د. عاطف متولى نائب وزير العمل الإيطالى فى حوار مع «الأخبار» ضرورة تفعيل دور الجاليات في الخارج لحل مشكلاتهم السلفيون يسيطرون علي المواقع الثقافية بروما لتحقيق أهدافهم السياسية بدأت بغسيل الأطباق ثم أسست ناديا لكمال الأجسام قبل التحاقي بوزارة العمل هو واحد من الطيور المهاجرة التي راحت تبحث عن فرصة أفضل للحياة. بدأ رحلته منذ أن كان طالبا في كلية آداب القاهرة قسم تاريخ منتصف الثمانينيات عندما لاحت له فرصة للهجرة الشرعية الي ايطاليا فسافر وبدأ مشوارا من الكفاح والنجاح حتي تم تعيينه مؤخرا مساعدا لوزير العمل الايطالي لشئون الهجرة. وفي العاصمة الايطالية روما كان ل «الأخبار» هذا الحوار مع الدكتور عاطف علي متولي. كيف كانت بداية الرحلة من القاهرة الي روما؟ البداية كانت عام 1983 عندما كنت في الفرقة الثالثة بقسم التاريخ بكلية آداب القاهرة ووقتها كنت احاول الحصول علي فرصة عمل في ايطاليا أو فرنسا او انجلترا وكانت لدي فكرة أن هذه الدول الاوربية الثلاث بالذات يمكن لأي شخص جاد أن يجد فيها فرصة جيدة للعمل والبحث عن الذات. وبالفعل جاءتني فرصة السفر لإيطاليا فتقدمت باعتذارعن دخول امتحان الفرقة الثالثة في الكلية وسافرت بالفعل. وبدأت العمل مثل أي شاب مصري في اوروبا بالأعمال اليدوية مثل العمل في المطاعم وغسل الأطباق. وماذا عن اللغة الايطالية حيث لا يتقن غالبية الايطاليين الانجليزية مثل بقية شعوب العالم؟ قبيل سفري الي ايطاليا درست اللغة الايطالية في المركز الثقافي الايطالي بالزمالك. ولمزيد من الاتقان قررت بجوار العمل الالتحاق بمعهد تعليم لغة وبدأت ادرس الايطالية في روما بالنهار واعمل بالليل في المطاعم وكنت في ذلك الوقت امارس هواية رياضة كمال الاجسام حتي جاءتني فكرة العمل كمدرب لكمال الأجسام في ايطاليا وقد حققت في هذا المجال نجاحا كبيرا جعلني اقوم بانشاء ناد لكمال الأجسام في روما لاقي اقبالا ورواجا كبيرا من جميع الجنسيات التي كانت تقطن روما في ذلك الوقت خاصة من الاجانب بالاضافة لأبناء البلد. كيف غيرت مجال عملك وتحولت للعمل السياسي والاجتماعي؟ عندما بدأت أحوالي المادية تستقر رأيت أن وضعي الاجتماعي يستوجب أن أعود للقاهرة مرة اخري لاستكمال شهادتي الجامعية فعدت بالفعل عام 1990 للقاهرة وحصلت علي ليسانس الاداب في التاريخ وعدت لايطاليا مرة اخري لتبدأ مرحلة جديدة من حياتي حيث التحقت بكلية كانت الحكومة الايطالية قد أقرت بدء الدراسة بها لأول مرة وهي كلية « الوسائط الثقافية» والمواد التي تدرس في هذه الكلية هي مواد نظرية أشبه بمواد علم النفس والخدمة الاجتماعية بالاضافة إلي خلفية قانونية كبيرة وقد استهوتني هذه النوعية من الدراسة لدرجة كبيرة فحصلت علي الماجستير ثم الدكتوراة وفي سنة 2000 بدأت ازاول ما درسته بشكل عملي فالتحقت بعدد من المنظمات الاجتماعية الحكومية التي تستهدف خدمة الأجانب الذين يفدون الي ايطاليا ويتعرضون لمشاكل عديدة بسبب جهلهم بالقوانين التي تنظم اقامتهم وحياتهم داخل الأراضي الايطالية ونجحت في وضع عدد من القواعد والاسس التي ساعدت الحكومة الايطالية علي مواجهة هذه المشكلة. هل كانت نسبة هجرة المصريين إلي ايطاليا هي النسبة الأكبر علي مستوي الشعوب العربية؟ لا النسبة الأكبر كانت من نصيب أبناء دولة المغرب وكانت أشبه بالظاهرة فطلبت مني الحكومة اعداد دراسة عن أسباب هذا الظاهرة وكيفية مواجهتها خاصة بعد أن لوحظ اقبال نسبة كبيرة من الشباب المغربي علي الهجرة إلي ايطاليا مع الادعاء بأن أعمارهم تقل عن 18 سنة علي اعتبار ان اجراءات هجرة الاطفال ربما تكون أقل وطأة من هجرة الشباب.وسوف تصدر الحكومة الايطالية قريبا عدة قرارات هامة لتنظيم الهجرة غير الشرعية إليها. وكيف دخلت مجال الوظيفة الحكومية؟ مع زيادة ظاهرة الهجرة سواء الشرعية أو غير الشرعية إلي ايطاليا بدأت الحكومة الايطالية التفكير في الاستعانة بأشخاص يساهمون في حل مشكلة الأجانب والمساعدة في اتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة من قبل الدولة كما يساعد هؤلاء الأشخاص المهاجرين أنفسهم بتوعيتهم بالقوانين والقرارات علي ان يكون لهؤلاء الوسطاء الثقافيين سلطات تمكنهم من القيام بوظائفهم باعتبارهم هم الوسيط بين الحكومة والمهاجرين. ونظرا لخبرتي الكبيرة في هذا المجال التحقت بوزراة العمل في البداية بعقد محدد المدة وفي عام 2007 تم تعييني بشكل دائم في مركز خدمة الأجانب بوزارة العمل الايطالية وفي 2011 تم ترقيتي لمنصب رئيس المركز وحققت نجاحا كبيرا أهلني للترقية بسرعة واصبحت نائبا للوزير ومستشار الحكومة المسئول عن كل ما يخص المهاجرين من الناحية القانونية. وهل كان لنجاحك في العمل دور في دخولك عالم السياسة؟ عندما حققت والحمدلله عددا من الانجازات في مجال العمل اختارتني 4 نقابات حكومية تمثل الاحزاب الرئيسية في ايطاليا لأكون ممثلا لهذه النقابات داخل الحكومة وهي نقابات حزب اليمين وحزب الشمال والوسط وحزب الاستقلال مما دعم موقفي داخل الوزارة وهذا الاختيار دفعني حاليا لدراسة الحقوق في الجامعة الايطالية حتي اكون ملما بكل تفاصيل القوانين التي تحكم العمل في ايطاليا. كم يبلغ عدد المهاجرين في ايطاليا حاليا ولماذا ايطاليا بالذات التي تشهد سنويا زيادة في اعداد المهاجرين؟ يوجد في ايطاليا حاليا حوالي 6 ملايين مهاجر اي بنسبة 10% تقريبا من اجمالي عدد السكان الذي يبلغ حاليا 60 مليون نسمة. وهذا الاقبال الكبير علي ايطاليا سببه موقعها الجغرافي حيث تعتبر معبرا لبقية الدول الاوربية التي يحلم الكثيرون من كل بقاع العالم في العيش فيها. هل هناك من أبناء الجالية العربية من تولي مناصب حكومية مثلك؟ يوجد عدد كبير من العرب الذين احتلوا مناصب حكومية مشرفة في روما خاصة من ابناء الجيل الثاني من الذين ولدوا في ايطاليا وبالذات من المصريين الذين يحققون نجاحات مبهرة في العالم كله اذا توافرت لهم امكانيات النجاح. كم يبلغ العدد الفعلي للمهاجرين المصريين وما المشاكل التي يعانون منها؟ عدد المصريين المتواجدين بشكل رسمي يقترب حاليا من 100 ألف مصري يعملون في مهن ووظائف متنوعة منها الطب والسياحة وشركات المقاولات والمطاعم والوظائف الصناعية والفنية ولعل أخطر مشكلة تواجه الجالية المصرية حاليا ان معظم الاسر المصرية منعزلة عن بعضها والأخطر انعزالها عن الوطن وأتمني أن تقوم السفارة المصرية في روما بدور أكبر في تشجيع المصريين علي السفر الي مصر وزيادة الروابط سواء بينهم وبين بعضهم أو بينهم وبين الوطن. دور السفارات ربما حل المشاكل المادية والادارية للمغتربين ولكن كيف يمكن أن يكون للمهاجرين أنفسهم دور في هذا المجال؟ من خلال تفعيل دور الجالية والتجمعات التي تجمعنا في المناسبات المختلفة كذلك لابد من اتصال قوي بمصر فالمغترب لابد أن يكون جزءا من العامود الفقري للبلد الام ولعل البرلمان القادم في مصر يحمل حلولا لمثل هذه المشكلات. وذلك من خلال حسن اختيار من يمثلون الجاليات المصرية في الخارج في المجلس القادم. مطلوب الاختيار علي اسس الكفاءة والعطاء وليس من يجيدون اللعب علي كل الحبال الذين يرغبون في دخول البرلمان نيابة عن المغتربين كنوع من الوجاهة الاجتماعية وليس لبذل الجهود المكثفة لحل مشاكل المغتربين وربطهم ببلدهم الأم. ففي ايطاليا وفي كل دول العالم نوعية من البشر يختفون تماما خاصة عندما يزور مسئول مصري كبير البلد ولا يظهرون سوي في اللحظات الأخيرة لالتقاط الصور التذكارية ونشرها علي مواقع التواصل الاجتماعي للايحاء بأنهم أصحاب الجهد الحقيقي رغم أنهم لم يكلفوا أنفسهم منذ 30 يونيو في المشاركة في أي فعالية تنظمها الجالية.اضف الي ذلك مشكلة خطيرة جدا وهي سيطرة السلفيين علي عدد من المواقع الثقافية والديبلوماسية في روما وتوجيههم للعمل لتحقيق أهداف سياسية خاصة.