مع انتهاء الجولة الأولى، موعد جولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب 2025    مدير التفتيش والرقابة ب"التعليم" يتفقد مدارس الشرابية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    مصر ضمن أكثر 50 دولة فى «سهولة الأعمال»    وصول أول وفد سياحي لمحافظة أسيوط لزيارة مسار رحلة العائلة المقدسة    الشرطة الإسرائيلية تقتحم حي البستان بالقدس لتنفيذ عمليات هدم    لا يحدث إلا فى مصر    تايوان تجلي 8300 شخص مع اقتراب العاصفة فونج وونج وضربها للجزيرة بالأمطار والفيضانات    موعد مباراة بيراميدز وريفرز يونايتد في دوري أبطال أفريقيا    الشروق تكشف تفاصيل جلسة عودة الثقة بين حسام حسن والشناوي    الزمالك يكشف تطورات أزمة أرض النادي بأكتوبر    إحالة سائق توك توك بتهمة القتل الخطأ في الشرابية للمحاكمة    نزيف الأسفلت.. قصة إسماعيل الليثي وشهداء لقمة العيش    تامر حسني يوجه رسالة ل مي عز الدين بعد زواجها    محاضرة تاريخية بجامعة القاهرة للدكتور أحمد غنيم حول "المتحف المصري الكبير وتعزيز الهوية الوطنية"    رفع تقرير للرئيس السيسي، تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    وزير الخارجية: مستعدون لدعم المحكمة الدائمة للتحكيم وتيسير أداء مهامها في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور.. التفاصيل    بعد غلقه من أنصار مرشح.. الأمن يعيد فتح طريق قنا - قفط    تعرف على سعر الدولار في الشرقية الأربعاء 12112025    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    حمو بيكا يودع إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "يا وجع قلبي عليك يا أخويا"    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    زعمت أن أحدهم حاز طائرة لاسلكية .. أحكام قاسية على 9 معتقلين في قضية "اللجان الإعلامية للإخوان"    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    نتائج أولية بانتخابات النواب بديرمواس في المنيا: الإعادة بين علاء قدري ومحمد جمال    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    استشهاد طفل فلسطيني متأثرا بإصابته جنوب نابلس    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة للحي الشرقي
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2011

ربما كان اختيار الصين ضيف شرف معرض الكتاب الدولي في دورته الثالثة والأربعين مفتاحا لهذه الجولة في ثلاث دول في الشرق الأقصي وهي الصين واليابان وكوريا‏.‏ وربما كان الإلغاء أو التأجيل للمعرض لا يمثل الفكرة الاساسية عندما نتحدث عن هؤلاء. وقد لايكون الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان التي تحاول الآن التعافي منه, وقد يكون ما قاله الشاعر الكبير فاروق جويدة لنا والصفحة تمثل للطبع من أن الصين قد وصلت إلي نسبة تنمية اقتصادية تصل إلي10.5% وهو ما لم يحدث في دولة أخري مقدمات لهذه الجولة الآسيوية. فصحيح أن زمن المعجزات لم يعد موجودا ولكن هناك من يؤكد أن وصول هذه البلاد إلي هذه الدرجة من التنمية والتقدم يعد عجيبة من العجائب. وإن كانت هذه الجولة الحضارية لا تنتظر منا مناسبة لنقوم بها. فظروف الجغرافيا والتاريخ هي التي آخت بين ثلاث رحلات قمنا بها فتكونت لدينا التفاصيل التي قد تهم كل مصري ينظر إلي هذه البلاد بوصفها من صاحبات المعجزات. ولهذا قررنا أن نقف عند أبواب هذه الدول لنطرقها ونفتح صندوق الدنيا ونري ماذا يحدث في الحي الشرقي الذي تعتبر إرادة أبنائه وكما رأينا في الصين و اليابان وكوريا نوعا من المثابرة والنجاح الباهر وهو أمل تريد مصر أن تصل إليه بعد أن ثار الابناء ليبحثوا لها عن طريق.
حضارة السور والمدينة
صعب جدا أن تحبس الصين في صورة نمطية... فهنا يعيش أكثر سكان الكرة الارضية. وإن كان العدد لا يستطيع وحده أن يقدم أفضل تفسير لتقدم أو تأخر دولة. ولكنها الصين التي أرادت أن تؤسس ومنذ البداية كيانا يدخل من باب الانفراد والاختلاف عن الاخرين عندما أختارت أن تعيش حياتها علي أرضها وبكامل ارادتها لتتحمل وحدها أعباء النجاح والفشل فلا يقاسمها أحد.
أما أفضل تفسير للعقلية الصينية فهو موجود علي أرض الواقع وعلي مسافة غير بعيدة في العاصمة بكين وتحديدا في مكانين وهما: المدينة المحرمة وسور الصين العظيم.
فمن يدخل الي المدينة الامبراطورية الصينية أو المدينة المحرمة كما يطلقون عليها لابد وأن يشعر بأن تاريخ الصين هو تاريخ شرقي بكل تفاصيله لا يمكن وبأي حال فصله عن التاريخ الاسيوي العتيق. فالصين دولة أسيوية من دول الشرق الاقصي وحضارتها التي تبهر الجميع الآن لكونها حضارة أكتساح اقتصادي قد بدأت منذ زمن بعيد.
فكما يقول الكاتب أنتوني وايت في كتابه الارشادي المدينة المحرمةاننا لكي نفهم الصين لابد وان نضع في اعتبارنا ان القرن السادس عشر الذي أعتبر عصر النهضة في انجلترا وشهد حكم الملكة اليزابيث ومسرحيات شكسبير و تشييد أجمل القصور لم يعرف قصرا في العالم بنفس حجم القصر الامبراطوري في مدينة الامبراطور أو المدينة المحرمة. فاذا جمعنا كل الأوروبيين في العالم لوجدناهم أقل عددا من الشعب الصيني الذي حكمه الامبراطور من هذا القصر في المدينة المحرمة.
وهذه المدينة التي كانت مقر اقامة أسرتا المينغ والتشينغ واستغرق تشييدها- حسب قول الموسوعات- أربعة عشر عاما منذ بداية القرن الخامس عشر وعلي مساحة كبيرة لتضم قصر الامبراطور الي جانب الحكومة الصينية و تعد أعجوبة في حد ذاتها.
فلم يكن الغرباء يدخلونها فهي قصر محرم علي الجميع بدليل وجود تسعة آلاف غرفة بها لم يكن الكثير من الوزراء وكبار الموظفين العاملين في القصر يعرفون عددها الحقيقي. فهذا الرقم ظل مجهولا للكثيرين باستثناء العائلة الامبراطورية. وان بقت خطة تقسيم المدينة المحرمة إلي ثلاثة أجزاء معلومة للجميع.
وأما سور الصين العظيم فقد أصبح هو الآخر حقيقة بعد توحيد الصين قبل الميلاد وهو عمل شارك فيه الحكام الذين ينتمون للكثير من الاسر الامبراطورية علي تتابعها من الهان الي السوي ثم المنج. وهكذا تتضح بعض ملامح الشخصية الصينية التي لاتفصح عن كل ما في جعبتها فهناك أشياء لا يعرفها غير القائمون علي الأمر, كما هو الحال في المدينة المحرمة وهناك استمرار للمشروعات الكبري بلا وهن أو تخاذل, كما هو الحال في سور الصين العظيم.
وأما منشأ الحضارة الصينية الام فهو كما شرح لي أحد أمناء المتحف البريطاني-من القائمين علي الجناح الصيني في لندن- بدأ مع الأرز الذي يمكن أعتباره المحصول الرئيسي في الصين وقد اختار أهل الصين منطقة امتداد الساحل الجنوبي الشرقي الخصيب مكانا لزراعته منذ خمسة الاف سنة قبل الميلاد.
فالأرز كان مفتاح الحياة والنماء في هذه المنطقة تماما كما كان ضفاف النيل في مصر أصل الحضارة المصرية العظيمة. إلا ان الصين وبهذه البداية لم تقصد إلا ان تسجل وجودا بشريا استمر حتي قامت أقدم الاسرات الحاكمة وهي أسرة زيا في عام2000 قبل الميلاد.
ويعتقد المؤرخون ان هذه الاسرة لم تسجل الكثير من الوجود الحضاري مثلما حدث فيما بعد مع أسرة شانج التي بدأت معها الحضارة الصينية في وادي النهر الاصفر وعرف الصينيون في هذه الفترة ليس فقط بناء المنازل الضخمة أو المعابد, فقد كان استخدامهم للبرونز في الاسلحة هو الاكثر أهمية.
فقد أكتملت الرؤية في ذلك الزمن البعيد باستخدام سلاح يدافعون به عن أنفسهم وبأختراعهم للكتابة التي كانت تعني وصولهم الي فكرة التدوين وهو ما يعني ان هناك فكرا يكتب واحداثا تصنع وملوك يحكمون ورعية ينتظرون ما تجود به بلادهم. ورغم أن الحضارة الصينية كانت سباقة في منطقة شرق أسيا إلا أن ابعادها الكبيرة لم تتحدد بين يوم وليلة فهي حضارة ملتزمة بطبيعة بلادها وشديدة الولاء لوطنها.
و لهذا ومن أجل كل هذه المعطيات يعتقد الكثيرون أن حضارة الصين هي حضارة منعزلة تستقي كل تصوراتها من الفلسفات الكونفوشية والطاوية والبوذية وهي فلسفات نمت في هذا الجزء من العالم وأستقت منه رؤيتها الخاصة في التعامل مع القريب والبعيد.
وأما عن تتابع الاسر الحاكمة الصينية فلم يكن إلا للحفاظ علي الطابع الوطني وتخليص الصين من كل الكيانات الاخري. فاذا فشلت أسرة قامت أخري لتحمل نفس المعطيات الصينية الراسخة. ولهذا لا ينبغي علينا أن تصيبنا الدهشة- كما حدث لي عندما رافقت بعثة منظمة المؤتمر الاسلامي في رحلة فتح الابواب التاريخية بين الصين والعالم الاسلامي- عندما نعرف أن الصين التي أعلنت قيام جمهوريتها عام1949 علي الطريقة الشيوعية لاتجد غضاضة في ان تتماشي تفاسير الزعيم الصيني الكبير ماوتسي تونج الشوعية مع حركة الانفتاح الاقتصادي التي أعلنتها منذ عام1978 فالاسلوب الصيني في الحياة هو أسلوب مرن. والصين في النهاية كالمدينة المحرمة التي لايعرف طبيعتها سوي الصينيين. وأضف الي هذا ما خبرته من أهلها عندما كانوا تصيبهم الدهشة اذا ما ذكرت لهم قوة بلادهم الاقتصادية والسياسية. فعند الصينيين لابد من الاحتياط للغد ولا أحد يعلم من سيكون في الصف الاول والحل الوحيد لكسر حاجز الخوف هو مراعاة سياسات اقتصادية مبشرة... وإلا فما العمل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.