الفيلسوف الفرنسي « البير كامو « كتب مقالا يتحدث فيه عن عبثية الحياة من خلال تأملاته لأسطورة «سيزيف «، قال فيه أن حياتنا غير مجدية،لا معني له. تروي لنا الأسطورة الإغريقية أن «سيزيف» كان رجلا ذكيا وماكرا، خدع إله الموت عندما طلب منه أن يجرب الأصفاد والأقفال، وعندما جربها قام بتكبيله بها فمنع بذلك الموت عن الناس، غضب الإله حكم عليه بأن يعيش حياة أبدية من الشقاء المتواصل، يحمل صخرة من أسفل الجبل إلي أعلاه، فإذا ماوصل إلي القمة تدحرجت الصخرة إلي الوادي، فيعود ليرفعها ثانية إلي القمة فتتدحرج من جديد، ليظل علي تلك الحالة من الشقاء إلي ما لا نهاية. البعض يري أن حياتنا تشبه كثيرا المهمة التي حكم بها علي» سيزيف»، دورة متشابهة، مملة ومكررة، لحظات السعادة قصيرة وخاطفة،ساعات الوجع كما صخرة «سيزيف» التي كتب علينا أن نحملها إلي القمة فتتدحرج منا للقاع، مهمة لا تنتهي إلا بالموت الذي أراد «سيزيف «أن يمنعه عن الناس، وربما يكون طول العمر شقاء لا ينتهي، يعبر عنه أيوب الصديق بقوله : « مولود المرأة قليل الأيام شبعان تعبا»، يتطلع أيوب إلي نفسه فلا يجد ما يفتخر به، لأنه زرع بشري ضعيف كل حياته مملوءة بالتعب، كلنا علي ما يبدو « سيزيف »، مهما كانت أوضاعنا وأعمارنا، للدرجة التي جعلت البعض ينظر إلي الحياة التي نعيشها ونرحل منها مهما عشنا في الموعد المحتوم هي حياة عبثية بالكامل. الفيلسوف الفرنسي « البير كامو « كتب مقالا يتحدث فيه عن عبثية الحياة من خلال تأملاته لأسطورة «سيزيف «، قال فيه أن حياتنا غير مجدية،لا معني لها، إذ ما معني أن يقوم «سيزيف» بنفس المهمة كل يوم ولا يصل إلي نتيجة، ما جدوي وجودنا في عالم محكوم بالزوال؟، ما جدوي أن نعمل؟، ما جدوي أن نأتي للحياة ثم نموت؟ ما معني أن نؤمن بأفكار في عالم لا توجد فيه حقائق مطلقة وكلها نسبية ومتغيرة، إلا حقيقة واحدة هي.. الموت ؟. تلك هي الأفكار المحيرة التي تلعب برءوس من يرون أن الحياة بلا معني، لا تستحق الصراعات والحروب والمشاق والمتاعب والآلام التي يجلبها الإنسان لنفسه بلا طائل في حياة سوف يغادرها دون استئذان، الفيلسوف الفرنسي الذي هو من أصل جزائري يري أننا نعمل ونقاوم ونتحدي ونتقدم باحثين عن العلا وقد نموت من أجل فكرة أو معتقد، ويذكرني بكلام «المعري» حين طلب أن يُكتب علي شاهد قبره: « هذا ما جناه أبي عليّ ولم أجنِ علي أحد! «، وكأنه يريد أن يثبت أن وجوده في الدنيا كان عبثيا، لم يأت بإرادة منه، ورحل عن الدنيا بغير إرادة منه أيضا، يكرر نفس التأكيد عالم النفس الأمريكي « اريك فروم « عندما يقول إن مأساة الإنسان تكمن في أنه يأتي إلي الحياة، يعمل، يكد، ثم يغادر فجأة، فهل حياتنا عبثية؟ شخصيا لا أعتقد ذلك لأن تفسيري لأسطورة «سيزيف» لا يعكس عبثية الحياة بقدر ما يعكس تحديه المستمرلما تم تكليفه به، كان باستطاعته أن يضع حدا لحياته فينتهي العقاب، لكنه اختار أن يتحدي قدره، ربما لأنه وجد معني أو متعة لتلك المهمة، ولهذا لابد أن نستمد من إيماننا بالخالق حكمة وجودنا، لندرك أن للحياة معني يمنحنا القدرة علي البقاء لدحرجة صخرة واقعنا إلي ما لا نهاية.