أرجو أن نرفع أيدينا عن الشعب المصري،ولايتدخل أحد بين قائد الدولة وشعبها الأبي، لقد تعدي الشعب فترة الوصاية ولا يحتاج إلي الارشاد والتوجيه، وأيضا لا يحتاج قائد الدولة إلي النفاق والرياء المراقب للشارع السياسي المصري يستطيع أن يقضي وقتا كوميديا ممتعا وهويشاهد بعض محطات التلفزيون الخاصة، واللقاءات العديدة والغريبة مع ما يطلق عليهم نخبة سياسية ومعظمهم لم يمارس السياسة من قبل، وبعض من رؤساء وممثلي الأحزاب التي لا أحصي عددها ولا أستطيع التفرقة بين برامج الأغلبية منها. من هؤلاء النخبة من يستخدم فزاعة الاخوان، وآخرون يستخدمون فزاعة الحزب الوطني، وغيرهم يستخدمون فزاعة 6 أبريل وحركة كفاية والاشتراكيين الثوريين، وهكذا من أحاديث لا تدل الّا علي فزع أصحابها من الفشل الزريع والأكيد لهم في الانتخابات. الهدف هو اقصاء الجميع وخوض الانتخابات وحدهم، وحتي لو تم ذلك لن ينجح معظمهم في الانتخابات، بل إن بعضهم لو نزل في انتخابات بين أفراد أسرته ماحصل الّا علي صوته. يا أهل السياسة ، إن كنتم أهلا لها، لم يكن هناك حزب وطني فعلي، بل الحقيقة كان تجمعا بذل فيه النظام القديم جهدا كبيرا ليشمل معظم الوجوه السياسية الواعدة من شيوخ وشباب ورجال ونساء باختلاف انتماءاتهم السياسية،وجمع فيه كبار رجال الأعمال،وجذب اليه تجمعات القبائل والعصبيات وذلك لدعم النظام السياسي. وهوّ لو كان فيه حزب وطني حقيقي وبتعداد 3 ملايين عضو كما يقال، كان تم ازاحتهم بهذه السهولة من الحكم.لو كان هناك حزب وطني حقيق لكانت هناك حرب أهلية في البلاد. وفين الاخوان المسلمين في الشارع بعد أن تورط قياداتهم من الصفوف الأولي والثانية والثالثة في أعمال عنف ويتم محاسبتهم بالقانون حاليا، وآخرون هاربون داخل وخارج البلاد. وماهو حجم 6 أبريل وكفاية (ومنهم جزء كبير من الاخوان) والاشتراكيون الثوريون وغيرهم، فانهم لا يتعدون عدة آلاف، واللي مش يصدق يبص علي نتيجة الانتخابات الرئاسية وعدد الأصوات التي حصل عليها الأستاذ حمدين صباحي من جميع المعارضين لثورة يونيو. وأين الجبهة السلفية التي يستخدمها البعض كفزاعة أخري، وهم معظمهم من الاخوان المختبئين أو الهاربين. لقد تعدت بعض المحطات الخاصة جميع الحدود المهنية حتي وصلت إلي الوصاية علي الشعب المصري والحجر علي فكره ورأيه، وأصبح مايسمي بالتوك شو مسرحا لمن هو خالي شغل ينصح في الشعب المصري كيف يختار وينتخب. بل أصبح هو حامي القيادة السياسية والقيم علي مصالحها. معظم الأحزاب تنادي بالقوائم النسبية لضمان تواجد لهم في البرلمان وبأي شكل، لأن فرصتهم الوحيدة في الائتلاف مع بقية الأحزاب للحصول علي أكبر عدد من المقاعد يمكن اصطيادها غصبا وقهرا من الشعب المصري من خلال القوائم النسبية. وهل الاقصاء السياسي سيحل لك مشكلتك. الحقيقة أنه لو تم اقصاء جميع القوي السياسية، فلن تنجح في الانتخابات لو كانت بنظام فردي، وهناك فئة من الاعلاميين يلعبون علي نغمة أهمية البرلمان القادم وانه من الممكن أن يقوم بسحب الثقة من السيد الرئيس، وذلك في حالة اساءة الشعب في اختيار أعضاء البرلمان. طيب همّ مين اللي انتخبوا الرئيس بالاجماع مش همّ الشعب، إذن كيف لا نثق في قدرة الشعب علي اختيار أفضل من يمثلهم وبما يدعم القيادة السياسية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد. الشعب المصري تغير كثيرا بعد ثورتي يناير ويونيو، وزاد وعيه ويستحق منا كل تقدير واحترام. وأنا أشعر بهذا التغيير في صعيد مصر، لقد اختلف الناس وثاروا علي العصبيات والقبليات، ويبحثون بالفعل علي من يستطيع أن يحسن تمثيلهم من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ان شباب الصعيد الآن أصبح لهم تقاليدهم المنفردة من حرية رأي وقدرة في التحرك والاختيار، وحتي بنات الصعيد أصبحن أكثر استعدادا للمشاركة في الحياة السياسية وأكثر قوة في ابداء رأيهن وقناعاتهن. أرجو أن نرفع أيدينا عن الشعب المصري،ولايتدخل أحد بين قائد الدولة وشعبها الأبي، لقد تعدي الشعب فترة الوصاية ولا يحتاج إلي الارشاد والتوجيه، وأيضا لا يحتاج قائد الدولة إلي النفاق والرياء. ان الشعب يعلم حقوقه الدستورية في حرية اختيارمن يمثله، وعلي الدولة توفير الأمن والأمان للشعب المصري علي صناديق الانتخابات، أما النتيجة الحتمية فهي انتصار الشعب لمصر ومستقبلها،ويحيا شعب مصر. تمكين الشباب ضرورة قومية بالرغم من قيام ثورتي يناير ويونيو، إلا أن الروتين الحكومي لم يتغير ولم يتأثر بل زادت البلة طين، نتيجة لضعف الكوادر القيادية بشكل لا يخطئه عين. والحال كما هو عليه ومنذ عقود مضت،يتم اختيار المسئول الحكومي من خلال معايير الولاء والأقدمية وليست معايير الكفاءة والعلم والتميز. ويستمر المسئول في موقعه سنوات طويلة، بل يتم تجديد خدمته بعد بلوغه سن المعاش، وليس مهما أن تضيع فرص الترقي والقيادة لمن هم وراءه والذين يفقدون حقهم الطبيعي في الادارة العليا واعتلاء المناصب. ويتم محاربة المميزين وأصحاب الكفاءة حتي لايظهر من هم أفضل من المسئول الكبير فيصعب تغييره، ويتم تقريب الجهلاء وأنصاف الموهوبين لتجنب أي منافسة علي المنصب. وكان نتاج هذه السياسة العقيمة انتشار الفساد،وزادت أشكال وألوان النفاق، وتم تجريف شديد للقيادات، وهروب الكفاءات الشابة إلي القطاع الخاص أو إلي الخارج للبحث عن فرص عادلة تظهر ما لديهم من كفاءات.ومعظم من استمر من الشباب تحت هذه الظروف المهنية والخلقية، فقدوا روح المنافسة وأصابهم الاحباط.وأصبحت الأجهزة الحكومية تعاني من أمراض الشيخوخة وظواهرها من نقص في كفاءة الأداء، والبطء الشديد في اتخاذ القرار، والتفرغ للحفاظ علي الكرسي والصراع حول البقاء. والجهاز الحكومي أصبح الآن هو المعوق الحقيقي للتنمية في مصر، وقد يكون مصدر احباط للقيادة السياسية. وأول الحلول لهذه الأزمة أن يتم تصعيد أجيال شابة واعدة علي أمل أنه لم تصيبها هذه الأمراض المزمنة والمعوقة لمسيرة أي مجتمع.وهناك نخبة كبيرة من الشباب داخل وخارج الحكومة، منهم من يتمني الحصول علي فرصة حقيقية يجد فيها نفسه ويظهر فيها مواهبه وقدراته، وهذه الخطوة لن تكون مغامرة كبيرة لأن أداء الشباب لن يقل عن أداء الجيل الحالي بأي حال من الأحوال. ومصر دولة شابة، معظم تعدادها من الشباب، يجب الاستفادة بطاقاتهم الكبيرة، وروحهم المقاتلة، وفكرهم الجديد. ان العديد من شباب هذا الجيل يملكون ثقافة ووعي أعلي من جيل الأباء، وعلي اطلاع أوسع بالمتغيرات العالمية والاقليمية، وبالجديد في وسائل التقنية والمعلومات، وطموحاتهم كبيرة بالرغم من الصعوبات التي تعوق مسار الجد والاجتهاد. وهناك أمثلة مشرفّة من شباب مصر من مهندسين وأطباء وعلماء وضباط ورجال قانون واقتصاديين واعلاميين ورجال أعمال يعملون ليل نهار لبناء مصر ودعم مسيرتها. وهناك من شباب الفنانين الحريصين علي الأعمال الجيدة والفن الجاد الذي يساهم في بناء المجتمع وارساء القيم.والشباب ينظر إلي الغرب ويقارن كيف أن أقرانهم هناك من يتولي ادارة أكبر الشركات العالمية، ورئاسة الحكومات، ومراكز قيادية في الأحزاب، ومن كبار الاعلاميين والكتاب. بينما نحن نعاملهم في مجتمعاتنا بأنهم ناقصو خبرة وكفاءة، ولا يتقلد في بلادنا المناصب والوظائف القيادية الا من شاب شعره وهرم عمره وانحني ظهره. وقد يعود هذا الفارق الهائل بين مجتمعاتنا والغرب إلي أن المؤسسات الغربية التعليمية أو الحزبية قادرة علي تأهيل كوادر شابة واعدة وقيادات سياسية حقيقية، أما في مجتمعنا فالمؤسسات العلمية تحتاج إلي تطوير شامل والأحزاب السياسية ضعيفة ولا تتيح مثل هذه الفرص الواعدة. والتخلف العلمي وضعف الأحزاب السياسية نتاج مباشر للسياسات التي تبناها الأباء عبر عقود طويلة مضت. ان الشباب هم مستقبل الأمة واذا لم نبدأ سريعا في التعامل مع قضاياهم ونعالج تقصيرنا في حقوقهم لن نستطيع أبدا بناء الوطن المستقبل والمتقدم وبما يليق بمصر وتاريخها. ان الفرصة سانحة في الانتخابات المحلية القادمة، وهناك الانتخابات البرلمانية القادمة لتشمل القوائم الحزبية اللامعون من شباب مصر أصحاب الكفاءات العالية سواء في السياسة أو القانون والاقتصاد والعلوم والفنون. وهناك فرص في انتخابات البرلمان الفردية ويجب تبني الأحزاب للوجوه الشابة الواعدة ودعمها ومساندتها. وهناك أيضا الحكومة القادمة والتي أرجو أن تتاح فيها فرص للمميزين من الشباب في المجالات الهندسية والطب والعلوم والآداب وخاصة الذين يتمتعون منهم بالصفات القيادية التي تؤهلهم لتولي المناصب الوزارية. وعلي الشباب الانضمام للأحزاب التي تتوائم مع توجهاتهم السياسية والفكرية والانخراط في العمل الحزبي وفي الحياة السياسية والمساهمة الحقيقية في بناء المجتمع.