في قضية الانتخابات البرلمانية القادمة، التي أصبحت علي الأبواب طبقا لكل المؤشرات والشواهد، هناك شبه اجماع أو لنقل: توافق عام، بين جميع المهتمين والمتابعين للشأن العام، وللتطورات علي الساحة الحزبية علي وجه الخصوص، علي غيبة الانتشار الشعبي والتأييد الجماهيري للأحزاب بصفة عامة،...، بل لا نبالغ في القول إذا ما أكدنا اننا نشك كثيرا في استطاعة أي مواطن ذكر اسماء عشرة أحزاب، من بين الأحزاب الكثيرة المسجلة رسميا علي الساحة السياسية المصرية الآن، والتي يقترب عددها من التسعين حزبا. وإذا ما تأملنا في هذه الحالة، نجد أن هناك بضعة أحزاب فقط من بين الكم الكبير المتناثر علي الساحة السياسية، هي التي تملك بنية حزبية ورؤية اجتماعية وسياسية، يمكن أن تطرحها للنقاش الجاد وتحصل بها علي تأييد الجماهير، إذا ما حازت قبولهم واقتنعوا بها، أو لا تحصل علي تأييدهم، إذا ما رفضوها واختلفوا معها. وليس سرا أن هذه الأحزاب في مجموعها لا تزيد بل ربما تقل عن مجموع أصابع اليد الواحدة، وكلها ذات ارث تاريخي، وذات هوية سياسية وتوجه اجتماعي واضح يتراوح ما بين اليمين واليسار بدرجاتهما المختلفة،...، أما بقية الأحزاب، وكتلتها الضخمة التي ظهرت علي الساحة خلال الأعوام الأربعة الماضية، فأغلبها ان لم يكن جميعها لا يعرفه أحد،...، وهذا شيء بالغ الأسف. وفي أسباب هذه الظاهرة التي اصبحت لافتة للانتباه مستوجبة للتأمل والبحث، هناك من يلقي العبء بالكامل علي هذه الأحزاب الجديدة، ويري انها تكونت في عجالة ولم تكتمل بعد بنيتها وهياكلها الحزبية، وانها في هذه العجالة لم تسلك الطريق الصحيح للبناء الحزبي، كما انها لم تحدد بصفة واضحة توجهاتها السياسية والاجتماعية ورؤيتها الاقتصادية،...، وبالتالي فهي لا تقوم علي أساس صحيح. وهناك من يزيد علي ذلك بالقول بأن هذه الأحزاب، لم تبذل جهدا للتعريف بنفسها وتسويق اهدافها وتوجهاتها وبرامجها في الشارع، ولم تتواصل مع الجماهير، ولم تنتشر في المدن والقري وبين الناس، ولم تشعر أحدا بوجودها،...، وبالتالي فلا وجود لها. وعلي الطرف المقابل هناك من يبحث عن أعذار لهذه الأحزاب، ويري أن غيبتها عن الانتشار الشعبي والتواجد الجماهيري، يعود في أساسه إلي انها جديدة في العمل السياسي، وانها اتت إلي الوجود بعد سنوات من التضييق والحظر، وأنها تحتاج إلي وقت ومزيد من الجهد والخبرة للنجاح والتواجد الشعبي والانتشار الجماهيري. ولكن سواء أخذنا بهذا الرأي أو ذاك فمن الواضح أن ذلك لن يغير من الحقيقة شيئا، حيث إن الانتخابات باتت علي الأبواب، بينما الأحزاب أو غالبيتها علي الأقل غائبة عن الساحة.