سامحك الله يا سيادة الرئيس! لقد آثرت ذكريات دفينة، وحررت دموعاً حبيسة، وأيقظت أحلاماً وئيدة، حان الوقت لتتحقق على يديك. .. أقف على شاطئ القنال، فى نادى هيئة قناة السويس بمدينتى الإسماعيلية، منتظرا وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى قاعة الاحتفال ليعلن إطلاق مشروع محور قناة السويس. إلى يمينى موقع استشهاد سيد شهداء الجيش المصرى الفريق عبدالمنعم رياض، وإلى يسارى موقع المعدية رقم (6) التى عبر بها رجال الفرقة الثانية المشاة إلى الشاطئ الشرقى على هدير المدافع. ثمة نسمة، تلطف الوجوه، فى هذا الصباح الصيفى الحار، معبأة برائحة ياسمين آتية من حدائق حى النخيل القريب، تنعش الفؤاد، ويستدعى ذكرى أيام بعيدة، حين كان القلب أخضر، وكانت الأحلام مجنحة عصية على الاصطياد! أمد بصرى عبر القناة إلى رمال الشاطئ الآخر فى سيناء. هذه الرمال أعرفها وتعرفني. بعض منها عبأته فى زجاجة، حين عبرت على المعدية إلى سيناء، فى أول يوم عدت إلى مدينتى بعد دحر الهزيمة. كان ذلك منذ 40 عاماً، أذكر جيداً التاريخ، يوم الثلاثين من يونيو عام 1974. لكننى لا أذكر أين وضعت زجاجة الرمال. تاهت مع ما تاه منى فى زحام الأيام وتقلبات السنين. وددت للحظة لو بقيت معى لأهديها لابنى الأكبر. غير أننى أعرف أنه ليس بحاجة إليها. هو لا يحتاج ولا أبناء جيله إلى ذكرى من سيناء. فأرض سيناء أبداً لن تكون عندهم ذكري. أخرج من ذكريات الحنين لأيام الصبا عند شاطئ القنال، على أصوات الموسيقات العسكرية تعلن قرب وصول الرئيس. يدخل السيسى إلى قاعة الاحتفال المزدحمة بالحاضرين من مسئولين وأدباء وفنانين وإعلاميين ورياضيين وشباب وممثلين لكل فئات الشعب وأقاليم مصر. نشاهد فيلما تسجيليا عن تاريخ قناة السويس، ثم يتحدث الفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة عن مشروعى تنمية المنطقة، وإنشاء قناة السويس الثانية. نستمع إلى الفريق مميش يشرح كيف يحول مشروع محور قناة السويس المنطقة إلى مركز صناعى وتجارى ولوجيستى عالمي، يزيد الدخل القومى ويوفر مليون فرصة عمل من خلال إنشاء مصانع ومراكز تخزين للبضائع وواد للتكنولوجيا، بالاستفادة من وجود 5 موانئ فى الإقليم هى شرق وغرب بورسعيد والعريش، والادبية والسخنة، والمنطقة الصناعية شمال غرب خليج السويس، المشروع ستبدأ خطوات تنفيذه بعد إعلان نتيجة اختيار تحالف الشركات الفائز بوضع المخطط العام للمشروع، فى منتصف أغسطس الحالي. ثم يتحدث الفريق مميش بالتفصيل عن مشروع »القناة الثانية«، هى قناة جديدة موازية للمجرى الملاحى الحالى بطول 72 كيلو متراً، منها 35 كيلو متراً سيتم شقها فى المنطقة بين تفريعة البلاح والدفرسوار، و37 كيلو متراً سيتم اقامتها كمجرى ملاحى داخل البحيرات المرة الكبري. هدف هذا المشروع العملاق تقليل زمن رحلة السفينة العابرة للقناة من 18 ساعة إلى 10 ساعات، وبالتالى زيادة عدد السفن المارة يوميا من 49 سفينة إلى 97 سفينة، ومن ثم رفع إيرادات القناة بنسبة 259٪. تكلفة القناة الجديدة فى حدود 29 مليار جنيه، وسيستتبعها انشاء 6 أنفاق فى بورسعيد والاسماعيلية مناصفة، منها نفقان للسكك الحديدية و4 أنفاق للسيارات والتكلفة 28 مليار جنيه. التمويل سيتم بالاكتتاب الشعبى وأيضا عن طريق رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب والبنوك المصرية والأجنبية ومساهمات الدول الشقيقة، بجانب التمويل الحكومي. وستتولى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أعمال الحفر الجاف للقناة بالاستعانة بالشركات الوطنية. أمام الرئيس يقول الفريق مهاب مميش: إن حفر القناة الثانية يستغرق فى العادة 5 سنوات لكن رجال هيئة القناة تعهدوا بتنفيذه فى غضون 3 سنوات. يضحك الحاضرون لأنهم يعرفون الرئيس! يقاطعه الرئيس قائلا: سنة واحدة. ويرد مميش: تمام التنفيذ! ثم يسأل الرئيس عن رئيس الهيئة الهندسية ورئيس أركانها. ويخاطب اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة مؤكداً على مواصلة العمل ليل نهار ليتم افتتاح القناة الجديدة بعد 12 شهراً من الآن أو قبل ذلك. يتحدث الرئيس للحاضرين وللشعب عبر كاميرات التليفزيون. يركز على مسألة طرح أسهم وسندات مشروع القناة الجديدة للمواطنين ولطلاب الجامعات. يقول: «لقد احتفظنا بالقناة من عام 1956، وما حدش قدر ياخدها، وما حدش - بإذن الله - هيقدر». مجدداً.. يؤكد الرئيس تمسكه بأن تصل حصيلة صندوق تحيا مصر إلى مائة مليار جنيه، ويقول: «حب الوطن مش كلام، وحتدفعوا.. حتدفعوا»، ويضيف قائلا: «أنا صريح معكم مصر لن تقوم إلا بأبنائها». يبدد الرئيس مخاوف البعض أو قلقهم من مجريات الأمور فى المنطقة ومن حولنا، ويقول: «لن نسمح لأحد بهدم مصر واحنا موجودين»، ثم يضيف: «لازم نكون منتبهين، لكن متقلقوش بشرط نكون على قلب رجل واحد». ويشير إلى ممارسات جماعة الإخوان قائلا: «حنقبل وجود مجموعة تختلف معانا.. حنقبل تعيش وسطنا لكن من غير ما تؤذينا وتؤذى بلدنا». ينتهى العرض فى القاعة.. يخرج الرئيس مبتسماً، الكل يلتف حوله، فى طريقه إلى مرسى نادى الشاطئ، ليستقل لنشاً إلى شرق الفردان، حيث يقام احتفال تدشين مشروع القناة الثانية. يسبق الحاضرون الرئيس إلى قاطرات هيئة القناة، وتسير قافلة القطع البحرية على دوى الصفارات التى اطلقتها السفن العابرة للقناة، فى مظاهرة بحرية. وتحلق فوق رؤوسنا أسراب المقاتلات متعددة المهام (إف - 16) المصرية، بينما يؤدى فريق الألعاب الجوية عرضاً رائعاً فى سماء القناة. حاولت حبس دموعى، لكننى رأيت من حولى دموعاً على وجوه تبتسم، وتداعت إلى ذهنى مشاهد من الطفولة فى سنوات الاستنزاف، وأتذكر صفارات الإنذار تنعق، بشؤم غارات العدو، وأستعيد صيحات: «طفو النور». وأصوات عواء طائرات العدو فى السماء تتلوها أصداء انفجارات تتردد، بينما أنا وأسرتى والجيران نهرول إلى المخابئ. أنظر إلي السماء، وبجوارى اللواء طارق قائد المنطقة الجوية الشرقية يقف على سطح القاطرة يخاطب طياريه بجهاز اللاسلكي، وأشعر بفخر يبدد ذكريات طفولة ما قبل نصر أكتوبر. أرنو إلى الشاطئ الشرقى للقناة، الرمال مفروشة بأعلام مصر، وعلى التلال يقف الرجال أسوداً تزأر بغير صوت. أطل إلى مياه القناة بلونها الفيروزى الداكن. ها هنا مات 120 ألف مصرى منذ أكثر من 150 عاماً أثناء حفر القناة، فامتلأت بدمائهم، قبل أن تلتقى فيها مياه البحرين الأبيض والاحمر. ها هنا استشهد أبطال فى حروب مصر، آخرها فى معركة العبور الأولى عام 1973. لن يكون هناك مزيد من الدماء، ففى العبور الثانى سيرتوى مشروع المحور والقناة الثانية بالعرق، والعرق وحده. نصل إلى موقع الفردان.. المكان يعج بآلات ولوادر وبولدوزرات تستعد للعمل، يلتئم الحضور فى خيمة واسعة، يستمعون ومعهم الرئيس إلى شرح من رئيس أركان الهيئة الهندسية عن موقع القناة الثانية والأعمال المنتظرة لشقها، ويقول: «إن شاء الله السنة القادمة ستكون القناة محفورة، والسفن تبحر فيها». يوقع الرئيس السيسى أمر الحفر باسم الله والشعب، ويسلمه لرئيس هيئة القناة، ثم يصطحب عدداً من الشباب والأطفال ليضغط على الزر ونسمع أصوات تسعة انفجارات تعلن بدء شق القناة، ويذهب الرئيس ومعه شباب وأطفال يحملون المعاول فى إشارة واضحة المغزي. تبدو السعادة فى عينى الرئيس، تكاد تقفز من نظراته، والبهجة تملأ قلوب المجتمع. وأشاهد المهندس حسام المساح الأمين العام لمجلس ذوى الإعاقة يبكى وهو يقول: «لقد أصر الرئيس على استدعائى لأشاركه الضغط على الزر لبدء شق القناة.. رئيس الجمهورية لم ينس ذوى الإعاقة فى هذه اللحظة، الآن فقط أقول إن مصر قد تغيرت». وأجد بجانبى المهندس عبدالحكيم عبدالناصر نجل الزعيم الخالد جمال، نتعانق، وأجده يقول: لا أذكر يوماً عظيماً كهذا، منذ يوم تحويل مجرى النيل لإنشاء السد العالي. يختتم الرئيس السيسى الاحتفالية الرائعة بكلمة قصيرة ينهيها قائلا: «حنشيل بلدنا على أكتافنا، ومش حنسيبها، ومش حنضيعها، ولا حنخلى حد يقدر يضيعها». والله يا سيادة الرئيس لن نضيعها ولن نخذل سامحك الله يا سيادة الرئيس! لقد آثرت ذكريات دفينة، وحررت دموعاً حبيسة، وأيقظت أحلاماً وئيدة، حان الوقت لتتحقق على يديك. .. أقف على شاطئ القنال، فى نادى هيئة قناة السويس بمدينتى الإسماعيلية، منتظرا وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى قاعة الاحتفال ليعلن إطلاق مشروع محور قناة السويس. إلى يمينى موقع استشهاد سيد شهداء الجيش المصرى الفريق عبدالمنعم رياض، وإلى يسارى موقع المعدية رقم (6) التى عبر بها رجال الفرقة الثانية المشاة إلى الشاطئ الشرقى على هدير المدافع. ثمة نسمة، تلطف الوجوه، فى هذا الصباح الصيفى الحار، معبأة برائحة ياسمين آتية من حدائق حى النخيل القريب، تنعش الفؤاد، ويستدعى ذكرى أيام بعيدة، حين كان القلب أخضر، وكانت الأحلام مجنحة عصية على الاصطياد! أمد بصرى عبر القناة إلى رمال الشاطئ الآخر فى سيناء. هذه الرمال أعرفها وتعرفني. بعض منها عبأته فى زجاجة، حين عبرت على المعدية إلى سيناء، فى أول يوم عدت إلى مدينتى بعد دحر الهزيمة. كان ذلك منذ 40 عاماً، أذكر جيداً التاريخ، يوم الثلاثين من يونيو عام 1974. لكننى لا أذكر أين وضعت زجاجة الرمال. تاهت مع ما تاه منى فى زحام الأيام وتقلبات السنين. وددت للحظة لو بقيت معى لأهديها لابنى الأكبر. غير أننى أعرف أنه ليس بحاجة إليها. هو لا يحتاج ولا أبناء جيله إلى ذكرى من سيناء. فأرض سيناء أبداً لن تكون عندهم ذكري. أخرج من ذكريات الحنين لأيام الصبا عند شاطئ القنال، على أصوات الموسيقات العسكرية تعلن قرب وصول الرئيس. يدخل السيسى إلى قاعة الاحتفال المزدحمة بالحاضرين من مسئولين وأدباء وفنانين وإعلاميين ورياضيين وشباب وممثلين لكل فئات الشعب وأقاليم مصر. نشاهد فيلما تسجيليا عن تاريخ قناة السويس، ثم يتحدث الفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة عن مشروعى تنمية المنطقة، وإنشاء قناة السويس الثانية. نستمع إلى الفريق مميش يشرح كيف يحول مشروع محور قناة السويس المنطقة إلى مركز صناعى وتجارى ولوجيستى عالمي، يزيد الدخل القومى ويوفر مليون فرصة عمل من خلال إنشاء مصانع ومراكز تخزين للبضائع وواد للتكنولوجيا، بالاستفادة من وجود 5 موانئ فى الإقليم هى شرق وغرب بورسعيد والعريش، والادبية والسخنة، والمنطقة الصناعية شمال غرب خليج السويس، المشروع ستبدأ خطوات تنفيذه بعد إعلان نتيجة اختيار تحالف الشركات الفائز بوضع المخطط العام للمشروع، فى منتصف أغسطس الحالي. ثم يتحدث الفريق مميش بالتفصيل عن مشروع »القناة الثانية«، هى قناة جديدة موازية للمجرى الملاحى الحالى بطول 72 كيلو متراً، منها 35 كيلو متراً سيتم شقها فى المنطقة بين تفريعة البلاح والدفرسوار، و37 كيلو متراً سيتم اقامتها كمجرى ملاحى داخل البحيرات المرة الكبري. هدف هذا المشروع العملاق تقليل زمن رحلة السفينة العابرة للقناة من 18 ساعة إلى 10 ساعات، وبالتالى زيادة عدد السفن المارة يوميا من 49 سفينة إلى 97 سفينة، ومن ثم رفع إيرادات القناة بنسبة 259٪. تكلفة القناة الجديدة فى حدود 29 مليار جنيه، وسيستتبعها انشاء 6 أنفاق فى بورسعيد والاسماعيلية مناصفة، منها نفقان للسكك الحديدية و4 أنفاق للسيارات والتكلفة 28 مليار جنيه. التمويل سيتم بالاكتتاب الشعبى وأيضا عن طريق رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب والبنوك المصرية والأجنبية ومساهمات الدول الشقيقة، بجانب التمويل الحكومي. وستتولى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أعمال الحفر الجاف للقناة بالاستعانة بالشركات الوطنية. أمام الرئيس يقول الفريق مهاب مميش: إن حفر القناة الثانية يستغرق فى العادة 5 سنوات لكن رجال هيئة القناة تعهدوا بتنفيذه فى غضون 3 سنوات. يضحك الحاضرون لأنهم يعرفون الرئيس! يقاطعه الرئيس قائلا: سنة واحدة. ويرد مميش: تمام التنفيذ! ثم يسأل الرئيس عن رئيس الهيئة الهندسية ورئيس أركانها. ويخاطب اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة مؤكداً على مواصلة العمل ليل نهار ليتم افتتاح القناة الجديدة بعد 12 شهراً من الآن أو قبل ذلك. يتحدث الرئيس للحاضرين وللشعب عبر كاميرات التليفزيون. يركز على مسألة طرح أسهم وسندات مشروع القناة الجديدة للمواطنين ولطلاب الجامعات. يقول: «لقد احتفظنا بالقناة من عام 1956، وما حدش قدر ياخدها، وما حدش - بإذن الله - هيقدر». مجدداً.. يؤكد الرئيس تمسكه بأن تصل حصيلة صندوق تحيا مصر إلى مائة مليار جنيه، ويقول: «حب الوطن مش كلام، وحتدفعوا.. حتدفعوا»، ويضيف قائلا: «أنا صريح معكم مصر لن تقوم إلا بأبنائها». يبدد الرئيس مخاوف البعض أو قلقهم من مجريات الأمور فى المنطقة ومن حولنا، ويقول: «لن نسمح لأحد بهدم مصر واحنا موجودين»، ثم يضيف: «لازم نكون منتبهين، لكن متقلقوش بشرط نكون على قلب رجل واحد». ويشير إلى ممارسات جماعة الإخوان قائلا: «حنقبل وجود مجموعة تختلف معانا.. حنقبل تعيش وسطنا لكن من غير ما تؤذينا وتؤذى بلدنا». ينتهى العرض فى القاعة.. يخرج الرئيس مبتسماً، الكل يلتف حوله، فى طريقه إلى مرسى نادى الشاطئ، ليستقل لنشاً إلى شرق الفردان، حيث يقام احتفال تدشين مشروع القناة الثانية. يسبق الحاضرون الرئيس إلى قاطرات هيئة القناة، وتسير قافلة القطع البحرية على دوى الصفارات التى اطلقتها السفن العابرة للقناة، فى مظاهرة بحرية. وتحلق فوق رؤوسنا أسراب المقاتلات متعددة المهام (إف - 16) المصرية، بينما يؤدى فريق الألعاب الجوية عرضاً رائعاً فى سماء القناة. حاولت حبس دموعى، لكننى رأيت من حولى دموعاً على وجوه تبتسم، وتداعت إلى ذهنى مشاهد من الطفولة فى سنوات الاستنزاف، وأتذكر صفارات الإنذار تنعق، بشؤم غارات العدو، وأستعيد صيحات: «طفو النور». وأصوات عواء طائرات العدو فى السماء تتلوها أصداء انفجارات تتردد، بينما أنا وأسرتى والجيران نهرول إلى المخابئ. أنظر إلي السماء، وبجوارى اللواء طارق قائد المنطقة الجوية الشرقية يقف على سطح القاطرة يخاطب طياريه بجهاز اللاسلكي، وأشعر بفخر يبدد ذكريات طفولة ما قبل نصر أكتوبر. أرنو إلى الشاطئ الشرقى للقناة، الرمال مفروشة بأعلام مصر، وعلى التلال يقف الرجال أسوداً تزأر بغير صوت. أطل إلى مياه القناة بلونها الفيروزى الداكن. ها هنا مات 120 ألف مصرى منذ أكثر من 150 عاماً أثناء حفر القناة، فامتلأت بدمائهم، قبل أن تلتقى فيها مياه البحرين الأبيض والاحمر. ها هنا استشهد أبطال فى حروب مصر، آخرها فى معركة العبور الأولى عام 1973. لن يكون هناك مزيد من الدماء، ففى العبور الثانى سيرتوى مشروع المحور والقناة الثانية بالعرق، والعرق وحده. نصل إلى موقع الفردان.. المكان يعج بآلات ولوادر وبولدوزرات تستعد للعمل، يلتئم الحضور فى خيمة واسعة، يستمعون ومعهم الرئيس إلى شرح من رئيس أركان الهيئة الهندسية عن موقع القناة الثانية والأعمال المنتظرة لشقها، ويقول: «إن شاء الله السنة القادمة ستكون القناة محفورة، والسفن تبحر فيها». يوقع الرئيس السيسى أمر الحفر باسم الله والشعب، ويسلمه لرئيس هيئة القناة، ثم يصطحب عدداً من الشباب والأطفال ليضغط على الزر ونسمع أصوات تسعة انفجارات تعلن بدء شق القناة، ويذهب الرئيس ومعه شباب وأطفال يحملون المعاول فى إشارة واضحة المغزي. تبدو السعادة فى عينى الرئيس، تكاد تقفز من نظراته، والبهجة تملأ قلوب المجتمع. وأشاهد المهندس حسام المساح الأمين العام لمجلس ذوى الإعاقة يبكى وهو يقول: «لقد أصر الرئيس على استدعائى لأشاركه الضغط على الزر لبدء شق القناة.. رئيس الجمهورية لم ينس ذوى الإعاقة فى هذه اللحظة، الآن فقط أقول إن مصر قد تغيرت». وأجد بجانبى المهندس عبدالحكيم عبدالناصر نجل الزعيم الخالد جمال، نتعانق، وأجده يقول: لا أذكر يوماً عظيماً كهذا، منذ يوم تحويل مجرى النيل لإنشاء السد العالي. يختتم الرئيس السيسى الاحتفالية الرائعة بكلمة قصيرة ينهيها قائلا: «حنشيل بلدنا على أكتافنا، ومش حنسيبها، ومش حنضيعها، ولا حنخلى حد يقدر يضيعها». والله يا سيادة الرئيس لن نضيعها ولن نخذل