ترامب يدعم نتنياهو باحتلال غزة: الأسرى في أمان إذا دخل الجيش الإسرائيلي القطاع    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    رد حاسم من كاسيميرو على أنباء انتقاله إلى اتحاد جدة    بث مباشر مباراة تشيلسي ووست هام في الدوري الإنجليزي    جمهور مهرجان محكى القلعة يتفاعل مع نسمة عبد العزيز وفرقتها    كندا تتراجع عن الرسوم الجمركية العقابية على السلع الأمريكية    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    ممنوع حيازة أو تخزين الذهب.. قرارات نارية من لجنة الطوارئ الاقتصادية بالسودان والشعبة ترد    ليس بطلًا.. بل «مجرم حرب»    افتتاح كلية البنات فرع جامعة الأزهر فى مطروح    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    التعادل السلبي يحسم مباراة السكة الحديد مع الترسانة في دوري المحترفين    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    كرة طائرة - منتخب مصر يخسر أمام تايلاند في افتتاح بطولة العالم سيدات    غلق 3 منشآت غذائية في حملة للطب الوقائي بكفر الشيخ (صور)    خسائر فادحة.. حريق هائل يلتهم مخازن أخشاب بالإسماعيلية والحماية المدنية تحاول السيطرة    رواية مختلقة.. وزارة الداخلية تكشف حقيقة تعدي شخص على جارته    موقف بطولي على قضبان السكة الحديد.. إنقاذ شاب من الموت تحت عجلات القطار بمزلقان الغمراوي ببني سويف    الإيجار القديم والبكالوريا والأحزاب.. وزير الشؤون النيابية يوضح مواقف الحكومة    إسلام عفيفى يكتب: الصفقات المرفوضة وتحالفات الضرورة    حسام حبيب ينفي عودته ل شيرين عبد الوهاب: "شائعات هقاضي اللي طلعها"    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    الماتشا تخفض الكوليسترول الضار - حقيقة أم خرافة؟    لغة لا تساوى وزنها علفًا    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    وزير الشؤون النيابية: الحكومة تقدم أجندة تشريعية مرنة كل دورة برلمانية    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    «حماة الوطن» ينظم حلقة نقاشية حول تعديل قانون الرياضة    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعجزة.. الصينية!
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 12 - 2014

تشكلت سنة 1966 مجموعة من اللجان لدراسة أسباب الفشل الذي منيت به مشروعات الثورة.. ولا أود الخوض في تفاصيل ما جاء في هذه اللجان.. ولكنها اتفقت علي روشتة واحدة
عندما وصل ماوتس تونج لمقاعد السلطة في بكين سنة 1949.. كان يحمل سلسلة طويلة من الاحلام في مجالات الزراعة والصناعة والتعليم ومحو الأمية.. والاكتفاء الذاتي من الطعام.. والتوقف عن قبول المعونات والمساعدات التي تحصل عليها الصين من جيرانها من دول جنوب شرق آسيا.. ومن الجاليات الصينية الضخمة التي هاجرت إلي تايلند وفيتنام واندونيسيا والملايو وسنغافورة والفلبين والهند..الخ..
وكانت هذه الجاليات الصينية الضخمة.. محل ثقة أصحاب البلاد.. بسبب تماسك هذه الجاليات.. ونشاط أفرادها الذي يفوق الحد وطموحهم وفكرهم.. والعمل الدائم وسط الظلام الحالك.. حتي أصبحوا كالخفافيش التي تبصر في سواد الليالي..
وقد أثارت هذه الحالة انتباه الزعيم الهندي نهرو.. الذي أطلق علي هذه السمات مصطلح «الخصوصية الصينية» التي تجعل المواطن الصيني الذي يعيش خارج بلاده مختلفا عن غيره.. رغم اختلاف اللغات والألسنة.. تجعله في حنين دائم إلي مغازلة جميع الاعمال.. ولا يرتاح الا وهو في مهمة.. فوق جبل أو داخل حفرة «بضم الحاء» !
هذه الخصوصية الصينية.. والعمل الدءوب.. الذي يفوق في كل الأحوال الأجر المطلوب.. أدت لمخاوف الدول التي تتواجد بها الجاليات الصينية من تشكيل أغلبية.. عددية ونوعية قد تؤدي في النهاية لإحكام سيطرتها علي مقاليد الحكم..
بمعني أن تسيطر الجاليات الصينية التي تتسم بالنشاط والدهاء والذكاء علي النظم السياسية في الدول التي تستضيفهم.. وبالتالي فقد سارعت هذه الدول بإصدار تشريعات.. تهدف لحماية السكان الأصليين من استغلال الجاليات الصينية لخصائص القدرة والخبرة في الاستيلاء علي السلطة في هذه البلدان.
وفي الوقت الذي تفاقمت فيه قضايا الفقر.. والجوع.. داخل الصين.. بدأت موجات الهجرة إلي الخارج تتزايد.. وشكلت أعدادها الملايين الذين كان يطلق عليهم «الصينيون فيما وراء البحار». وأصبح للصين شعب آخر يعيش فيما وراء البحار.. يعمل ويكد ويكدح.. ويبذل الروح في سبيل مرضاة أصحاب العمل.
العجيب في الموضوع.. أنه في الوقت الذي كانت فيه الجاليات الصينية في جميع دول جنوب شرق آسيا.. تحقق النجاح والازدهار.. كانت جميع المشروعات التي كان ماوتس تونج يحلم بتنفيذها داخل البلاد لتحقيق أحلامه في التقدم والارتقاء بمستوي المعيشة.. قد باءت بالفشل.
المجمعات الزراعية الضخمة.. فشلت!
تأميم وسائل الانتاج الصناعي ومراكز التوزيع.. فشلت.
إدخال الإصلاحات والتعديلات علي النظرية الماركسية بعد الثورة المضادة في المجر سنة 1956.. قد باءت بالفشل.. كما فشلت معها عمليات التطهير التي بدأت سنة 1957 في إطار ما كان يسمي بالكفاح ضد البرجوازيين.. علاوة علي حملات ما كان يسمي ب «التربية الاشتراكية» وإعادة الروح الثورية إلي المجتمع.. أو اعتبار الجيش هو النموذج الذي يجب أن يحتذي إلخ لم تحقق التغيير المنشود... وقال لين بياو وهو أقرب مساعدي ماوتسي تونج كلمته الشهيرة.
إننا يجب أن نعتمد علي نوعية الجندي.. لا نوعية السلاح!
اختصار الكلام.. إن أحلام ماوتسي تونج.. في التنمية لم تتحقق.. بل جاء البعض منها بعكس ما كان مأمولا.. مثل اتساع الهوة بين القرية والمدينة بسبب شدة التركيز علي التصنيع.. فزاد القلق لهذا الوضع الجديد.. لاسيما و أن الثورة الشيوعية في الصين كانت قد قامت في الاساس علي أكتاف الفلاحين.
علاوة علي ميل العمال إلي الاستمتاع بالحوافز المادية في الانتاج الصناعي.. وميل الفلاحين للاستمرار في فكرة المزارع الخاصة التي كانت بمثابة الحل الوسط لبعض آثار تدهور الانتاج الزراعي..
وتشكلت سنة 1966 مجموعة من اللجان لدراسة أسباب الفشل الذي منيت به مشروعات الثورة.. ولا أود الخوض في تفاصيل ما جاء في هذه اللجان.. ولكنها اتفقت علي روشتة واحدة هي :
تطوير المجتمع الصيني.. عن طريق ثورة ثقافية.. لتعديل المعتقدات الروحية.. والعادات التي كانت سائدة في العصور القديمة والبدايات الأولي لظهور الكونفوشية والبوذية.. ثم تداعيات حرب الأفيون التي شنتها أمريكا علي الشعب الصيني بأبشع الأساليب وأكثرها تجردا من الانسانية.. بإرغام الشعب علي استهلاك الأفيون.. وفتح أبواب الأفيون علي مصراعيه..
المهم.. أن ماوتس تونج.. لم يجد أمامه خيارا آخر غير خيار الثورة الثقافية التي تقضي علي جميع المعتقدات التي تساهم في عرقلة التقدم أو مواكبة الزمن.. وتجفيف منابع رجال الدين الذين يتخذون من مبادئ الكونفوشية أو البوذية طريقا للنصب علي البسطاء الذين يسقطون بين براثن عصابات النصب والاحتيال التي تتحدث باسم المعتقدات الدينية.. وتسفر عن نتائج لا تختلف كثيرا عن تعاطي الأفيون!
وكانت الثورة الثقافية التي أعلنها ماوتسي تونج في ديسمبر 1964 والتي شملت سلسلة طويلة من عمليات التطهير قد أطاحت بعصابات النصب والاحتيال التي تنشر بين البسطاء ثقافة البلطجة هي البداية للعديد من المراحل التي عبرتها الثورة الثقافية.
ولم يعد يختلف أحد اليوم أن الاطاحة بعصابات الاحتيال التي كانت تتحدث باسم المعتقدات الدينية في الصين.. كانت البداية لما وصلت إليه الصين الآن.. وتحولها من دولة تتسول طعامها من جيرانها إلي دولة عظمي.. ويحتل اقتصادها المرتبة المتقدمة في استخدام قناة السويس.. بحكم كونها الدولة رقم واحد في حجم الصادرات.
وهكذا استطاعت الثورة الثقافية التي تزعمها ماوتسي تونج.. ان تكون الأساس في إعادة بناءالوطن الصيني.. وتصحيح العادات والتقاليد البالية.. التي كانت أكبر عائق في مسيرة الإصلاح.. وأن يقف الشعب الصيني علي قدميه من جديد.. يبني ويبدع ويأخذ بأحدث ما وصل إليه العلم في مجالات التصنيع.. إلي أن وصل إلي القمر واستطاع تنظيم دوره عالمية للألعاب الرياضية بكفاءة أذهلت العالم ولاتزال تضرب بها الأمثال.
أريد أن أقول.. إنه إذا كانت الصين تعد الآن إحدي القوي الاقتصادية في العالم.. فإن السبب يرجع لما حققته الثورة الثقافية من إنجازات كبيرة في تغيير القيم والمعتقدات البالية.. وتطهير البلاد من عصابات النصب والاحتيال التي كانت تتاجر بالكونفوشية تارة.. وبالبوذية تارة أخري.. وبتزويد الخرافات التي كانت سائدة منذ آلاف السنين.
الثورة الثقافية.. هي التي مهدت للمعجزة الصينية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.