لم أكن أتخيل يوماً أن الزمن سينتهي بي في آخر أيامي ب «فرشة» علي الرصيف لأبيع بها «بالات مستحضرات التجميل» في عز الحر رغم كبر سني ... بهذه الكلمات بدأت الحاجة صباح والملقبة ب «أم أحمد» حديثها إلينا ، وتقول : تحملت الكثير بعد أن توفي زوجي، ولم أجد طريقاً أمامي من أجل ان أربي أبنائي الخمسة و أطعمهم «لقمة حلال» سوي نزولي الي الشارع كي أبحث عن عمل، ومن وقتها بدأت أبيع « بالات التجميل» في سوق الأحد. وتابعت «أم أحمد» : أقوم بنفس العمل منذ 30 عاماً، حيث أذهب لبعض شركات مستحضرات التجميل المنتجة لمعجون الأسنان ومزيلات العرق والماكياج وملمعات الأحذية وأشتري منهم بالات هذه المنتجات التي تتبقي من الشركات بعيوب تغليف أو صناعة، وأحياناً أقوم بتجميعها من بعض المحلات كبقايا منتجات اقتربت مدة صلاحيتها من الانتهاء ، وأظل أجمع بضائعي طول أيام الأسبوع إلي ان يأتي يوم الأحد، أستيقظ مع أذان الفجر وأحضر حقائب البضائع وأحملها فوق احدي العربات «الكارو» لأفترش هذا الرصيف، وتستطرد قائلة: «أكل عيشنا يوم غلق المحلات لاننا بنفترش أرصفتها». وأضافت : اشتري معجون الأسنان بالكيلو ، ويبلغ كيلو المعجون 7 جنيهات، وأبيع العبوة منه ب 1 جنيه و علبة كريم الشعر ب 2 جنيه وقلم الكحل ب 50 قرشاً وزجاجة مزيل العرق ب 3 جنيهات، ويأتي إليّ الزبائن من مختلف الطبقات لأنهم يثقون بالمنتجات التي أبيعها ويشترونها منذ أكثر من 30 سنة. ثم تصمت لحظات وعيونها تفيض بالحزن وتقول: «أعاني من تليف بالكبد وسكر بالدم ومع تغير الفصول خاصة في بداية فصل الشتاء يزداد تعبي، وأتمني لو كانت الدنيا أكثر رفقاً بي كي أرتاح من المطر والبرد بمنزلي، ولكنني مثل أي امرأة مصرية اعتادت أن تثبت وقت الشدائد، واضطر إلي النزول للشارع والعمل في عز الحر بالصيف والبرد بالشتاء رغم مرضي من اجل فقط أن أحصل علي مصاريف ابنائي وثمن علاجي..الحياة لاترحم.. واذا لم اعمل سوف اموت واسرتي من الجوع. انا افعل مالايستطيع عمله اعتي الرجال فالحاجة مرة والمضطر يركب الصعب .. لكن رغم انني اقوم بما لايستطيع ان يقوم به اعتي الرجال.. اردد دائما الحمد لله». روحية جلال