د. محمد ابو الفضل عبدالرحمن الأبنودي كان صديقا عزيزا وكان له أمنية طلبها مني ان يعقد مؤتمرا للشعر العامي في إحدي الجامعات وعرضت الفكرة علي رئيس جامعة جنوب الوادي الدكتور عرفات كامل الذي تحمس كثيرا ومحافظ قنا اللواء صفوت شاكر وعقد أول مؤتمر لشعر العامية في جنوب الوادي في 98 ورأسه عبدالرحمن الابنودي وحضر معه معظم شعراء العامية مصر وكانت البحوث جادة وكان الأبنودي رئيسا للمهرجان وكنت امينا له وفي هذا المهرجان قرأ عبدالرحمن الابنودي قصيدة «ياامنه» وبكي لأول مرة وهو يلقي قصيدة «ياامنه» في محافظة قناة. ثم ذهبت معه إلي ابنود واصر أن اذهب معه إلي قبر المرحوم امل دنقل وهناك بكي عبدالرحمن للمرة الثانية. وانا اظن ان موهبة عبدالرحمن الابنودي الشاعرية والبحثية هي موهبة قل ان تجدها في قرن من القرون وقبيل اسبوع تقريبا توفي الاديب الالماني جونترجراف وكان اجمل ما في هذا الاديب الالماني انه كان لا يترك اي مناسبة سياسية دون ان يقول رأي فيها واظن ان عبدالرحمن الابنودي كان يمثل ضمير الأمة العربية ثم انه قد قام بدور فشل فيه معظم الشعراء وهو توصيل الشعر إلي الجمهور لان هناك هوة كبيرة ما بين الشعر والشعراء من جهة وبين الجمهور من جهة اخري عبدالرحمن جعل الشعر علي السنة الناس علي اختلاف ثقافاتهم ومشاربهم وجعل الانسان السبيط يري الشاعر الذي يعبر عن اماله وآلامه ولقد شاهدت أمسية شعرية له في ابوظبي ورأيت كيف يعشق العرب شعره بل يحفظون معظم اشعاره وقد اوتي الابنودي موهبة الالقاء وقال لي مرة انا لا أقرأ شعري في اي امسية إلا اذا كان جمهور هذه القاعة بين اصابعي.. كما انه علي الجانب الشخصي كان ودودا و فكاهيا وعندما اطلق اللواء عادل لبيب عندما كان محافظا لقنا اسمه علي احد الشوارع ضحك الابنودي قائلا لقد ذهبت لكي اري لافتة اسمي علي هذا الشارع فوجده شارع عبدالرحمن الابنودي المعتقل سابقا وكان يمازح المحافظ قائلا لم نجد سوي هذا الشارع. ان عبدالرحمن الشاعر المتفرد ومؤلف الاغنية التي يرددها الناس هو الذي سيبقي كما ان جمع السيرة الهلالية التي رواها العرب تعد بمثابة تاج جمعه وعلي نفقته الشخصية وسافر طويلا في القري والنجوع لكي يجمع هذا التراث والذي لولا جمعه لضاع معظمه.