وزير التنمية المحلية يوجه المحافظات بتطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة بكل قوة وحزم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    أكاديمية الشرطة تواصل تنظيم ورش العمل التدريبية لطلبة الجامعات المصرية والكوادر الشبابية بوزارة الشباب والرياضة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    أسعار الذهب فى مصر.. عيار 21 يسجل 3100    «عايزة رجالة».. دعوات لمقاطعة البيض بالأقصر بعد ارتفاعه ل180 جنيها: «بلاها لمدة أسبوع» (صور)    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة المصرية    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات شرق النيل    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    مصدر رفيع المستوى: مصر حذرت مرارا من تداعيات عزم إسرائيل اقتحام رفح    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    الهدوء يسود انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة    القبض على لصوص الكابلات الكهربائية وبطاريات السيارات بعدد من المحافظات    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    الصحة: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطلاينة فى إسكندرية "عشرة عمر "
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2014

الإيطاليون أو( الطلاينة) لهم في كل شارع وزقاق وحارة ودكان ومحطة في إسكندرية حكاية وبصمة لا تمحوها السنون ويتذكرها العجائز ومتذوقو التاريخ والحضارة والثقافة,
فلا يوجد في الإسكندرية من لا يعرف إيطاليا, إيطاليا التي تأخذ خارطتها شكل الحذاء طويل الرقبة( البوت) أول مزحة في كتاب الجغرافيا, إيطاليا التي يتندر السكندريون بقولهم إنك لو فردت ذراعك طويلا علي شاطئ البحر لوصلت إلي إيطاليا ولهذا السبب أصبحت حلم المهاجرين صغار السن وكثيرا ما أبتلع البحر الشباب في هجرتهم غير الشرعية إليها, إيطاليا اليوم كانت حلم كثير من أبنائها بالأمس القريب وبالتحديد في القرنين ال19 وال20 أن يسافروا إلي مصر ويعملوا بها وفي خدمة الأسرة العلوية, وكانت مصر بالنسبة لهم الأسطورة والكنز وطريق الثراء السريع, وجاءوا وعملوا وذابوا في المجتمع السكندري وأثروا وتأثروا به, ويسعي كثير من أحفادهم اليوم إلي التواصل مع تاريخ أجدادهم فما حكاية الطلاينة في إسكندرية ؟
وعن تاريخ الإيطاليين في الإسكندرية يقول الدكتور فتحي أبو عيانة أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة الإسكندرية أن الأجانب أسهموا بدور كبير في تطور المدينة في القرنين التاسع عشر والعشرين, ففي سنة1800 لم يكن عدد الأجانب يزيد علي مائة نسمة, ثم أخذ محمد علي يستحضر كثيرا منهم للقيام بالأعمال الفنية في المصانع والجيش والأسطول, وكانت الإسكندرية محطتهم الرئيسية وتزايد عددهم من4886 نسمة في سنة1833 إلي أكثر من46 ألف نسمة في سنة1898, وكان اليونانيون يمثلون أكبر الجاليات يليهم الإيطاليون ثم البريطانيون والفرنسيون وهذه الجاليات الأربع كونت88% من الأجانب, وكان نسبة عدد الايطاليين في تعداد25.51897% و نسبتهم في عام19.51947% حتي وصل عددهم إلي3374 عام2006, وقد بدأت مرحلة التناقص التدريجي للأجانب ومن بينهم الايطاليون بعد التغيرات السياسية التي شهدتها مصر منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين.
ولكن لأن للإيطاليين مذاقا خاصا بهم فقد احتفظت الجالية الايطالية بالإسكندرية بعاداتها وطرق معيشتها علي الرغم من كونها كانت مقسمة إلي طبقتين واضحتين هما طبقة التجار وأصحاب المصارف الأثرياء الذين يجيدون اللغة العربية ويقطنون بالمناطق الراقية حول ميدان المنشية. والطبقة الثانية هي طبقة العمال الذين يعملون في التجارة, ونحت التماثيل الرخامية, وأعمال المطابع, والمصالح الحكومية والبنوك وهؤلاء انتشروا في كل الأماكن.
وقد شاركت الجالية الإيطالية في عمران المدينة وتحديثها سواء في التخطيط أو النشاط الإقتصادي والاجتماعي وبالأخص في عهد الخديو إسماعيل الذي تحولت فيه المدينة تحولا اجتماعيا كبيرا في عادات السكان من حيث الملبس والمسكن, وإقامة الحدائق والنافورات والتماثيل والمسارح والمعارض الأوروبية.
ويقول أبو عيانة أن الجالية الإيطالية في الإسكندرية تميزت بحيويتها وإسهامها في كل الأنشطة الاقتصادية ومن أبرز الأنشطة التي كانوا يعملون بها هي البناء والتشييد والكهرباء والنقل والمواصلات والصناعة وقد تركز نشاطهم في أحياء العطارين والمنشية وباب شرقي.
ويضيف أن عصرهم الذهبي كان قبل الحرب العالمية الثانية حيث عملوا في مجال البنوك وأول بنك الإيطالي المصريBancoItalo-Egiziano- وأنشئ سنة1922, وشارك المصريون في مجلس إدارته, والبنك الإيطالي التجاري للقطر المصري, وأنشئ سنة1924, وكان هذان البنكان يهدفان إلي توسيع العلاقات بين مصر وإيطاليا.
وفي مجال الصناعة أنشأ الإيطاليون شركات صناعية عديدة. أهمها شركات حلج الأقطان سنة1938, وشركة لصناعة السجاد والدخان, وشركة لصناعة الكحول وملحقاته, وكان للإيطاليين دور مهم في إنشاء معامل تقطير المشروبات الروحية وأهمها معملVinCenzoBertocchini, وشركة الكهرباء والميكانيكا التي أنشئت سنة1906 واشترك في إنشائها مع الإيطاليين أحد الأهالي بالإسكندرية ونمساويان وبلجيكي. كذلك أنشئت شركة إيطالية في أبريل1921 لصناعة الكاوتشوك والأسلاك الكهربائية, وأخري لصناعة المعادن وورشة لصناعة أسرة النوم والصاج وطاولات المستشفيات وعرفت باسم ورشة الإيطاليCarloFranco
كذلك تأسست شركة المحاريث والهندسة سنة1929 لصيانة الجرارات والآلات ومحلات أخري لتجارة الحدايد والمواسير والطلمبات والآلات الميكانيكية. بالإضافة إلي ذلك أسهم الايطاليون في إنشاء صناعات غذائية مثل المطاحن ومضارب الأرز, واحتكروا صناعة المكرونة والمأكولات المحفوظة. ويضيف أبو عيانة أن الإيطاليين تميزوا بأعمال المباني وإنشاء الطرق ورصفها, والقيام بأعمال الكباري والسكك الحديدية والمواني, وشاركوا في الصناعات المرتبطة بالبناء مثل البللور والرخام والزجاج كما تفوقوا في تقديم خدمات البريد والبرق, فقد أنشأ الإيطالي كارول ميراتيCarloMerati إدارة بريدية أطلق عليها إسم البوستة الأوروبيةLaposteEuropeene وإتخذ لذلك مكتبا في ميدان القناصل.
وقد اهتم الإيطاليون بالحياة الثقافية والتعليم فأنشأوا عدة مدارس منها الكلية الإيطالية في عام1862 وكانت تحت إشراف الحكومة الإيطالية ثم أسست جماعة إرسالية الفرنسسكان معهد سان أنطونيو بالعطارين في عام1891, وأسس الآباء الساليزبان معهد دون بوسكو الإيطالي وتم إنشاء مدرسة العائلة المقدسة بالرمل سنة1897 وكانت المدارس الإيطالية تهتم بالتعليم الفني. وظل ذلك الأمر حتي إنشاء مدرسة إيطالية تجارية في عام.1869
ولعل أهم اسهامات الايطاليين في ثقافة الإسكندرية هو إنشاء مدرسة دون بوسكو للفنون والصناعات وذلك سنة1912 علي مساحة13670 مترا مربعا قدمتها بلدية الإسكندرية لهذا الغرض. كما أنشئ معهد للبنات يضم مدرسة مجانية ومحلا للتعليم بالأشغال اليدوية. في منطقة رمل الإسكندرية وتم إعفاء راهبات القلب المقدس الإيطاليات من رسوم شراء الأرض التي خصصت لهذه المدارس, وأثرت هذه المدارس مع غيرها من المدارس الأجنبية في المجتمع السكندري بشكل واضح فقد التحق الطلاب المصريون واختلطوا بأبنائها.
وأنشأت بعض المدارس مكتبات عامة, وكان أهمها مكتبة المدرسة الإيطالية التي كانت تحتوي علي83336 مجلدا من مختلف أنواع المعارف وسمحت للجمهور بالاطلاع عليها.
وكان محمد علي قد أرسل البعثات الي إيطاليا في عامي1809 و1813 لدراسة الطباعة وبناء السفن في مدن ميلان وروما وفلورنسا. وبعد سنوات من الدراسة عاد نيقولا مسابكيMicolasMasabki لينشئ أول مطبعة عربية سميت صاحب السعادة, ولم ينس الإيطاليون الإعلام وصناعة الرأي العام فقد ظهرت الصحف الإيطالية في الإسكندية في القرن ال19 وكانت تتناول النشاط التجاري والصناعي والسفن الداخلة والخارجة لميناء الإسكندرية ومن هذه الصحفEcodiEgitto'L وتتحدث في جميع أعدادها عن إيطاليا وأحوال الإيطاليين في مصر, وصحيفة أسبوعية باللغة الإيطالية أسمهاRivistaaAlessandria سنة1883.
ومن الصحف الإيطالية التي صدرت في الإسكندرية في النصف الأول من القرن العشرين صحيفةCourriered'Italia وانتهي أمر هذه الصحيفة بدخول إيطاليا الحرب العالمية الثانية. بالإضافة الي ذلك كان للإيطاليين دور كبير في إدخال السينما حيث شهدت الإسكندرية أول عرض سينمائي سنة1897 في كافيه زارتي.
أما عن المستشفيات فحدث ولا حرج فقد أنشأ الإيطاليون المستشفي الإيطالي علي قطعة أرض بمنطقة الحضرة وباعها لهم مجلس البلدية في سبتمبر1905, وأطلق علي هذا المستشفي في وقت من الأوقات مستشفي بنيتو موسوليني, كما أنشأت الجمعية الإيطالية بالإسكندرية محلا معروفا بإسم( كامبو دي سيزاري) ليكون محلا صحيا للناقهين. كما أنشأوا الملاجئ والجمعيات الخيرية.
وكانت المعارض التجارية من الأنشطة المتميزة للجالية الايطالية ومن أبرزها المعرض الذي أقيم بشكل دوري للبضائع الايطالية ومعرض المنشية للتحف والتماثيل وفقد أنشأت الجالية الايطالية جمعيات لتشجيع الفنون كانت تقوم بحفلات يخصص دخلها للمعاهد الخيرية التابعة لها.
ولكن دوام الحال من المحال كما يؤكد أبو عيانة فقد أضيرت الأحوال الاقتصادية الإيطالية نتيجة قيام الحرب العالمية الثانية وبدأ الإيطاليون يطلبون الجنسية المصرية ليأمنوا شر الاعتقال, وقد بلغ عددهم نحو خمسة آلاف إيطالي, ونتيجة لدخول إيطاليا الحرب إلي جانب ألمانيا بدأت الحكومة المصرية في اتخاذ إجراءات ضد الجالية الإيطالية ونشاطها في مصر عامة وفي الإسكندرية بوجه خاص وبدأت في فرض الحراسة علي الشركات الإيطالية وإدارة أحوال الرعايا الإيطاليين وانتهت الحراسة في1948 وعادت بعض الشركات والبنوك إلي العمل ولكن كان الإيطاليون قد تناقص عددهم بشكل كبير.
وبعيدا عن النواحي الاقتصادية والسياسية تظل دائما الحكايات الإنسانية والاجتماعية والتواصل الإنساني هو الأكثر تأثيرا في البشر لذا فقد تأثرت لغة السكندريين بالإيطاليين الذين أثروا في اللهجة السكندرية وأدخلوا كلمات إيطالية عليها من خلال مشاركتهم في العمل والنشاط والحياة الاجتماعية ومزاملتهم للعمال المصريين وارتباطهم بالمؤسسات والشركات الأهلية, بالإضافة إلي علاقات الجيرة وعدم التفرقة وعلاقات الود مع أبناء المجتمع المصري مما ساهم في إقبال العديد من الإيطاليين علي تعلم العربية وتكوين جمعية صداقة مصر إيطالية ساهمت في توطيد العلاقة بين المصريين والإيطاليين.
ومن أمثلة الكلمات الإيطالية في مجال التجارة: ألا أونا, ألا دوي, ألا تري في المزادات وفي النقل والمواصلات: كارتا كارو كله ألستا بريمو, سكندو- ترسو وفي في الفنون: مايسترو, بيانو, تياترو وفي المنزل: بلكونه, فرنده, بانيو, كومودينو- لمبه موبيليا صابونه فازة وفي الأغذية جمبري- مكرونة إسباجتي باستا صلصه, تورته وفي التجارة: بوليصة- كمبياله مانيفستو فاتورة, وحتي حي الأزاريطة اسمه أصلا إيطالي كان أصلا لازاريتوlazaretto أي المستشفي.
وإعترافا بفضل الإيطاليين علي تحديث الإسكندرية وتطويرها في جعلها مدينة عصرية, فقد أطلق السكندريون أسماء كثير من الإعلام الإيطاليين علي بعض شوارع المدينة وميادينها, مثل جاريبالدي وطني إيطالي علي شارع بقسم الرمل, ودروفيتي كان نائب القنصل في الإسكندرية1803 وكان له دور في دراسة الآثار في عهد محمد علي( شارع بقسم العطارين) ودنتمارو كان مهندسا إيطاليا وساعد في إنشاء ورصف كورنيش الإسكندرية في نهاية1930 علي شارع بسيدي جابر, وكولوتشي باشا عمدة الإسكندرية في عهد الخديو اسماعيل وشارك في إعداد حفل افتتاح قناة السويس( شارع بقسم المنشية), وفيكتور إيمانويل ملك إيطاليا سنة1861( ميدان بسموحة). ورغم أن أسماء هذه الشوارع قد تغيرت بعد ذلك إلا أن الأسماء الإيطالية مازالت هي المعروفة.
كما كان للإيطاليين دور في تأسيس وتشكيل مجلس بلدية الإسكندرية في5 يناير1890 فكانت الإسكندرية تعيش في عصر المدينة الحديثة في وقت كانت ثمة مدن كبيرة لاتزال في حالة من الركود والتخلف. كما أنشأوا ملاجئ الإحسان ودور الأيتام الخاصة بهم, وهذه الدوركانت دافعا للمصريين لإنشاء دور مماثلة لهم كما أقاموا النوادي والمطاعم والمسارح والحدائق وبفضلهم وغيرهم من الجاليات الأجنبية كانت الإسكندرية في النصف الأول من القرن العشرين مدينة حديثة بما فيها من وسائل نقل وخطوط تليفونات ونشاط اقتصادي وثقافي واجتماعي مميز.
ويقول المهندس محمد عوض إن وراء كل مبني عظيم في الإسكندرية مهندسين وفنانين إيطاليين وشركات معمارية إيطالية وأبرز مثال علي ذلك ممر منشة وفيلا مظلوم والمبني الذي تقع به جريدة الأهرام في شارع فؤاد وكذلك فيلا لوران بك التي هي الآن مدرسة لوران الثانوية للبنات, وفندق متروبول الذي أنشأه المهندس الإيطالي أيضا كورادو برجولوزي, والقنصلية الإيطالية بمحطة الرمل التي بناها أنريكو بوفيو, والبنك الأهلي الذي بناه باراسكيفاس, ومبني مدرسة الدون بوسكو الذي بناه كاسيلي, وقصر المنتزه الذي بناه إ. فيريسي, والمستشفي الإيطالي الذي بناه ج.م.لوريا الذي له إنجازات كثيرة ومتعددة بالمدينة منها فندق سيسيل والمستشفي الإسرائيلي- مستشفي الطلبة الآن, كما بني لوريا أيضا بنك مصر الذي يتجاور فيه الفن الإسلامي والإيطالي. وكذلك محطة سكة حديد الإسكندرية ومحطة الرمل وهانو بميدان سانت كاترين وشيكوريل بشارع سعد زغلول وقصر رأس التين, والكثير من الفيلات التي تحمل أسماء أصحابها مثل شيكوريل و أمبرون. ويقول الفنان عصمت داوستاشي أن أبرز ميراث للإيطاليين في الإسكندرية هو تمثال الخديوي إسماعيل المصنوع من البرونز مع نصبه التذكاري المصنوع من الرخام الأبيض من محاجر كرارة بإيطاليا في تصميم فخم مهيب يليق بتماثيل الملوك والعظماء وكانت مجموعة النصب التذكاري للخديو إسماعيل مهداة إلي الإسكندرية من قبل الجالية الإيطالية وتم الاحتفال بإقامتة في موضعه القديم بميدان المنشية في ديسمبر عام1938 بواسطة الملك فاروق, ولم يتأثر بالقنابل التي دمرت أجزاء كثيرة من الإسكندرية إبان الحرب العالمية الثانية ولكنه تأثر بقرار أحد محافظي المدينة الذي أمر بإزالة هذا التمثال وتحويل قاعدته إلي نصب تذكاري للجندي المجهول وتم تخزين التمثال بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية حتي تم الإفراج عنه منذ بضع سنوات ليقف أمام المسرح الروماني بكوم الدكة, ويضيف داوستاشي أن إسكندرية الأربعينيات كانت بحق عروس البحر المتوسط, فقد زينت ميادينها بمجموعة من التماثيل الجميلة مثل تمثال محمد علي باشا علي صهوة جواده والمصنوع بأيد إيطالية هو الأخر لمصممه جاكومار والذي يتوسط ميدان المنشية أمام البورصة القديمة وكان تمثال الخديو إسماعيل علي الطرف الثاني من الميدان.
ويقول داوستاشي إن المدينة لن تنسي ثورة أهلها عند إقامة تمثال محمد علي عام1869 ورفضهم أن يوضع وسط الميدان والناس تدور حوله بحكم أن التماثيل حرام, ووقتها أصدر الإمام المجدد محمد عبده فتواه الشهيرة التي لا تحرم الأعمال الفنية, ما دامت ليست محل عبادة أو تقديس.. أما عن تمثال الخديو إسماعيل فهو مصنوع من البرونز وقد أبدعه الإيطالي امليوفوتيش وتم صبه بمسبك كانويكا بضواحي روما وللتمثال حكاية طريفة فقد تقدمت مصلحة سك العملة المصرية بعد رفعه من مكانه في المنشية بعدة طلبات لتحويل معدن التمثال الثمين إلي عملات معدنية, وعندما علمت الحكومة الإيطالية بذلك تقدمت بطلب لشراء التمثال واسترجاعه لوضعه في أفضل ميادين روما.
أما الأثري أحمد عبد الفتاح فيقول إن أشهر المباني المعمارية الإيطالية بالإسكندرية لن يتوقعها أحد فهي مسجدا القائد إبراهيم والمرسي أبو العباس الذين صممهما وبناهما المهندس والمقاول الإيطالي ماريو روسي في عهد الملك فاروق ويظهر فيهما تمازج العمارة الإسلامية مع الإيطالية ويتميزان بقباب خاصة بهما بالإضافة الي ان أشهر الأثريين بالاسكندرية كانوا من الطلاينة وهم الذين أنشأوا و أداروا المتحف اليوناني الروماني ومنهم أول مدير للمتحف عندما بدأ في شقة في شارع رشيد عام1892 وهو بوتي وهو أيضا الذي وضع لبنات المتحف الجديد في موقعه الحالي وشارك في إفتتاحه مع الخديو عباس حلمي الثاني عام1895 ومبني المتحف أيضا من تصميم أثنين من الإيطاليين هما ستون وديتريش ثم تولي إدارة المتحف الإيطاليان برتشيا وأدرياني وغيرهم من مشاهير الأثريين الإيطاليين الذين لعبوا دورا مهما في الكشف عن أسرار الحضارة المصرية ويضيف عبد الفتاح أن الفن الإيطالي كان له تأثير علي السكندريين من خلال أشهر مخرجي هذا الزمان الخواجة الإيطالي اليهودي توجو مزراحي الذي كان يصور أفلامه داخل سينما باكوس وسينما ليلي بالإسكندرية.
وفي النهاية بقي ان نقول ان حكاية الطلاينة في إسكندرية هي حكاية عمر تستحق ان يتم تخليدها من خلال بذل الجهود لدعم العلاقات بين الاسكندية والمدن الإيطالية, وإحياء تاريخ الجالية الإيطالية من خلال التعاون الاقتصادي والثقافي والفني والتاريخي والاثري و إلقاء الضوء علي التراث الإيطالي بالمدينة وترميمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.