تشهد الاسكندرية هذه الأيام ظاهرة غريبة تتمثل في فوضي ترميم التماثيل النادرة, وقد بدأت هذه الظاهرة منذ أكثر من شهر حينما استيقظ السكندريون علي كارثة تمثلت في طلاء تمثال سعد زغلول الذي يتوسط ميدان محطة الرمل باللون الذهبي تحت مسمي ترميمه, وهو ما لم يقبله الشارع السكندري. وثار الفنانون والأثريون واتهموا شركة المقاولات القائمة علي ترميمة بتحويله الي مسخ, وهذا الشهر تتكرر نفس المشكلة مع تمثال آخر لا يقل أهمية هو تمثال الخديو اسماعيل الذي يقف أمام المسرح الروماني بكوم الدكة, فقد فوجئ الجميع بسياج خشبي حول التمثال وإحدي الشركات العقارية تضع لافتة لها تعلن فيها عن قيامها بترميمه مما قد يكرر مأساة تمثال سعد زغلول, والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف يتم تسليم هذه القطع الأثرية والتاريخية النادرة لشركات لا سابقة خبرة لها في هذا المجال ومن المسئول عن ذلك؟ يقول الدكتور هشام سعودي عميد كلية الفنون الجميلة إن التماثيل الموجودة بالميادين ليست حكرا علي المصريين فقط فهي تماثيل ذات قيمة تاريخية وعالمية وقيمتها لا ترجع فقط لأسماء الفنانين العالميين الذين صنعوها ولكن للأشخاص الذين تجسدهم, لذا فهي قطع متفردة وإن التعامل معها لابد أن يتم عن طريق متخصصين وبمنتهي الحرفية والدقة كما حدث في ترميم تمثال محمد علي بالمنشية منذ عدة سنوات والذي قام بترميمه الدكتور محمد هلال, وأكد سعودي أن الكلية لم يعرض عليها مشروع صيانة أي من التمثالين لترشح أحد الأساتذة المتخصصين لذا فهي لا تتحمل أي مسئولية وإن كانت لا تمانع من التعاون مع المسئولين في إطار الحفاظ علي تراث المدين. من جانبه دعاالأثري أحمد عبد الفتاح الي ضم هذه التماثيل الي الآثار طبقا للمادة الثانية من قانون الآثار التي توضح أن كل ما له طابع تاريخي قبل عام1952 لابد من اعتباره كأثر خصوصا التماثيل ذات القيمة الفنية والتاريخية, وأضافأن الاسكندرية تضم4 من أندر التماثيل العالمية المصنوعة من البرونز وهي تمثال محمد علي الذي صنعه الإيطالي جاكومار وهو الوحيد المسجل من بينها كأثر, وتمثال سعد زغلول الذي صممه محمود مختار ونفذه أندريا فيشا الايطالي وتمثال نوبار باشا الذي نفذه الفرنسي بوش, وأخيرا تمثال الخديو اسماعيل للإيطالي مليوفوتيش واهدته الجالية الإيطالية للإسكندرية عام1938. وتقول أميرة أبو بكر متخصصة الترميم الاثري ان ترميم التماثيل البرونزية يحتاج الي معالجة كيميائية حيث تتعرض هذه التماثيل للصدأ والأكسدة وبالتالي لابد أن يتم تنظيفها ميكانيكيا في البداية لرفع الصدأ الناتج عن التلوث وعوادم السيارات ثم يتم عزل التمثال بمواد خاصة علي أن يتم ملاحظته كل6 اشهر. وفي النهاية السكندريون يتساءلون: متي يتوقف هذا العبث بتاريخ وتراث المدينة.