أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    نتنياهو: ترامب يريد التوصل إلى اتفاق في غزة لكن ليس بأي ثمن    ضمن المفاوضات.. ويتكوف: خريطة الانسحاب التي قدّمتها إسرائيل غير مقبولة    لسكان غزة.. "مدينة إنسانية" إسرائيلية مقترحة بمعايير المعتقلات النازية    بالعاصمة الإدارية.. الزمالك يحدد موعد انطلاق معسكره التحضيري للموسم الجديد    فابيان رويز: قدمنا أداءً رائعا ضد ريال مدريد.. وسعيد بالهدفين ولكن    تركيا.. حكم بحظر "جروك" بعد إساءته لأردوغان    بالصور .. الدفع بالسفينة البرلس pms للمشاركة فى البحث عن المفقودين بحادث البارج أدمارين 12 بجبل الز    5 قرارات عاجلة من النيابة العامة بشأن حريق سنترال رمسيس    تامر حسني يعلن تأجيل إصدار ألبوم "لينا معاد" بسبب أعطال الإنترنت    أحدث ظهور ل آمال ماهر على السوشيال ميديا بفستان زفاف    إبراهيم سعيد باكيًا بعد خروجه من السجن: أنا في ابتلاء.. وبناتي شهدوا زور ضدي    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 10 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت ب سوق مواد البناء اليوم الخميس 10 يوليو 2025    الوداع الحزين، مودريتش يشارك في سقوط ريال مدريد بكأس العالم للأندية    موعد مباراة باريس سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية 2025    نجم الأهلي السابق: يجب تطبيق سياسة صالح سليم على أبوعلي.. والأحمر سيكون مثل بايرن ميونخ    باريس سان جيرمان يتفوق على ريال مدريد بالأرقام.. إحصائيات مذهلة    209.4 مليارات جنيه قيمة تداولات البورصة خلال جلسة اليوم الأربعاء    افتتح مزار شهداء القديسين.. البابا تواضروس يصلي العشية ويلقي عظة روحية في الإسكندرية    الجمعة، إعلان كشوف أسماء المرشحين في انتخابات مجلس الشيوخ ورموزهم الانتخابية    تصادم مروع بين سيارتين بطريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي ووقوع إصابات    «تم اجتزاؤها».. «الاتصالات» تكشف حقيقة تصريحات الوزير حول زيادة كفاءة الإنترنت    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    رسميا خلال أيام عبر بوابة التعليم الفني.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025    النيابة تستكمل تحقيقاتها في واقعة حريق سنترال رمسيس وتتخذ 4 قرارات عاجلة    سعر التفاح والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 10 يوليو 2025    بعد «صفعة الطائرة».. ماكرون يتعرض للإحراج من زوجته للمرة الثانية (فيديو)    جيش الاحتلال: مقتل جندي في غزة بعد مقاومته للأسر    أبطال مسلسل المداح يسافرون إلى تركيا لتصوير المشاهد الخارجية    شهادات عمال وفنيون على رصيف سنترال رمسيس: «كلنا نازلين نِلحَق نِرجَّع الخدمة»    «الدفع كاش فقط».. ارتباك في بنزينات القاهرة بعد حريق سنترال رمسيس    سميرة سعيد تشوق جمهورها بفيديو من كواليس أحدث أعمالها الفنية    مدبولي: لا تنازل عن حقوق مصر المائية.. والشائعات أداة لهدم الدولة    «كورونا لم ينته».. أمجد الحداد: أمطار الصيف تُنشر الفيروسات التنفسية (فيديو)    ارتفاع نسب السرطان بين الشباب.. عميد القلب السابق يحذر من الموبايل (فيديو)    تأجيل مفاجئ لألبوم "لينا معاد" لتامر حسني بسبب أزمة الإنترنت في مصر    رئيس نقابة البترول يستقبل وفد نقابة العاملين بالبتروكيماويات والغاز في فلسطين    أقساط صفقة الجفالي تعرقل مفاوضات الزمالك مع محمود غربال    جونسالو راموس يعمق جراح ريال مدريد بهدف رابع في الدقيقة 88    مدير مجمع الشفاء بغزة: القطاع الصحي يواجه كارثة حقيقية في ظل نقص الوقود الحاد    فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس التمريض «بنين وبنات» في الشرقية (الشروط والأماكن)    تفاصيل زيارة وزير الكهرباء لمحطة محولات العاشر من رمضان    مبيعات فولكس فاجن العالمية تبلغ 2.27 مليون مركبة بالربع الثاني    وزيرة التضامن تفتتح غدا معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بمارينا    بي اس جي ضد الريال.. تأخر انطلاق موقعة كأس العالم للأندية 10 دقائق    أمين الفتوى يوضح حكم الوضوء من ماء البحر    مستشفى رمد إمبابة ينجح في إعادة البصر لمريض فلسطيني    لتطبيق التأمين الصحي الشامل.. وكيل «صحة مطروح» يستقبل وفدًا من «الصحة» و«الرعاية الصحية»    رئيس محكمة النقض يستقبل نقيب المحامين    77 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الخامس لتلقي الأوراق    طلب ترشح لقائمة واحدة بانتخابات مجلس الشيوخ تحت اسم القائمة الوطنية من أجل مصر    الأزهر للفتوى الإلكترونية: الالتزام بقوانين ضبط أحوال السير والارتفاق بالطرق من الضرورات الدينية والإنسانية    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصدام مع أمريكا
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 02 - 2015

نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية
دعونا من الكلام الدبلوماسي غير اللطيف، ومن الأحاديث المتحفظة عن العلاقات الاستراتيجية الموروثة بين القاهرة وواشنطن، فلم تعد هناك من «علاقة خاصة» ولا يحزنون، وسقطت أوراق التوت كلها عن العورات، وانكشف العداء الأمريكي سافرا خشنا في الأيام الأخيرة، وقادت واشنطن حملة تعبئة غربية وإقليمية شرسة ضد التحرك المصري في مجلس الأمن، وأحبطت خطة القاهرة في رفع حظر توريد السلاح عن الجيش الوطني الليبي التابع للحكومة الشرعية المنتخبة.
كان السبب المباشر لغضب واشنطن هو الضربة الجوية المصرية لقواعد الإرهاب في ليبيا، ليس لأن الضربة أضرت بمخازن سلاح ومراكز قيادة وسيطرة «داعش» في «درنة» وغيرها، ولا لأن الضربة تفتقر للشرعية من منظور القانون الدولي، بل الضربة شرعية تماما، فقد جاءت في سياق «الدفاع عن النفس» المعترف به قانونا، وبتنسيق كامل مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، ثم أن حكايات الشرعية أو نقص الشرعية هي آخر ما يهم الولايات المتحدة، فهي تتصرف بنفسها، وبحسب تقديراتها الذاتية، وطائراتها بدون طيار تضرب يوميا في كل مكان بالعالم، ودون إذن ولا إحم ولا دستور، وتكون واشنطن تحالفاتها العسكرية خارج نطاق الأمم المتحدة، وعلي طريقة تحالفها الذي احتلت به العراق، وأشركت فيه دولا غربية وعربية، كانت من بينها مصر للأسف، فلولا التسهيلات والقواعد الأمريكية علي الأراضي العربية، ما كان بوسع واشنطن أن تغزو العراق وتحطم دولته، ثم قامت بتحطيم ليبيا خارج نطاق التفويض الممنوح من الأمم المتحدة، وأقامت أخيرا ما أسمته «التحالف الدولي» ضد «داعش»، ودون اتفاق في مجلس الأمن الدولي، وحددت هدفها في إضعاف «داعش» لا القضاء عليه، وحتي تستمر حرب إهلاك الحرث والنسل لسنوات، تتحطم فيها دول المشرق العربي تماما لخدمة أمن إسرائيل، وهو ما يفسر رفض أمريكا الآن للتدخل ضد «داعش» في ليبيا، فلا تزال واشنطن في مرحلة رعاية و»تسمين» داعش الليبية، وحتي يمكنها تحطيم ما تبقي من ليبيا، واتخاذها كأداة لإنهاك الدولة المصرية نفسها.
التناقض الأمريكي المصري إذن له أصوله وأسبابه، فالمصلحة الأمريكية تتناقض تماما مع المصلحة المصرية، واشنطن تريد ما تسميه «حلا سياسيا» في ليبيا، يشرك الإخوان ودواعشهم فيما يسمي بحكومة الوحدة الوطنية، ويعطي غطاء سياسيا لتغول داعش وأخواتها، ويحول ليبيا إلي قاعدة انطلاق لمواصلة التحرش بمصر، وإنهاك جيشها في حرب استنزاف متصلة، تقوض جهده الرئيسي باتجاه الشرق حيث إسرائيل، وتروض السياسة المصرية بأساليب «الخض والرج»، وحتي تجبر النظام الحاكم علي القبول وإعادة الاعتراف بدور للإخوان في الداخل المصري، وربما إشراكهم في الحكم من جديد، وحتي تتهيأ الظروف لولادة «داعش» مصرية قوية، فالقاعدة العامة باتت معروفة من فرط تكرار مشاهدها، وهي أن «داعش» تحضر حيث يحضر الإخوان، ثم يذوي دور الإخوان مع تضخم دور «داعش» وأخواتها، وهو ما جري في أفغانستان التي اختفي فيها دور حزب حكمتيار الإخواني، وحل دور طالبان والقاعدة وداعش، وفي أوساط سنة العراق، التي برزت فيها داعش خلفا للإخوان، وفي سوريا التي أزاحت فيها «النصرة» و»داعش» نفوذ الإخوان، وهو ما يتكرر في ليبيا التي تتطابق فيها خرائط داعش مع جغرافيا وجود الإخوان، ويراد للصورة نفسها أن تنتقل إلي مصر، وبسعي محموم من واشنطن، التي تريد تفكيك الجيش المصري خدمة لأمن إسرائيل.
نعم ما يغضب واشنطن أن مصر قررت التصرف بنفسها ولنفسها، وبحسب أولويات المصالح الوطنية المصرية، وهذه جريمة لا تغتفر من وجهة نظر أمريكا، فقد تعودت واشنطن علي التعامل مع مصر كمستعمرة أمريكية، وعلي إملاء أوامرها علي الحكم المصري، وعلي السمع والطاعة من جانب القاهرة، ووجدت في مصر من ينفذ التعليمات بغير شروط، فهكذا فعلت مع السادات بعد حرب أكتوبر 1973، وهكذا فعلت مع تابعها وخادمها الأمين حسني مبارك، وهكذا فعلت مع توابع الإخوان، هكذا فعلت طيلة أربعين سنة من الاحتلال الأمريكي لمصر سياسيا واقتصاديا، لكنها فشلت وتفشل في خطة احتواء الرئيس السيسي، وتستريب فيه برغم لغته السياسية الهادئة، ولأسباب ظاهرة، وضعت حدا لوصاية واشنطن المفترضة علي مصر، وعلي قرار الجيش المصري بالذات، فقد تحرك الجيش المصري لثلاث مرات في الأربع سنوات الأخيرة، تحرك الجيش لنصرة ثورة الشعب في 25 يناير 2011، وكانت أمريكا تعلم وتوافق، فقد تعاملت أمريكا مع رجلها مبارك كمنديل كلينكس انتهت الحاجة إليه، ثم تحرك الجيش المصري ثانية لنصرة ثورة الشعب في 30 يونيو 2013، وكانت أمريكا تعلم ولكن لا توافق، فقد كانت تريد لتوابعها الإخوانية أن تظل في الحكم، لكن واشنطن عجزت عن التصرف مع مفاجأة وتصميم السيسي، والذي استند إلي قوة تلاحم الشعب والجيش، وكانت تلك خطيئة السيسي التي لم تغتفرها واشنطن، ثم جري ما أحرق كبد أمريكا، بتحولات السيسي الكبري في السياسة العربية والإقليمية والدولية، وانفتاحه الواسع علي الصين وروسيا، وإعطائه الأولوية لتسليح الجيش والمشروعات الاقتصادية الطموحة، واستئنافه لبرنامج مصر النووي السلمي، وإلغائه لمناطق نزع السلاح في سيناء، وزحف قوات الجيش المصري إلي خط الحدود التاريخية مع فلسطين المحتلة، وإدارة سياسة نشطة في الأزمة السورية والجوار الليبي، وقبل أن تفيق واشنطن من الصدمات المتتالية، عاجلها السيسي بتوجيه الضربة الجوية المنفردة المتقنة إلي قواعد الإخوان ودواعشهم في ليبيا، ودون أن تعلم بها أمريكا أو توافق، وهذا أول تحرك حربي مصري يتم دون استئذان ولا علم واشنطن منذ قرار حرب أكتوبر 1973.
نعم، دقت الساعة، وبدأت حرب الاستقلال الوطني في مصر مجددا، وتداعت جولات الصدام الخفي فالظاهر مع أمريكا، والتي تريد إعاقة مصر حتي لو كان الثمن اغتيال السيسي، فاللهم احفظ مصر ورئيسها المنتخب، واكتب لنا النصر في العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.