هذا .. ما تبقى يعي الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي القابعان في القاهرة، أنه لا مناص عن دور مصر لوقف إطلاق النار في غزة، فالمزايدات الرخيصة علي دور القاهرة، ومحاولات تهميش ثقلها الإقليمي، تحطمت علي صخرة توصل مصر لهدنة بين الجانبين استمرت 72 ساعة، لكن الفشل في تمديدها عاد إلي توازنات وتطلعات فرضتها معطيات بعيدة عن المسعي الرئيسي وهو حقن دماء المدنيين في القطاع المحاصر. وفي حين قال الوفد الفلسطيني صراحة، أنه لن يغادر القاهرة قبل التوصل لحل جذري للأزمة، اعترفت صحيفة هاآرتس بأن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يتطلع إلي إنهاء النزاع حرصاً علي مستقبله السياسي الذي تأثر كثيراً، وربما يدعم توجه الصحيفة العبرية، تأكيد الخبير الإسرائيلي تسيفي بارئيل، إن كل يوم يمر علي بقاء القوات الإسرائيلية في غزة، يقلص فرص فوز نتانياهو في الانتخابات المرتقبة، التي يجري الإعداد لها حالياً علي قدم وساق. إذا كانت تلك المعطيات هي المكون المحوري لموقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فما يجري خلف الكواليس يشي بواقع مغاير، شاركت في صياغته عناصرفلسطينية وإقليمية ضالعة في الأزمة، إذ تؤكد تسريبات نشرها الخبير الإسرائيلي «جاكي خوري»، إن مخضرمي حماس خاصة خالد مشعل واسماعيل هنية، يسعيان إلي إدارة الأمور في القطاع لصالح أجندات إقليمية، تمليها حكومتي قطروتركيا، ويؤكد ذلك – والكلام علي عهدة الخبير الإسرائيلي – إن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وكذلك السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وافقوا جميعاً علي ما تضمنته المبادرة المصرية، الأكثر من ذلك أن قادة حماس في الداخل الغزاوي باستثناء اسماعيل هنية، أيدوا المبادرة كأساس للتفاوض لاحقاً حول التفاصيل، لكن خالد مشعل الذي تنقل بطائرته الخاصة بين الدوحة وأنقرة، رفض التعاطي مع المبادرة، وفرض علي القطاع معارك غير متكافئة مع آلة الحرب الإسرائيلية. وتؤكد تسريبات نشرتها الصحيفة العبرية ذاتها، أن مصر فطنت إلي الدور الذي يلعبه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، ويدعمه فيه نائبه في القطاع اسماعيل هنية، وفي محاولة لنزع صلاحية القيادة من الرجلين، قررت القاهرة تحييدهما تماماً، حينما رفضت طلبهما زيارة القاهرة للمشاركة في المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين. وبحسب هاآرتس، اكتفت مصر بتمثيل القيادي الحمساوي موسي أبو مرزوق – المقيم بالقاهرة - في المفاوضات، ورغم أن التصريحات المعلنة تؤكد أن الفشل في التوصل لتمديد الهدنة يعود الي تباين مواقف الجانبين في بعض النقاط التي ستصبح محوراً لاتفاق تهدئة دائم، إلا أن الواقع غير المعلن يشير إلي أن مشعل وهنية يصرّان علي لعب دور محوري في القضية لحساب جهات إقليمية، لا تضع في حسبانها دماء الغزاويين، قدر اهتمامها بإحراج النظام المصري وزعزعة دوره الإقليمي. ويرنو الخبير الإسرائيلي إلي زاوية «مسكوت عنها» في موقف مصر من قيادات حمساوية بعينها خاصة مشعل وهنية، إذ يشير في تقريره الي أن القاهرة لن تنسي مساندة الرجلين لنظام الرئيس المعزول محمد مرسي، وتدخلهما السافر في سياسة مصر علي اعتبار أنهما ينتميان لجماعة الإخوان المسلمين، ولن تتجاهل حرصهما علي دعم أنظمة مناوئة للنظام المصري الحالي «تركياوقطر»، الأهم من ذلك أن مصر لا تستطيع أن تنزع من ذاكرتها مشاهد العمليات المسلحة، التي شاركت وحرضت عليها حماس ضد قوات الأمن والجيش المصري في مدينة رفح. علي الرغم من تلك المعطيات، إلا أن مصر لا تضع في حسبانها سوي المدنيين في القطاع، ويؤكد ذلك تسريبات نقلها موقع «دبكا» العبري، وجاء فيها: «إن القاهرة تتعهد بنقل السلع الغذائية وغيرها من مينائي العريش بشمال سيناء وبورسعيد إلي القطاع، إلا أنها لن تلتزم بتحمل مسئولية ضمان عدم وجود أسلحة في الشحنات الغزاوية.