العبثية مدرسة أدبية فكرية ، ابتدعها الغرب بعد الحرب العالمية الثانية ، وانطلقت بالتحديد من فرنسا علي يد الفيلسوف الفرنسي والكاتب الجزائري الاصل البير كامو ونشر كتابه الشهير " أسطورة سيزيف" ، وفلسفة العبثية انتشرت بعد ذلك في معظم دول العالم بسبب شعور الانسان بالضياع ولم يعد لأفكاره مضمون فقد كان يجتر أفكاره لأنه فقد رؤية الأشياء بحجمها الطبيعي نتيجة لسيطرة الآلة علي الحياة وتحول الناس الي تروس في هذه الآلة الاجتماعية وازدهرت الكتابات العبثية لدي بيكت ويوجين يونيسكو حتي منتصف التسعينيات من القرن الماضي ، لكن ظل كامو هو الرائد لهذا الفكر الفلسفي الذي تجلي في معظم أعماله وكانت مسرحياته ورواياته تعكس فلسفته في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية ، لقد كانت تعايش عصرها حينذاك ، حتي أنها أهلته لجائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء. وتقوم فلسفته أساسا علي أهم كتابين وهما " أسطورة سيزيف " والمتمرد أو يمكن أن نقول ان فلسفته كانت تقوم علي فكرتين رئيسيتين هما العبثية والتمرد واتخذ كامو من أسطورة سيزيف رمزا لوضع الإنسان في الوجود ، وسيزيف هو هذا الفتي الإغريقي الأسطوري الذي حكم عليه أن يصعد بصخرة إلي قمة جبل ، ولكنها ما تلبث أن تسقط متدحرجة إلي السفح ، فيضطر إلي اعادة حملها ورفعها لقمة الجبل من جديد ، وهكذا للأبد ، وكامو رأي فيه الإنسان الذي قدر عليه الشقاء مدي الحياة حتي الموت وهذا هو الانتحار الفلسفي الذي قصده بعدم جدوي الافعال في ظل الرتابة والحياة بلا معني ، وإذا كان البعض يصف بعض التصرفات والسلوكيات بالعبثية فلان الكثير يعيش حياته بلا تفكير في المستقبل او ان قادته يرسمون خرائط المستقبل بما تخدم مصالحهم من وجهة نظرهم فلا يشعرون بكياناتهم المفقودة ، مما ينتج عنه نوع من الفوضي غير الخلاقة ، وانتشار مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان ، وأنانية في السلوكيات بشكل عام ، مثلما حدث في اوربا بعد الحرب العالمية الثانية ، وهذا العبث الذي صوره الادباء في أعمالهم هو نوع من الهروب في صورة كوميديا سوداء ، وفي مسرحية سوء تفاهم صور كامو مأساة جان الابن العائد الي مسقط رأسه بعد رحلة طويلة قضاها يبحث عن ذاته وحلم الثراء وحين عاد لبلده وجد امه وأخته أصبحتا تملكان فندقا في منطقة نائية ، فذهب اليهما ، وترك لهما فرصة التعرف عليه ، لكن قمة المأساة جسدها كامو عندما تواطأت الام وابنتها علي قتل هذا الغريب الثري الذي جاء ليقيم لديهما ولم تتعرفا عليه ، وامتدت يد الطمع اليه ولم تمهله اتمام فرحته بلقاء عائلته والاعتراف لهما بأنه الابن العائد بعد طول غياب ، وقتلته امه وأخته طمعا في الاستيلاء علي ثروته وبعد قتله اكتشفتا انه الابن الغائب الذي عاد باحثا عنهما ! .