حتي تكون جميع الأمور في نصابها الصحيح، يجب أن يكون واضحا أن ما تم التوقيع عليه في العاصمة السودانية الخرطوم بالأمس، بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ماريام ديسالين، هو وثيقة إعلان للمباديء الخاصة بسد النهضة الأثيوبي،..، وليس اتفاقية كما يردد البعض، سواء كان الدافع وراء ما يرددونه يعود إلي فهم خاطيء أو لأسباب أخري. وكي تكون الحقيقة متاحة وماثلة في أذهان الجميع نقول: إن ما حدث في الخرطوم هو بداية طيبة، تؤكد إصرار الدول الثلاث: مصر والسودان وأثيوبيا، علي إزالة المشاكل والخلافات التي كانت قائمة بين الأطراف بخصوص سد النهضة، والأخذ بمبدأ التعاون المشترك بينهم، والاعتماد علي الحوار والتفاهم للوصول إلي صيغة توافقية ترضي كل الأطراف، وتحقق المنفعة المتبادلة، دون الإضرار بمصالح وحقوق أي دولة. وأهمية هذا الذي تم في الخرطوم تعود في الأساس لكون هذه البداية، تمثل خطوة ايجابية تعبر عن الثقة وحسن النوايا بين الأطراف الثلاث، وتفتح الطريق في ذات الوقت للتوصل إلي اتفاقية شاملة وملزمة ترتضيها مصر وأثيوبيا والسودان، تتناول كل الجوانب الفنية والقانونية الخاصة بتشغيل سد النهضة وقواعد ملء الخزان وفترة وسنوات الملء، دون الإضرار بالالتزامات المائية لكل من مصر والسودان. ذلك يعني بوضوح تام، أن الدول الثلاث قد اختارت طريق التعاون، بدلا من الشقاق والخلاف، وأنها اتفقت علي وضع أسس ثابتة لهذا التعاون، تقوم علي مبدأ الحق في التنمية وإقامة المشروعات المحققة لذلك، دون الإضرار بمصالح وحقوق الدول الأخري،...، ذلك يعني حق أثيوبيا في بناء السد بغرض إنتاج الكهرباء، مع الحفاظ علي مصالح مصر والسودان وضمان عدم الإضرار بحقهما المشروع في مياه النيل. وبهذا نستطيع القول بأن ما تم في الخرطوم أمس هو حدث مهم،...، يمثل إعلان حسن نية ورسالة محبة وتعاون من مصر لأثيوبيا والسودان، كما أنها دعوة كي يكون نهر النيل محوراً للتعاون والتنمية لكل دوله وشعوبه.