بالرغم من الاتفاقيات التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته الأخيرة للصين ستظل احتمالات المواجهة بين البلدين قائمة ومتزايدة مادام الجيش الصيني يحرص علي البقاء كصندوق أسود لا يعرف احد عنه شيئا بحسب مقال للكاتب مايكل بيلسبري بمجلة فورين بوليسي الأمريكية. ففي 12 نوفمبر الجاري عقد أوباما مؤتمرا صحفيا مع نظيره الصيني شي جين بينج في بكين أعلنا خلاله الاتفاق علي أن يخبر كل طرف الطرف الآخر قبل القيام بأنشطة عسكرية كبيرة وأن يضع البلدان مجموعة من قواعد السلوك حول الأنشطة البحرية والجوية لتفادي وقوع أي مواجهة عسكرية في آسيا. وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي لصحيفة "وول ستريت جورنال" "علينا أن نتفادي أي تصعيد غير متعمد" وأضاف "أي ظروف عرضية قد تؤدي إلي صراع". وردا علي سؤال هل يجب أن نقلق حقا حول نشوب حرب بين الولاياتالمتحدةوالصين؟ ذكر الكاتب أنه بعد 4 عقود من دراسته للصين تحدث خلالها مع المئات من ضباط الجيش الصيني وقرأ عددا غير محدود من المقالات العسكرية والاستراتيجية توصل الكاتب إلي أن القادة العسكريين والسياسيين الصينيين يعتقدون أن الولاياتالمتحدة تستعد لمواجهة محتملة وأن بكين عليها هي الأخري أن تستعد لهذا الاحتمال. ويري الكاتب أن التوترات متصاعدة بين البلدين ليس فقط لأن بكين رفعت بطريقة متزايدة وسريعة ميزانيتها العسكرية ولا لأن الولاياتالمتحدة تكرر تعهداتها بزيادة وجودها العسكري في منطقة المحيط الهادئ كجزء من استراتيجيتها لإعادة التوازن في المنطقة لكن المشكلة الكبري تكمن في غموض الصين. ففي الوقت الذي يبدو فيه أنه من المشجع أن يوافق الرئيس الصيني علي أن يأمر الجيش ليصبح أكثر انفتاحا فيما يتعلق بالولاياتالمتحدة تثور الشكوك حول ما إذا كان هذا الأمر سيؤدي إلي تغيير حقيقي بعدما تكررت الاتفاقات بين الجانبين دون أن تدخل حيز التنفيذ فعلي مدار العقد السابق علي الأقل وفي عدد من المناسبات ضغطت الولاياتالمتحدة علي الصين لتصبح أكثر صراحة حول نواياها وقدراتها العسكرية. فمثلا في أبريل 2006 وبعد اجتماع بين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد والرئيس الصيني السابق هو جينتاو أعلن الطرفان بدء محادثات بين قادة القوات النووية الاستراتيجية في البلدين وهي الخطوة التي اعتبرت في ذلك الوقت غاية في الأهمية لكن هذه المحادثات لم تتم مطلقا. وفي عام 2011 قال وزير الدفاع الأمريكي حينذاك روبرت جيتس إن واشنطن مستعدة لمشاركة وتبادل كم كبير من المعلومات العسكرية مع الصين بهدف تقليل فرص وقوع سوء فهم أو سوء تقدير، لكن القيادة الصينية التي تستعين دائما بتكتيك التشويش رفضت توضيح نواياها العسكرية. وفي سبتمبر 2012 وخلال زيارة للصين حاول وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا إقناع بكين بالدخول في محادثات عسكرية وبدء حوار استراتيجي حول 4 قضايا محددة هي الأسلحة النووية وصواريخ الدفاع والفضاء الخارجي القرصنة الإلكترونية. لكن الصين عارضت مرة أخري ولم تتم هذه المحادثات أبدا. ورغم تكرار توسلات المسئولين الأمريكيين فإن الصين غير مستعدة للحديث عن القضايا العسكرية الجوهرية مثل نطاق ونوايا البناء المتسارع لقواتها أو تطوير التكنولوجيا التي قد تؤدي إلي شل القوات البحرية الأمريكية الموجودة في المنطقة أو تورط الجيش الصيني في هجمات القرصنة الإلكترونية التي تتعرض لها الولاياتالمتحدة وهي القضايا التي قد يؤدي الحديث عنها إلي تقليل الاحتكاك بين البلدين. ويقول الكاتب إن عددا من المسئولين الصينيين سبق أن انتقدوا المقالات التي يكتبها بعض الصحفيين الأمريكيين حول حرب محتملة مع الصين وكيف يمكن أن تنتصر فيها الولاياتالمتحدة. فعلي سبيل المثال نشر مقال في فبراير الماضي في مجلة تابعة للمعهد البحري الأمريكي تحت عنوان "ردع التنين". واقترح المقال زرع ألغام هجومية تحت الماء علي طول ساحل الصين لإغلاق الموانئ الرئيسية في الصين وتدمير خطوط الاتصالات البحرية كما اقترح المقال إرسال قوات خاصة لتسليح الأقليات في غرب الصين. لكن الصين تفعل الشيء نفسه ففي عام 2013 دعا اثنان من ضباط الجيش لأن تضيف الصين المزيد إلي الكم والكيف من أسلحتها النووية من أجل تقليل الفجوة بين الصين وكل من الولاياتالمتحدة وروسيا. أخيرا فإنه بإمكان بكين أن تستمر في الاتفاقيات التي تم الإعلان عنها خلال زيارة أوباما الأخيرة لكن الكاتب مايكل بيلسبري يشكك في ذلك قائلا إن إحدي أهم نقاط تفوق الصين علي الولاياتالمتحدة هي غموض معلوماتها العسكرية فلماذا تتخلي عن هذا الغموض؟