وزير العمل يلتقي مصريين بالخارج في "بيت العائلة المصرية" بجنيف    وكيل وزارة التعليم بقنا يحيل عدداً من المدارس للتحقيق    جامعة أسيوط تدرس أهم الجوانب التي تبرز المعالم السياحية والتاريخية للمحافظة    سلطات الاحتلال تفرج عن أسير فلسطيني قضى 20 عاما في معتقلاتها    رئيس البحوث الفلكية يكشف حقيقة تعرض البلاد لزلزال خلال أيام (فيديو)    وزير الخارجية الإيطالي: لم نأذن باستخدام أسلحتنا خارج الأراضي الأوكرانية    نبيل عماد دونجا ضيف إبراهيم عبد الجواد في "الهدف"، الليلة    خالد الغندور يرد على اعتذار سيد عبدالحفيظ    التحقيق في واقعة اصطدام سيارة المطرب أحمد جمال بشخص وإصابته بالهرم    تعرف على مصمم بوستر المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية ال46    انطلاق فعاليات الاحتفال الخاص بمئوية ميلاد عبد المنعم إبراهيم بمركز الإبداع بدار الأوبرا    مبادرة «100 مليون صحة» تشارك بالمؤتمر الطبي الإفريقي Africa Health Excon    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    مواعيد وقنوات ناقلة.. كل ما تريد معرفته عن دوري أمم أوروبا "يورو 2024"    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    شراكة استراتيجية بين «طلعت مصطفى» و«أبوغالي موتورز» لتقديم خدمات التنقل المتكاملة في مدينتي    حجز محاكمة يوتيوبر شهير تعدى على سيدة بالمقطم لجلسة 25 يونيو    الداخلية تواصل تفويج حجاج القرعة إلى المدينة المنورة وسط إشادات بالتنظيم (فيديو)    نيمار: فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية هذا العام    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة مع نهاية تعاملات اليوم الثلاثاء    وفاء عامر تحيي ذكرى ميلاد الفنان الراحل محمود عبدالعزيز    حتي الأن .. فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحصد 58.8 مليون جنيه إيرادات    أكرم القصاص: إسرائيل تضع نفسها فوق القانون الدولى وإبادتها لغزة فضيحة أمام الجنائية الدولية    محافظ سوهاج يتسلم أرض مستشفى الحروق بناء على تكليفات السيسي    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي الإسلامي لمبادرات الاعتراف بفلسطين ومواجهة الخطابات المناوئة    نقص المياه الصالحة للشرب.. رحلة صراع يومية لسكان غزة    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    الجامعة العربية: عدم الانتشار النووى يعد عنصرا حاسما فى السلم والأمن الدوليين    عيد الأضحى 2024| ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟    دعاء ليلة عيد الأضحى.. اللهم تقبل منا الطاعات في أيام العيد    ما حكم صلاة عيد الأضحى في البيت؟ ..«الإفتاء» توضح الحكم الشرعي    التحفظ على المطرب أحمد جمال بعدما صدم شخص بسيارته بطريق الفيوم الصحراوى    طريقة عمل المبكبكة، لغداء شهي سريع التحضير    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يقترب من تحقيق 60 مليون جنيه بدور العرض    7 تحذيرات لطلاب الثانوية العامة 2024.. مكان كتابة الاسم وأقصى مدة للتأخير    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    مدير عام فرع التأمين الصحى بالشرقية يتفقد عيادة العاشر من رمضان    جوزيبي ماروتا رئيسًا جديدًا لإنتر ميلان    ترقية 20 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 8 مدرسين بجامعة طنطا    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    محافظ القليوبية يناقش طلبات استغلال أماكن الانتظار بعددٍ من الشوارع    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    ضبط 3 أشخاص بحوزتهم 12 كيلو أفيون مخدر قيمته 1.2 مليون جنيه    إصابة 4 أشخاص في حادث سير بالمنيا    "تموين الإسكندرية": توفير لحوم طازجة ومجمدة بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا للعيد    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    بتكلفة 650 مليون جنيه.. إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجى الجديد بسوهاج    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    جلسة بين الخطيب وكولر لتحديد مصير البوركينابي محمد كوناتيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
مع السيسي.. علي شط القنال!


سامحك الله يا سيادة الرئيس!
لقد آثرت ذكريات دفينة، وحررت دموعاً حبيسة، وأيقظت أحلاماً وئيدة، حان الوقت لتتحقق علي يديك.
.. أقف علي شاطئ القنال، في نادي هيئة قناة السويس بمدينتي الإسماعيلية، منتظرا وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلي قاعة الاحتفال ليعلن إطلاق مشروع محور قناة السويس.
إلي يميني موقع استشهاد سيد شهداء الجيش المصري الفريق عبدالمنعم رياض، وإلي يساري موقع المعدية رقم (6) التي عبر بها رجال الفرقة الثانية المشاة إلي الشاطئ الشرقي علي هدير المدافع.
ثمة نسمة، تلطف الوجوه، في هذا الصباح الصيفي الحار، معبأة برائحة ياسمين آتية من حدائق حي النخيل القريب، تنعش الفؤاد، ويستدعي ذكري أيام بعيدة، حين كان القلب أخضر، وكانت الأحلام مجنحة عصية علي الاصطياد!
أمد بصري عبر القناة إلي رمال الشاطئ الآخر في سيناء. هذه الرمال أعرفها وتعرفني. بعض منها عبأته في زجاجة، حين عبرت علي المعدية إلي سيناء، في أول يوم عدت إلي مدينتي بعد دحر الهزيمة.
كان ذلك منذ 40 عاماً، أذكر جيداً التاريخ، يوم الثلاثين من يونيو عام 1974.
لكنني لا أذكر أين وضعت زجاجة الرمال. تاهت مع ما تاه مني في زحام الأيام وتقلبات السنين. وددت للحظة لو بقيت معي لأهديها لابني الأكبر. غير أنني أعرف أنه ليس بحاجة إليها. هو لا يحتاج ولا أبناء جيله إلي ذكري من سيناء. فأرض سيناء أبداً لن تكون عندهم ذكري.

أخرج من ذكريات الحنين لأيام الصبا عند شاطئ القنال، علي أصوات الموسيقات العسكرية تعلن قرب وصول الرئيس.
يدخل السيسي إلي قاعة الاحتفال المزدحمة بالحاضرين من مسئولين وأدباء وفنانين وإعلاميين ورياضيين وشباب وممثلين لكل فئات الشعب وأقاليم مصر.
نشاهد فيلما تسجيليا عن تاريخ قناة السويس، ثم يتحدث الفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة عن مشروعي تنمية المنطقة، وإنشاء قناة السويس الثانية.
نستمع إلي الفريق مميش يشرح كيف يحول مشروع محور قناة السويس المنطقة إلي مركز صناعي وتجاري ولوجيستي عالمي، يزيد الدخل القومي ويوفر مليون فرصة عمل من خلال إنشاء مصانع ومراكز تخزين للبضائع وواد للتكنولوجيا، بالاستفادة من وجود 5 موانئ في الإقليم هي شرق وغرب بورسعيد والعريش، والادبية والسخنة، والمنطقة الصناعية شمال غرب خليج السويس، المشروع ستبدأ خطوات تنفيذه بعد إعلان نتيجة اختيار تحالف الشركات الفائز بوضع المخطط العام للمشروع، في منتصف أغسطس الحالي.
ثم يتحدث الفريق مميش بالتفصيل عن مشروع «القناة الثانية»، هي قناة جديدة موازية للمجري الملاحي الحالي بطول 72 كيلو متراً، منها 35 كيلو متراً سيتم شقها في المنطقة بين تفريعة البلاح والدفرسوار، و37 كيلو متراً سيتم اقامتها كمجري ملاحي داخل البحيرات المرة الكبري. هدف هذا المشروع العملاق تقليل زمن رحلة السفينة العابرة للقناة من 18 ساعة إلي 10 ساعات، وبالتالي زيادة عدد السفن المارة يوميا من 49 سفينة إلي 97 سفينة، ومن ثم رفع إيرادات القناة بنسبة 259٪. تكلفة القناة الجديدة في حدود 29 مليار جنيه، وسيستتبعها انشاء 6 أنفاق في بورسعيد والاسماعيلية مناصفة، منها نفقان للسكك الحديدية و4 أنفاق للسيارات والتكلفة 28 مليار جنيه. التمويل سيتم بالاكتتاب الشعبي وأيضا عن طريق رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب والبنوك المصرية والأجنبية ومساهمات الدول الشقيقة، بجانب التمويل الحكومي. وستتولي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أعمال الحفر الجاف للقناة بالاستعانة بالشركات الوطنية.

أمام الرئيس يقول الفريق مهاب مميش: إن حفر القناة الثانية يستغرق في العادة 5 سنوات لكن رجال هيئة القناة تعهدوا بتنفيذه في غضون 3 سنوات.
يضحك الحاضرون لأنهم يعرفون الرئيس!
يقاطعه الرئيس قائلا: سنة واحدة.
ويرد مميش: تمام التنفيذ!
ثم يسأل الرئيس عن رئيس الهيئة الهندسية ورئيس أركانها. ويخاطب اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة مؤكداً علي مواصلة العمل ليل نهار ليتم افتتاح القناة الجديدة بعد 12 شهراً من الآن أو قبل ذلك.

يتحدث الرئيس للحاضرين وللشعب عبر كاميرات التليفزيون. يركز علي مسألة طرح أسهم وسندات مشروع القناة الجديدة للمواطنين ولطلاب الجامعات.
يقول: «لقد احتفظنا بالقناة من عام 1956، وما حدش قدر ياخدها، وما حدش - بإذن الله - هيقدر».
مجدداً.. يؤكد الرئيس تمسكه بأن تصل حصيلة صندوق تحيا مصر إلي مائة مليار جنيه، ويقول: «حب الوطن مش كلام، وحتدفعوا.. حتدفعوا»، ويضيف قائلا: «أنا صريح معكم مصر لن تقوم إلا بأبنائها».
يبدد الرئيس مخاوف البعض أو قلقهم من مجريات الأمور في المنطقة ومن حولنا، ويقول: «لن نسمح لأحد بهدم مصر واحنا موجودين»، ثم يضيف: «لازم نكون منتبهين، لكن متقلقوش بشرط نكون علي قلب رجل واحد». ويشير إلي ممارسات جماعة الإخوان قائلا: «حنقبل وجود مجموعة تختلف معانا.. حنقبل تعيش وسطنا لكن من غير ما تؤذينا وتؤذي بلدنا».

ينتهي العرض في القاعة.. يخرج الرئيس مبتسماً، الكل يلتف حوله، في طريقه إلي مرسي نادي الشاطئ، ليستقل لنشاً إلي شرق الفردان، حيث يقام احتفال تدشين مشروع القناة الثانية.
يسبق الحاضرون الرئيس إلي قاطرات هيئة القناة، وتسير قافلة القطع البحرية علي دوي الصفارات التي اطلقتها السفن العابرة للقناة، في مظاهرة بحرية. وتحلق فوق رؤوسنا أسراب المقاتلات متعددة المهام (إف - 16) المصرية، بينما يؤدي فريق الألعاب الجوية عرضاً رائعاً في سماء القناة.
حاولت حبس دموعي، لكنني رأيت من حولي دموعاً علي وجوه تبتسم، وتداعت إلي ذهني مشاهد من الطفولة في سنوات الاستنزاف، وأتذكر صفارات الإنذار تنعق، بشؤم غارات العدو، وأستعيد صيحات: «طفو النور». وأصوات عواء طائرات العدو في السماء تتلوها أصداء انفجارات تتردد، بينما أنا وأسرتي والجيران نهرول إلي المخابئ.
أنظر إلي السماء، وبجواري اللواء طارق قائد المنطقة الجوية الشرقية يقف علي سطح القاطرة يخاطب طياريه بجهاز اللاسلكي، وأشعر بفخر يبدد ذكريات طفولة ما قبل نصر أكتوبر.
أرنو إلي الشاطئ الشرقي للقناة، الرمال مفروشة بأعلام مصر، وعلي التلال يقف الرجال أسوداً تزأر بغير صوت.
أطل إلي مياه القناة بلونها الفيروزي الداكن. ها هنا مات 120 ألف مصري منذ أكثر من 150 عاماً أثناء حفر القناة، فامتلأت بدمائهم، قبل أن تلتقي فيها مياه البحرين الأبيض والاحمر. ها هنا استشهد أبطال في حروب مصر، آخرها في معركة العبور الأولي عام 1973.
لن يكون هناك مزيد من الدماء، ففي العبور الثاني سيرتوي مشروع المحور والقناة الثانية بالعرق، والعرق وحده.

نصل إلي موقع الفردان.. المكان يعج بآلات ولوادر وبولدوزرات تستعد للعمل، يلتئم الحضور في خيمة واسعة، يستمعون ومعهم الرئيس إلي شرح من رئيس أركان الهيئة الهندسية عن موقع القناة الثانية والأعمال المنتظرة لشقها، ويقول: «إن شاء الله السنة القادمة ستكون القناة محفورة، والسفن تبحر فيها».
يوقع الرئيس السيسي أمر الحفر باسم الله والشعب، ويسلمه لرئيس هيئة القناة، ثم يصطحب عدداً من الشباب والأطفال ليضغط علي الزر ونسمع أصوات تسعة انفجارات تعلن بدء شق القناة، ويذهب الرئيس ومعه شباب وأطفال يحملون المعاول في إشارة واضحة المغزي.
تبدو السعادة في عيني الرئيس، تكاد تقفز من نظراته، والبهجة تملأ قلوب المجتمع.
وأشاهد المهندس حسام المساح الأمين العام لمجلس ذوي الإعاقة يبكي وهو يقول: «لقد أصر الرئيس علي استدعائي لأشاركه الضغط علي الزر لبدء شق القناة.. رئيس الجمهورية لم ينس ذوي الإعاقة في هذه اللحظة، الآن فقط أقول إن مصر قد تغيرت».
وأجد بجانبي المهندس عبدالحكيم عبدالناصر نجل الزعيم الخالد جمال، نتعانق، وأجده يقول: لا أذكر يوماً عظيماً كهذا، منذ يوم تحويل مجري النيل لإنشاء السد العالي.
يختتم الرئيس السيسي الاحتفالية الرائعة بكلمة قصيرة ينهيها قائلا: «حنشيل بلدنا علي أكتافنا، ومش حنسيبها، ومش حنضيعها، ولا حنخلي حد يقدر يضيعها».
والله يا سيادة الرئيس لن نضيعها ولن نخذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.