نقيب الصحفيين: استمرار جهود صرف زيادة بدل التكنولوجيا    هنا العلمين الجديدة: وجهة السياحة ومتعة الترفيه.. مهرجانات عالمية ونجوم من كل مكان    فوز فريقين من طلاب جامعة دمنهور بالمركز الأول فى "Health Care" و "Education Technology"    حزب شعب مصر: لقاء وزير الخارجية السعودى يؤكد قوة علاقات البلدين    الرئاسة السورية: نتابع بقلق بالغ ما يجرى من أحداث دامية فى الجنوب السورى    قطر والإمارات والكويت ترفض مخطط إسرائيل لتغيير وضع الحرم الإبراهيمي    بمشاركة الجدد.. الأهلي يخوض مران الأول في تونس    اقتربت العودة.. فليك يرغب في ضم تياجو ألكانتارا لجهاز برشلونة الفني    نتائج ألعاب القوى تتلألأ في البطولة الأفريقية بنيجيريا    محمد صلاح: أنا أعظم لاعب أفريقي.. ولقب دوري أبطال أوروبا الأغلى    تفاصيل سقوط كوبرى مشاة على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى.. فيديو    السيطرة على حريق بمخزن كرتون بالخصوص.. والمعاينة الأولية: شماريخ أفراح السبب    وسط أجواء هادئة.. كفر الشيخ الأزهرية تختتم أعمال تصحيح الثانوية    أنغام تغازل جمهورها فى مهرجان العلمين: بحبكوا أوى وانتوا الفرحة اللى ليا    عبد الله عمرو مصطفى يطرح أولى تجاربه فى عالم الغناء only you    افتتاح مهرجان الأوبرا الصيفى على المسرح المكشوف    "اللعب في الدماغ".. وثائقى ل"المتحدة" يرد على خرافة بناء الكائنات الفضائية للأهرامات    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    حسام حسن يزور المرضى بمستشفى العجمى خلال تواجده بالإسكندرية    ريال مدريد يرفع درجة الاستعداد: معسكر تكتيكي مكثف.. صفقات قوية.. وتحديات في روزنامة الليجا (تقرير)    تين هاج يغلق الباب أمام انضمام أنتوني إلى ليفركوزن    شقق بنك التعمير والإسكان 2025.. احجز وحدتك بالتقسيط حتى 10 سنوات    عبدالعاطي يلتقي نظيره السعودي.. وكاتب صحفي: أحداث المنطقة تستدعي تكاتفًا عربيًا    لف ودوران    نصر أبو زيد.. رجل من زمن الحداثة    حسام حبيب يتعرض لكسر في القدم قبل أول حفل رسمي له بالسعودية    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في تعاملات الظهيرة    قوات الإنقاذ النهري وغواصين الخير يبحثون عن شاب غرق بشاطئ كناري في الإسكندرية    مفاجأة في واقعة مصرع 5 أشقاء بالمنيا.. الأب يعاني في المستشفى وابنته الأخيرة نفس الأعراض    أعقبته عدة هزات.. زلزال يضرب نابولي بإيطاليا    فحص 1250 مواطنا ضمن قوافل مبادرة حياة كريمة الطبية فى دمياط    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    اتفاقية بين مصر وأمريكا لمنح درجات الماجستير    الصحة: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية الخاصة بغرب النوبارية بالبحيرة للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية    المبعوث الأممي إلى سوريا يدعو لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فورا    ضبط المتهم بإدارة كيان تعليمي للنصب على المواطنين بالقاهرة    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    35 شهيدًا فى غزة منذ فجر اليوم بنيران الاحتلال الإسرائيلي    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    إيطاليا: كنائس القدس قدمت 500 طن من المساعدات إلى غزة    «الإصلاح والنهضة» يطلق حملته الرسمية ل انتخابات الشيوخ 2025    سد النهضة وتحقيق التنمية والسلم الأفريقي أبرز نشاط الرئيس الأسبوعي    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخبار تواصل فتح ملف المهمشين في مصر
سكان القبور

الأهالي : نعيش مع الأموات بأنفاس متقطعة وأجساد مرتعشة
شكينا حالنا فهددتنا الحكومة بالطرد

ننام فوق الجثث .. ولانشم سوي الروائح النتنة .. ونعاني هجمات البلطجية والشمامين
حياة لا تختلف كثيرا عن حياة الأموات .. الأكل والشراب وممارسة كل متطلبات الحياة ولكن وسط القبور .. حياة شديدة القسوة .. أسر كاملة تنام في المدافن حتي وصل الأمر الي النوم علي مداخل الموتي وسط روائح كريهة لا يمكن ان يتحملها بشر .. اطفال انتهكت براءتهم .. ومازالت تتعرض للانتهاك كل يوم بل كل ساعة .. فاللهوان وجدوا ..يكونون وسط العظام المتناثرة والروائح النتنة والصراخ والجنازات التي لا تتوقف ..
«الأخبار» تفتح ملف سكان القبور.. ولكن من زاويتين مختلفتين .. الأولي مآسي الفقراء الذين لم يجدوا مأوي سوي العيش مع الموتي ، رصدت معاناة اهالي مقابر الغفير ومقابر زين العابدين في منطقة السيدة زينب .. والثانية مقابر المشاهير التي طالها الاهمال وغمرتها المياة الجوفية .. تدخلت الدولة لانقاذ مدفن العندليب وكوكب الشرق .. لكن الباقين اما ضاعوا مع النسيان اوعاموا وسط المياة الجوفية ..
الاخبار ترصد الظاهرة المخجلة لعلنا نساهم في ايقاظ حمرة الخجل لدي الحكومة فيتحرك من بيده الامر لانقاذ بشر احياء يعيشون مع الاموات في احوال بالغة السوء وانقاذ كرامة الموتي والحفاظ علي حرمتهم بعد أن طفت جثثهم فوق سطح المياه فهل يتحرك المسئولون قبل ان ياتي يوم موعود ينتقلون بالنعوش الي عالم الاموات ليحاسبهم الله حسابا عسيرا لما ارتكبوه من اهمال في حق العباد .. الي التفاصيل في السطور التالية ..
نحن أناس نجاور الموتي ونعيش علي الصدقات ونتنفس روائح جثامين الأموات ونشرب مياه عبر وصلات ومواسير غير شرعية وندفع ضريبة الانفلات الامني بعد ان اصبحت تجارة المخدرات علي الملأ امام اعيننا وامام اطفالنا ونشاهد يوميا البلطجية وهم يتقاسمون الغنيمة يتصارعون عليها بالسنج والمطاوي يهاجموننا ليلا من أجل سرقتنا ونهب محتويات معيشتنا البسيطة ..
نستيقظ فجرا بحثا عن لقمة العيش وننام بعد صلاة العشاء خوفا من البلطجية وقطاع الطرق .. مؤشر المذياع دائما لا يتحرك عن اذاعة القران الكريم حتي يحميهم من الخوف الذي يشعرون به معظم الوقت .. يذهب اهالي المتوفي المتوفي ونبقي نحن نعيش فوق ونمارس طقوس حياتنا اليومية
هكذا عبر ساكنو المقابر عن معانتهم اليومية وماسي الظروف الصعبة التي جعلتهم يسكنون مع الاموات .. ويطهون فوق المقابر .. ينامون فوق مراتب لا يفصلها عن سطح سوي سقف وباب صغير مغلق بالضبة والمفتاح .. ويعيشون علي «حصيرة « متهالكة يفترشونها ارضا وتحطيهم جدران علي الطوب الاحمر واسقف مائلة من الخشب الذي اكلة السوس ..
داخل حوش مقبرة التقينا فاطمة صابر ، استقبلتنا وفي وجهها ابتسامة صغيرة تخفي وراءها بحور من سنوات العذاب والمعاناة واليأس والاحباط .. قالت بعد ان جلست علي كرسي متهالك في فناء الحوش انها راضية بقضاء الله ، فلقمة العيش وتربية ابنائها هما املها في تلك الحياة البائسة ، حياة عاشتها بأكملها داخل ذلك الحوش الذي يحتوي علي 3 مقابر لاحدي العائلات القاهرة فتحت عينيها علي دفن الموتي وكان عمرها لا يتجاوز العام .. تربت وترعرعت وهي طفلة علي الصدقات والرحمات واب يعمل ارزقيا ، وام تحاول حماية اطفالها من البلطجية والكلاب الضالة المنتشرة بالمقابر ، تزوجت في سن السابعة عشرة من شخص بسيط يعمل ارزقيا ويعيش في المقبرة المجاورة وعاشت مع زوجها في نفس المقبرة بعد ان انتقل والدها الي مقبرة اخري ..
من اصعب اللحظات التي تمر علي فاطمة تلك اللحظات التي يأتي اليها اصحاب الحوش ليطرقوا بابها حتي يدفنوا احد ذويهم ، وتضطر ان تفتح الباب لهم ، وفي هذه الحالة تحاول ابنتها الرشيدة ان تختفي وتدخل احد الغرف الملحقة بالحوش ..
حديث فاطمة معنا متقطع وهوما لاحظناه في بداية لقائنا معها .. تتحدث برهة وتسكت الاخري .. سألناها عن صحتها فاكدت انها أصيبت بالربومنذ عامين وتم حجزها في مستشفي 10 ايام وخرجت منه والمرض ينهش في جسدها النحيف دون ان تشفي موضحة ان الاطباء اكدوا لها اصابتها بالمرض بسبب الروائح التي تشمها من المقابر بعد دفن الموتي ..
علاجها الشهري تصل تكلفته 200 جنيه في حين ان معاشها 215 جنيها فقط الامر الذي جعل فاطمة تتقبل الصدقات من بعض اولاد الحلال مؤكدة ان المولي عز وجل لا ينساها دائما ..
فاطمة تقول : نعيش علي وصلة مياه بطريقة غير شرعية حصلت عليها من الحوش المجاور لها نظير 30جنيها لصاحب الحوش ، وتقدمت بلطلب الحصول علي شقة منذ 20 عاما ولم يتم الرد حتي الان ولم يفكر اي مسئول في زيارتنا للوقوف علي مشاكلنا ومعانانتا ..

الحكومة تهددنا
انتقلنا الي حوش اخر لا يفصلة عن حوش فاطمة سوي امتار وجدنا امرأة تجلس علي باب الحوش غير قادرة علي الحركة ، وجدناها تطلب من احد الاطفال الذين يلعبون بالدراجة بين المقابر ان يملأ لها زجاجة مياه من احد صنابير المياه في الاحواش المجاورة حتي تروي ظمأها ، عندما نظرا الينا قالت « انتومين محدش يصورنا ، والنبي مش عايزين مشاكل « قربنا منها وبهدوء تحدثنا معها احنا جريدة الاخبار وجئنا لنقدم لكي مساعدة ونوصل مشكلتك للجهات المختصة « بكت بحرقة وقالت «جاءت احدي القنوات الفضائية منذ شهر تقريا وتحدثوا معنا وشاهدنا الحلقة في التلفزيون ووعد محافظ القاهرة علي الهواء امام الناس كلها بتوفير شقق لنا ، تاني يوم جاءت الشرطة لنا وهددتنا بطردنا من المقابر ، وحذرت سكان المقابر اذا حدث مرة اخري واتكلمنا مع اي حد هيطردونا الي الشارع» ..
قالت صباح زينهم انها تبلغ من العمر ما يتعدي 65 عاما وتعيش في المقبرة التي تنقسم الي غرفة معيشة وحمام مشترك ومطبخ يتواجد به بعض الاواني والمعالق التي اكلها الصدأ ..
سكتت وعادت للحديث وقالت انها تعيش ومعها اربع افراد في هذة المقبرة ويحرسها من لا يغفل ولا ينام ودائما لا تطفئ المذياع علي محطة القران الكريم الذي يحمينا من الارواح علي حسب قولها ..
ملجأ البلطجية
ويصرخ احمد ابراهيم «من سكان مقابر زين العابدين» قائلا إن سكان المقابر فئة مهمشة سقطت من حسابات الحكومة فحقهم ضائع فالفقر والحرمان اضطره وغيره للإقامة في المقابر واصبح يعمل «شيال» لتوفير نفقات أبنائه الأربعة
مضيفا ، إن أصحاب المقابر سمحوا لهم بالإقامة في الأحواش الخاصة بهم مقابل حراسته وأكد انهم لا يشعرون بالخوف فقد اعتادوا الحياة مع الأموات ولكن الخطر يبدأ مع حلول الليل حيث ينتشر البلطجية ومتعاطوالمخدرات الذين يتخذون من المقابر ملجأ لهم.
موضحا انه لا توجد أي خدمات أومرافق فحتي الكهرباء وخط المياه تم توصيلهما بشكل غير رسمي في الوقت الذي انشغلت فيه الحكومة السابقة ببناء القصور والمقابر الخمس نجوم.
نفسي اعيش
لم تكن احلامهم مستحيلة فلم يطلبوا فيلات اوقصورا اوحتي الطعام الفاخر .. حلم واحد جمع بينهم بدءا من الجد والجدة وحتي الأحفاد وهوالسكن الأدمي فبرغم الرضا الذي يستوطن قلوبهم إلا ان الحياة بكوارثها لم تمهلهم بعد إنها اسرة شحاتة محمد « حوش» لمقبرة ضم عشرات الأفراد يمارسون فيه كافة تفاصيل حياتهم فليس لديهم ملجأ سواه يقول شحاتة « جئت إلي هذا الحوش منذ اكثر من ثلاثين عاما تزوجت فيه وأنجبت ولدا وبنتا ثم كبر طفلي في هذا الحوش وكنت اتمني ان يكملا تعليمهما ولكن ظروف الحياة القاسية لم تمكني من ذلك وحين بلغ ابني سن الزواج أكمل نصف دينه بأقل المتاح من الإمكانيات وجد ابنة الحلال التي قبلت بذلك وتزوج معنا في نفس الحوش وانجب طفلا ثم تزوجت إبنتي ايضا معنا في الغرفة المجاورة وانجبت طفلين لتزداد المسؤلية علي عاتقي ، فقد اصبح عدد اسرتي تسعة افراد وانا اعمل سائق باليومية وتدبير لقمة العيش اصبح من اصعب المهام التي يمكن القيام بها فقد حاولت كثيرا الإنتقال بأسرتي إلي مكان اخر ولكن ظروف الحياة لم تمكني من ذلك فنحن نحمد الله علي هذه الجدران التي تؤيني انا واسرتي ..
ولكن اتمني لأحفادي معيشة افضل من معيشتنا ولكني اخشي ان يكون الفقر بالوراثة فيستمر احفادي في هذا الحوش حتي تشيب روؤسهم فمن يأتي منا إلي هنا لا يخرج مرة اخرة فنحن نعيش هنا خارج نطاق الدنيا نعيش امواتا ولكننا مازلنا نحتفظ بأنفاسنا ومازلنا ندعوالله بغد افضل ان لم يكن لنا نصيب فيه فليجعه الله لأحفادنا ثم توقف شحاتة عن كلامه واستكمل بإبتسامة يملأها الرضا ربنا مبيجبش حاجة وحشة ، ساعات كتير بحس ان ربنا اخترنا وفضلنا عن غيرنا بالسكن ده !! لأن قربنا من الأموات بيخلينا دايما مع ربنا ودايما صورة اخرتنا قدام عنينا مبتفرقناش لحظة وده اللي بيخلينا دايما راضيين عن حالنا وحاسين اننا احسن من غيرنا بقربنا من ربنا وكل مابتضيق علينا الدنيا اكتر كل مابنفرح اكتر بإن اخرتنا احسن من دنيتنا بكتير لأن ربنا احن علينا من خلقه وفي جنته هنلاقي البراح اللي كنا بنحلم بيه وهنلاقي لكل عيل من ولادنا اوضه لوحده ولقمة نضيفة فلولا الرضا اللي ربنا ملا قلوبنا بيه كان زمانا موتنا نفسنا من زمان عشان نرتاح من قرف الدنيا ..
رعب الظلام
وعلي بعد بضعة امتار توجد اسرة سمير عبد العزيز وابنائه يقول سمير: كنت اعمل صانع احذية ومع إرتفاع اسعار الخامات تركت المهنة واصبحت اعمل في « الشباشب الفل « ولدي بنتين وولد وابني هوالمتكفل بمصاريف الأسرة فهويعمل في مجزر دجاج ومع إرتفاع اسعار الدجاج يجلس عاطلا في المنزل حيث يتوقف صاحب المجزر عن العمل وبالتالي يستغني عنه فقد تزمر ولدي كثيرا من ضيق الحياة ولكن ليس لدي مخرجا له كما انه يوفر كل قرش يحصل عليه لجهاز اخوته البنات وسترتهم ولم يفكر مطلقا في جوازه مع انه بلغ من العمر ثمانية وعشرون عاما .. فمنذ ان فتحت عيوني علي هذه الدنيا ووجدت نفسي اعيش وسط الأموات فقد كان والدي ووالدتي يعيشون في هذا الحوش من قبل ثم كبرت وقضيت كل ايام عمري هنا حتي ان تزوجت وانجبت
والتقطت زوجته جانب الحديث قائلة « قبلت بالزواج في حوش المقابر لأنني كنت يتيمة الاب والام وكان خالي هوالمتكفل بمصاريفي وعندما بلغت الخامسة عشر من عمر وتقدم سمير لخطبتي وافق اهلي عليه وقبلت بالعيش مع الأموات علي امل ان تتحسن الظروف وننتقل لمكان افضل .. وكثيرا ماكنت اخاف ليلا من الخروج من غرفتي ولكن مع الوقت اصبحت اشعر بأن هؤلاء الاموات اهلي ليس هذا فقط بل هم احن علينا من الأحياء وبعد ان انجبت ودخلت في صراع مع الحياة لتدبير لقمة العيش لم تعد مأساتي مع الأموات بل المأساة الحقيقية مع الأحياء فاصبحت اخاف علي اولادي من الشارع وذقت صنوف العذاب في تدبير بيئة سوية لتنشئتهم فالمنطقة تمتلئ بالمجرمين والبلطجية وقطاع الطرق وكثيرا مانتعرض لحوادث السرقة فبعد ان دبرت بعض النقود لجهاز ابنتي قام البلطجية بسرقة الغرفة وها نحن نعيش الحياة بكل الوان المأسي علي امل ان تتعدل قبل ان تنتهي ..
اضافت : زوجي مريض بالكلي ويحتاج إلي العلاج ..كل يوم يموت بعد ان قضي عمره في تعليم ابنائه علي امل ان يوظف احدهم وجدنا انه امر مستحيل فكنت اتمني ان يعمل ابني في اي وظيفة حكوميةلأنه متعلم وحاصل علي شهادة حتي ولووظفوه عاملا في احد المصالح ليصنع لهم الشاي والقهوة اوان يعطوه عربة يصنع عليها الكبدة اي شئ يوفر له دخل ثابت بالحلال فهويسير بحذاء مقطع ذووجه علوي فقط يستر قدمه!!
ازعاج الموتي
اما بخيتة عبد العظيم فلديها ولد وثلاث بنات وقد تزوجت ابنتها معها وانجبت اطفالها في نفس الحوش تقول بخيتة: ولدت في هذا الحوش وقضيت عمري بأكمله فيه فقد عشت اكثر من خمسين عاما في هذا المكان ودعوت الله كثيرا بأن يغثنا من «عيشة الأموات « فنحن نتجرع العذاب بكل اشكاله ولكن اكثر مايؤلمني في هذه العيشة هوالأطفال الذين لا يفهمون شيئا يفتحون اعينهم ليجدوا انفسهم وسط المقابر حتي انهم يسألوننا اسئلة لا نستطيع إجابتها فما مصير هؤلاء الأطفال الذين نشأوا علي اللون الأسود وتشكلت مسامعهم علي اصوات الصراخ وتعودت اعينهم علي الجنازات ومناظر الدفن ولا ملجأ لنا سوي هذه المعيشة والمأساه ليست في حياتنا مع الأموات ، إنما المأساه الحقيقية في إنتشار البلطجية في هذه المنطقة التي هي بيئة خصبة لتجمع الشمامين والبلطجية والخمورجية واهل الهوي فنحن نغلق علينا بابنا منذ مغيب الشمس وحتي قدومها ولا نجرؤ علي فتح الباب فلا ندري ماذا ينتظرنا من المهالك بمجرد فتحه ليس هذا فقط بل إننا نحيا حياة غير ادمية فكلما توفي احد من اصاب الحوش فتحت المقبرة لدفنه وعندما تأتي الجنازة لابد من ان يمر الميت علي غرفة منامنا قبل ان يصل لغرفة الدفن وكثيرا ما تكون الفترة بين الميت والأخر ايام معدودة فبمجرد فتح المقبرة تكون الرائحة لا تطاق والبيت ملئ بالأطفال .. ولكننا لا نستطيع الإعتراض فهم لهم الحق في فتح مقبرتهم في اي وقت يريدونه ولكني يتقطع قلبي علي النشء الذي لا يدرك حقيقة هذه المناظر التي يراها ولا الرائحة التي يشمها وقد عجزت كل كلماتي عن إيجاد تفسير لهذه المعيشة لأطفال ابرياء لا يدركون شيئا فكم احسد هؤلاء الأموات علي هدوء معيشتهم وراحة بالهم حتي اني اتمني رفقتهم كل يوم ..
السحر مقابل المال
ومن جانبه يضيف حمدي الجيار « حانوتي « لدي سبعون عاما وورثت مهنتي عن والدي وجدي من قبله فمنذ ان ولدت وانا في القبر الحد الأموات وورثت مهنتي لأولادي من بعدي فبالرغم من بعض الأقاويل التي تردد صعوبة الاقتراب من الأموات إلا انني احب مهنتي كثيرا لأن الاقتراب من الموت هو الاقتراب من الحقيقة فكل ما في دنيتنا زيف خادع والحقيقة المطلقة لن نجدها سوي في قبورنا ولذلك فلم اعترض يوما علي مهنتي اواكرهها ولكني اكره اعمال البشر فبحكم مهنتي رأيت العجب ليس في عالم الأموات وأنما في عالم الأحياء فكثيرا مايتردد علي البعض من الذين يصنعون الأعمال لمؤذية بعضهم يطلبون مني وضع هذه الأسحار في القبور مقابل مبالغ مالية ولكني ارفض هذا بشدة لأني اخاف الله واعلم جيدا عقوبة ذلك عنده ليس هذا فقط بل انني كثيرا ما اجد بعض اعمال السحر التي يصنعونها موضوعة بجانب القبور وتكون عبارة عن « لية خروف « معقودة بعشرات الدبابيس التي يكون فيها العمل بحيث توضع هذه الدبابيس في اللية وكلما ساحت هذه اللية كلما ضر إزداد مفعول ضرر العمل اكثر واكثر فكلما وجدت مثل هذه الاعمال اقوم مسرعا بفك دبابيسها لإبطال مفعول ذلك السحر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.