل معركته مع السرطان، قم يا أستاذ، لايزال هناك وقت لكتاب، ما ألم بك لا يعجزك، ستقف ثانية إن شاء الله، لو كتب الأستاذ قصته مع السرطان بقلمه السيال لألهم ضحايا هذا المرض اللعين درساً في التشبث بأمل الحياة، والصبر علي البلاء، والابتلاء، والامتثال لتعليمات الاطباء. هيكل خاض واحدة من أشرس حروبه مع السرطان، تتعدد حروب هيكل السياسية والصحفية متسلحاً بقلمه، يسجلها جميعا، لكنه لم يجرب تسجيل معركته الظافرة مع السرطان، نادراً ما ينهزم السرطان، لكن هيكل انتصر، وسينتصر، وسيقوم مستنداً إلي عصاه، الشفاء من عند الله. لست من المريدين، ولا من الدراويش، ولا أزعم خصوصية، ولم يدعني الأستاذ إلي جلسة استماع سياسية، ولم اتلق مكالمة صباحية من تلك التي ينثرها كالورد المفتح علي خاصته، الخاصة الهيكلية، لست بطالب ولا مطلوب من الأستاذ، وكتبت مرات في نقد الأستاذ، ومرات أقل في حب الأستاذ، ليس افتناناً، ولكن إجلالاً وإكباراً للقامة والقيمة والمهنية. هيكل مدرسة تمشي علي قدمين في صفحات التاريخ الطويلة، بتؤدة وتمهل تمكنه من التعمق والإتقان، حضوره مضرب المثال، دوما حاضراً حتي في مرضه، والحضور الهيكلي عادة مشع، بهياً من البهاء، يشع من بين عينيه بريق يخترق القلوب تهفو إليه، والأنظار تتعلق بسكناته وحركاته، قم من رقاد يا استاذ.. عافاك الله.