بدون موعد فجأة وبعد سد النهضة أصبحت علاقتنا مع أثيوبيا سمناً علي عسل فجأة وزادت الوفود مرة علي مستوي الوزراء ومرة علي مستوي العلماء وكله من أجل سد النهضة وآخرها تصريح للسيد وزير الموارد المائية. «زيارتي لسد النهضة تحقق الثقة بيننا وبين أثيوبيا» ثقة إيه يا معالي الوزير هو حد داس لهم علي طرف؟ هذه دبلوماسية رومانسية مرفوضة في هذا الوقت!! وأحد الخبراء في وفد آخر من الذين سافروا إلي أثيوبيا لمباحثات سد النهضة «ماتفهمش مباحثات إيه ما السد اتبني وخلاص» يصرح ويقول: ذهبت للعلاقات الوثيقة الطيبة التي تربطنا بأثيوبيا!! الحقيقة ان العلاقات الطيبة ظهرت بعد بناء السد الذي هو بلا جدال سد علينا وليس لنا. لم نكن قبل سد النهضة نسمع عن وفود ذاهبة ووفود عائدة!! وكأن علي راسنا بطحة للسادة في أثيوبيا!! إن مصر مقبلة علي محنة مائية ثم محنة اقتصادية!! لأن الماء سر الحياة وباعثها «وجعلنا من الماء كل شيء حي» صدق الله العظيم. لعلنا يجب أن نفكر من الآن كيف سوف تواجه الأجيال العطش ليس عطش البشر ولكن عطش الأرض والذي معناه قلة المحصول ومعناه الجوع!! وبالتالي العطش الاقتصادي. لعلنا نتجه للعلماء لدراسة المياه الجوفية ثم تحلية مياه البحر.. إن العطش قادم لا محالة بعد أن نستهلك مخزون بحيرة السد العالي كلنا متعبون مادياً ومليونيرات مصر ولا هم هنا. إن مليونيوات مصر يضعون المصاحف في سياراتهم وبجانب فراشهم ولكنهم لم يقرأوا هذه المصاحف. ولعلهم يقرأون سورة «يس» كل يوم جمعة تبركاً ولكنهم لا يفهمونها. لماذا لا يتنازل كل منا نحن متوسطي الحال عن عشرين جنيها شهرياً؟ لماذا لا نعطي لمصر «عيدية» ألا يستحق هذا البلد الجميل الرائع الذي أعطانا تاريخاً مجيداً فأصبح علينا أن نعطيه حاضراً يليق به.. إننا لو أعطينا هذه «العيدية» لمصر سوف تصل في مجموعها إلي مائة مليار.. وهذا هو كل المطلوب منا ليتعافي الاقتصاد ولو استمرت هذه العيدية لمدة عام لتعافت مصر تماماً.. ووقفت علي قدمين ثابتتين وأصبحت لا تفكر في قوت يومها!! لعلنا بقياداتنا الواعية والمحبة هذه الأيام نستطيع أن نوقظ الاقتصاد المصري ونضعه في غرفة الإنعاش حتي يفتح عينيه وينظر حوله ويسحب المليونيرات من قفاهم ليريهم كيف تعيش الحلوة مصر علي الكفاف. فكروا جيداً وضموا الصفوف وليفكر الفقير قبل الغني لأن الفقير لا ينام من التفكير في غده، أما الغني فإنه لا ينام من التفكير في رفع رقم حسابه في البنوك!! فكروا جيداً.. وليقرأ المليونيرات «ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالاً وعدده، أيحسب أن ماله أخلده» صدق الله العظيم. فكروا جيداً وادرسوا آثار هذا السد علينا.. وأن مصر قوية وسوف تستطيع أن تخرج الأجيال من محنة شح المياه المستقبلية.