شددت الولاياتالمتحدة والصين على أن مصدر الهجمات على شبكات الإنترنت الأميركية ليست بكين وحدها، وأكدتا أن البلدين لديهما قدرات متطورة في مجال الهجمات على الشبكات العنكبوتية ويتعين عليهما العمل معا لتفادي "حسابات خاطئة قد تؤدي إلى صراع مستقبلي". وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا -أثناء استقباله نظيره الصيني ليانغ غانغلي في أول زيارة لوزير دفاع صيني إلى واشنطن منذ تسع سنوات- إن دولا وقراصنة آخرين متورطون في هجمات إلكترونية على الولاياتالمتحدة والصين. وأضاف أن البلدين طورا قدرات تكنولوجية في هذا المجال "ومن المهم للغاية أن نعمل معا لتطوير سبل لتفادي أي حسابات أو اعتقادات خاطئة قد تؤدي إلى أزمة". بدوره رفض الوزير الصيني تلميحات إلى أن الهجمات على شبكات الحاسوب التي تستهدف الولاياتالمتحدة تأتي بشكل مباشر من الصين. وكشف أن بانيتا اتفق معه في الرأي على أنه لا يمكن نسبة جميع الهجمات الإلكترونية على الولاياتالمتحدة إلى الصين وأن الجانبين ناقشا سبل التعاون في مجال أمن شبكات الحاسوب. وكان مسؤولون أمنيون أميركيون أعلنوا قبل أشهر -في أول اتهام علني للصين- أن الأخيرة تشن هجمات منظمة لسرقة تكنولوجيا أميركية متطورة لاستخدامها في تطوير اقتصادها. واعتبر المراقبون هذا التصريح -وهو الأقوى والأشمل ضد بكين بعد سنوات من الشكوى للسلطات الصينية بطريقة سرية- بداية لمعركة دبلوماسية طويلة لحث الصين على مكافحة هذه الهجمات. وعلى الرغم من أن خبراء أميركيين في الأمن الإلكتروني أكدوا عدم إمكان تحميل مسؤولية الهجمات إلى طرف محدد، أوضحوا أنه من الصعب القول إن الهجمات القادمة من الصين مسؤولة عنها الحكومة الصينية. وأجبرت هذه الهجمات المخابرات الأميركية في تقرير صدر نهاية العام الماضي على دعوة الحكومة لمواجهة بكين وموسكو بطريقة علنية وعبر قنوات دبلوماسية واضحة لمكافحة الهجمات الإلكترونية الآخذة في التصاعد وتمثل تهديدا مستمرا للأمن الاقتصادي الأميركي. ويذهب خبراء أمنيون إلى القول إن هناك 12 مجموعة صينية مدعومة أو تديرها الدولة تشن هجمات إلكترونية منظمة لسرقة معلومات حساسة من مواقع الشركات والحكومة الأميركية تقدر بمليارات الدولارات وخصوصا في مسائل الحقوق الملكية والفكرية. وفي موضوع منفصل دافع بانيتا عن التحول في التركيز الإستراتيجي للجيش الأميركي إلى آسيا قائلا إن الهدف هو مساعدة أصدقاء أميركا على تطوير القدرة على التصدي للتحديات المشتركة التي يواجهونها، وإن واشنطن تريد نفس النوع من الروابط مع بكين. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة والصين قوتان في منطقة الباسفيك "وهدفنا إقامة علاقة بناءة للمستقبل، من الضروري لبلدينا أن يتواصلا بشكل فعال بشأن كثير من المسائل الصعبة جدا". وتصاعد القلق المتبادل بين الطرفين في الآونة الأخيرة، فواشنطن متخوفة من السرعة الفائقة التي تبني فيها الصين قدراتها العسكرية، رغم أن واشنطن تنفق على التسلح أكثر بست مرات من الصين. لكن الأميركيين يتطلعون بحذر إلى تطوير الصينيين لأسلحة قد تجرد واشنطن من تفوقها العسكري والإستراتيجي وخاصة في مجال الصواريخ أو الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية أو الصواريخ التي قد تحرم البحرية الأميركية من التحرك بحرية قرب سواحل الصين. في المقابل تراقب بكين بقلق تحركات واشنطن في حديقتها الخلفية بعد إعلان الرئيس باراك أوباما تحويل إستراتيجيته العسكرية نحو منطقة آسيا/الباسفيك، خصوصا وأن أميركا تبعت هذا الإعلان بخطوات عملية بينها نشر كتيبة من البحرية في أستراليا وعقدت اتفاقا مع اليابان لإعادة تأهيل وتوسيع قواعدها هناك، وتجري محادثات مع الفلبين لتعميق التعاون الأمني بين البلدين. وناقش بانيتا وليانغ -الذي يترأس وفدا يضم 24 من كبار المسؤولين العسكريين الصينيين- الفضاء الإلكتروني والأسلحة النووية وكوريا الشمالية ومبيعات السلاح الأميركي إلى تايوان والمواجهة بين الصين والفلبين بشأن جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي وبرنامج التطوير العسكري للصين. كما تطرقت المحادثات إلى العمل على استقرار الروابط العسكرية بين البلدين المضطربة بمعظم الأحيان. كما قبل بانيتا دعوة ليانغ إلى زيارة الصين في النصف الثاني من العام واتفق الجانبان أيضا على إجراء مناورة مشتركة لمكافحة القرصنة في خليج عدن في وقت لاحق من هذا العام.