يواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم تحديات هائلة قبيل الانتخابات العامة المقررة في يونيو المقبل.بعد ان تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي في تركيا عام 2014 إلي 2.9% مسجلا 1.75 تريليون ليرة (800 مليار دولار) مقارنة ب4.4% في 2013،طبقا لأحدث البيانات التي تشير إلي بقاء الاقتصاد ضعيف نسبيا هذا العام، بعد انخفاض الصادرات والواردات في فبراير بنسبة 6% و7.2% علي التوالي.. وقد أدي الكشف عن بيانات اجمالي الناتج المحلي إلي انخفاض سعر الليرة بنسبة 0.25% مقابل الدولار ليصل سعر العملة المحلية إلي 2.61 لكل دولار وهو اقل من الانخفاض القياسي 2.65 في منتصف مارس. وبحسب تقرير مؤسسة هيرتج، تراجعت تركيا علي مؤشر الحريات الاقتصادية بواقع 1.7 نقطة في 2015 وسجلت 63.2 نقطة لتحتل المرتبة ال70 بين دول العالم علي مؤشر الحريات الاقتصادية. لكل ذلك اكدت مجلة «فورين بوليسي» ان الاقتصاد التركي في مأزق كبير والقيادة لا تولي اي اهتمام باجراء اصلاحات جادة. ففي تقرير مطول تحت عنوان «من ينقذ اقتصاد تركيا» قالت المجلة: في العقد الماضي حقق الاقتصاد التركي نجاحات ملحوظة.. وخلال الفترة الأولي لحكم حزب «العدالة والتنمية» من 2002 إلي 2006 بلغ معدل النمو 7.2% سنويا لتصبح تركيا نجما ساطعا في ظل صعوبات تعاني منها المنطقة.. قصة النمو الاقتصادي عادت بالفائدة علي الحزب وساعدته علي الفوز في ثلاثة انتخابات برلمانية متعاقبة في اعوام (2002 و2007 و2011) وبأغلبية كاسحة. هذه الصورة تغيرت تماما في السنوات الأخيرة بعد ان تحولت تركيا من نموذج للأسواق الصاعدة إلي دولة تحتل اخبار ضعف اقتصادها وانظمتها التمويلية غير المؤمنة العناوين الرئيسية لوسائل الاعلام. قائمة المشاكل التي تعاني منها تركيا حاليا محبطة: زيادة التضخم - تباطؤ النمو - قيود علي سعر الصرف - ارتفاع النفقات - زيادة البطالة - زيادة الدين العام - تراجع التنافسية في التصدير. وقد جاء تباطؤ نمو الاقتصاد التركي بسبب عوامل هيكلية علي مدي طويل واصبحت تحتاج إلي اصلاحات أساسية عاجلة. ومن أبرز المشاكل الهيكلية للاقتصاد التركي الاعتماد بشكل كبير علي الاستثمارات الخارجية والتبعية المفرطة لتدفق رؤوس الأموال من الخارج.. وبينما ينهار الاقتصاد التركي، يركز حزب العدالة والتنمية علي اجراءات قصيرة المدي.. غير مستدامة واحيانا هدامة. مثل الضغط علي البنك المركزي للحفاظ علي سياسات نقدية غير ثابتة والمساس باستقلاليته.وثبت في النهاية ان الاستقرار الاقتصادي الذي روج له حزب العدالة والتنمية مجرد خدعة. كما اثارت الطبيعة المتسلطة للرئيس رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية مخاوف المستثمرين والمراقبين. فمنذ اعمال القمع التي مارستها الحكومة ضد حشود المحتجين في 2013 انحدر مؤشر الديمقراطية في البلاد إلي اسوأ معدلاته. كما تدهورت مؤشرات حيوية اخري مثل حكم القانون وحرية التعبير والاستقلال القضائي وحرية الاعلام والفصل بين السلطات مما أثر علي ثقة المستثمرين. وتراجعت تركيا العام الماضي علي مؤشر منع وكشف الفساد - بحسب مؤسسة فريدوم هاوس - من «حرة جزئيا» إلي «ليست حرة». ولمواجهة هذه التحديات، ينبغي ان تتحرك تركيا بسلسلة اجراءات مكلفة لكنها ضرورية. واصبحت تركيا تحتل حاليا المرتبة 55 من بين دول العالم علي مؤشر البنك الدولي لأفضل مقصد لتأسيس اعمال. ومع قرب الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو، يظل المستقبل السياسي للحزب الحاكم مرهونا بإرادة وقدرة تركيا علي اجراء إصلاحات تضمن تنمية اقتصادية مستدامة.. الا ان 12 عاما لأردوغان في السلطة حتي الآن لا ترجح ان العدالة والتنمية لديها الارادة علي اتخاذ مثل هذه الاجراءات.