حزب العدل: سنكون صوت المواطن فى مجلس النواب    «ابني للتطوير العقاري» تطلق مشروع «كنان» أول مجتمع سكني ترفيهي متكامل بملاعب جولف عصرية بمدينة سوهاج الجديدة    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    نائب محافظ قنا يتفقد المراكز التكنولوجية بقوص ونقادة ويتابع ملف تقنين أراضي الدولة    اتصالات هاتفية مكثفة لوزير الخارجية حول مستجدات مفاوضات وقف اطلاق النار في غزة    اليابان تجمع 1.5 مليار دولار للاستثمار المؤثر في أفريقيا    تشكيل البنك الأهلي لمواجهة كهرباء الإسماعيلية في الدوري    جلطة سراي يبدأ مفاوضات ضم أكانجي من مانشستر سيتي    إصابة 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالطريق الزراعي في القليوبية    اليوم.. العرض الخاص لفيلم درويش في الرياض بحضور عمرو يوسف    وزير العدل ومحافظ البحيرة يتفقدان مكتب توثيق الشهر العقاري بكفر الدوار    روسيا تعلن استعدادها لتسليم 31 شخصًا إلى أوكرانيا ضمن اتفاق تبادل المواطنين    أزمة بين أستراليا وإسرائيل والثانية تلغي تأشيرات دبلوماسيين.. فما القصة؟    كامل الوزير لمُصنّعي الأسمنت: زيادة الإنتاج الحل الأمثل لتقليل الأسعار    لليوم الثالث على التوالي.. محافظ القاهرة يشرف على حملة لإزالة الاشغالات في مدينة معا    25 لاعبًا في قائمة منتخب 17 سنة للمشاركة في بطولة كأس الخليج    حملات ميدانية.. حماية المستهلك يعلن تفاصيل رقابته على الأوكازيون الصيفي    وزير الأوقاف يهنئ الدكتور ماجد إسماعيل بتعيينه رئيسًا تنفيذيًّا لوكالة الفضاء المصرية    نقيب السينمائيين ينعي الدكتور يحي عزمي بكلمات مؤثرة    فيلم "فلسطين 36" يزين سباق الأوسكار 2026    أسرة العندليب تنفي بيع منزله: لا نقبل إكراميات ومنزله سيظل مفتوحا لمحبيه    نجلاء بدر تعلق على التشكيك في غرق تيمور تيمور بسبب إنقاذ ابنه    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    الشيخ خالد الجندي: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    خطة لدعم خدمات صحة الأم والطفل وتحسين المؤشرات السكانية بسيناء    نائب وزير الصحة تبحث مع وفد اليونيسف تأهيل مستشفى العريش كمركز تميز لخدمات النساء والتوليد    تقارير: وفاة رزاق أوموتويوسي مهاجم نادي الزمالك السابق    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال ينطلق في فبراير المقبل    وسط أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم لواجهة المشهد الثقافي    محافظ شمال سيناء يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية    وزير التعليم يوقع بروتوكول تعاون مع "كاسيو ميدل إيست" لتدريب معلمي الرياضيات    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    سماع أسرة الزوج وفحص هواتف.. تحقيقات موسعة فى مقتل لاعبة الجودو دينا علاء    شاهد.. مدير «الرعاية الصحية» ببورسعيد: حملة «صحتك أولًا» تهدف لتعزيز الوعي الدوائي    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    بالأسماء.. وزير الداخلية يمنح 21 مواطنًا جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالمصرية    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    الإمارات تسقط أكثر من 4000 طن مساعدات على غزة    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    كييزا يغلق باب الرحيل ويتمسك بالبقاء مع ليفربول    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية: تكثيف الهجوم على غزة سيؤدى لأثر إنسانى مروع    هيئة التأمين الصحى: إشراك القطاع الخاص ركيزة أساسية للتوسع المستقبلى    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحياء الإمام الشافعي‏..‏ أموات‏!‏

بعيدا عن جو المظاهرات والاعتصامات والمطالب الفئوية يعيش سكان منطقة الإمام الشافعي عيشة كما يردد الكثيرون تصعب علي الكافر‏,‏ ورغم هذا فانهم أوجدوا علاقة حميمة
مع هذا البؤس وعاشوا في هدوء ينتظرون الفرج الذي طال انتظارهم له هو جانب وصفحة من صفحات الحياة الأخري في مصر والحياة الأخري تعني هذا الهامش البعيد تماما عن الضوء والذي يعاني معاناة أقل ما توصف به أنها لا تصدق
انتقلت الأهرام المسائي لترصد هذا الواقع المرير وتلتقي هؤلاء الذين يعيشون خارج نطاق الحياة‏,‏ وفي الإطار تساؤلات عدة منها كيف استطاع هؤلاء أن يتواءموا مع هذا اللا وجود وكيف استمروا في العيش في هذا الكم الكبير من الإهمال الذين يعانون منه‏.‏
لفت انتباهنا واحدة من الأهالي تجاوزت ال‏70‏ عاما تركن بأحد الأسوار بجوار المقابر بكلمات تدمي القلب تحدثت جواهر عثمان فقالت جئنا من سوهاج منذ أكثر من‏40‏ عاما وتزوجت وأنجبت‏4‏ أولاد عشنا علي الحلوة والمرة يوم فيه قرش ويوم مافيش ويوم دفن الميت هو يوم الفرج بنشوف الأكل‏,‏ وتابعت زوجي توفي منذ‏20‏ سنة وأخذ بواقي الحلو معه والآن عايشين علي الذي يجود به الزمان كل زيارة أو قراءة علي ميت وتضيف لا أعرف شيئا عن السنة أو الشهر أو التاريخ في انتظار شهر رمضان بفارغ الصبر من أجل الزكاة والصدقات‏.‏
الصورة تكررت في عدة مواقف وجواهر مثلها مثل الكثير في مقابر الإمام الشافعي نادية إبراهيم تحكي مأساتها قائلة عشنا عمرنا كله في الإمام شفنا الهوانم والبهوات مع كل دفنة كبير وعزيز وليس لدينا مكان آخر نذهب اليه‏,‏ لكن معاشرة الموتي جعلتنا نشعر كأننا أموات في كل ثانية‏,‏ ومع ذلك أكثر حاجة بنخاف منها الموت لأن المدفون هنا معه ثمن الأرض والتربة ولهم بيوت أخري لكننا لا نمتلك غير أن نشاركهم تربتهم ولا أعتقد انهم يسمحون لنا بمشاركتهم بعد الموت‏.‏
الحياة داخل المقابر يصعب وصفها مجرد غرف صغيرة مشتركة لجميع أفراد الأسرة التي قد يصل عددهم إلي‏6‏ أو‏7‏ أفراد والحمام واحد لكل‏6‏ غرف تقريبا‏,‏ أما عن مكوناتها فهي سرير واحد وربما كنبة مهترئة وسخان بدائي ووعاء متهالك أو غسالة قديمة بهت لونها وتكسرت أجزاؤها ووسائل المواصلات عربات الكارو والحمير هذا ما أكدته سعيدة إبراهيم حيث تقول إن زوجها متوفي ولديها‏4‏ أولاد وليس لديها أي مصدر للعيش منه موضحة ان الثورة التي قامت من أجل تحقيق العدل الإجتماعي لم تصل إليهم حتي الآن لكنهم سئموا من كثرة الشكوي دون جدوي وتقول خيرية ابراهيم إحدي ساكنات المقابر إنها تعاني من السكر وانفصال في الشبكية وزوجها رجل مسن لا يعمل ولديه‏3‏ أولاد موضحة انها لا تملك أجرة الطبيب لمتابعة حالتها الصحية‏,‏ وتابعت أنها تعيش علي الصدقات من اقارب الميت ولا تتذوق طعم الفراخ أو اللحمة لكنهم يتناولون الأكل العادي مثل الفول والطعمية‏.‏
وتقول كاملة كامل إن لديها‏6‏ أولاد من بينهم ابن معاق يحتاج الي نفقات علاج باهظة لكنها لا تستطيع تحمل هذه التكاليف خاصة وأن زوجها متوفي وليس لديها أي مصدر للرزق وتطالب بتوفير غرفتين لها ولأولادها بعيدا عن حياة المقابر نظرا لظروفها الصحية‏.‏
محمد زكريا قدم إلي القاهرة في منتصف الثلاثينيات واستقر به الحال في ترب الإمام الشافعي حيث يقول إنه يعمل حارسا لأحواش كثيرة ثم تعلم مهنة الدفن لكي تكون مصدر رزقه هو وأولاده‏,‏ ويوضح ان أهالي المقابر ليسوا في دائرة اهتمام دائرة الحكومة حيث يعيشون في قلق علي أولادهم ونسائهم بسبب انتشار البلطجية ومدمني المخدرات بالمقابر ولا يوجد من يحميهم من هؤلاء المجرمين‏.‏
ويقول فتوح فراج جوهر أحد الأهالي إنه سئم من العيش في الأحواش فضلا عن ظروفهم المادية موضحا انه يعمل يوما ويمكث‏20‏ يوما في المنزل ولا يستطيع ان ينفق علي أولاده بسبب ضيق الأحوال‏,‏ ويضيف قائلا إحنا مش بلطجية لكن عايزين حقنا تعبنا وصبرنا كثير ومافيش حد بيسأل عنا حتي الثورة التي حدثت لم نعرف عنها شيئا ولم تحقق لنا أي هدف من أهدافها‏.‏
وفي أحد الأحواش شاهدنا كريمة حسين جمعة أحدي ساكنات المقابر تجلس في حوش صغير اقتربنا منها وسألناها عن حياتها في هذا المكان فقالت لم أجد مأوي سوي هذا المكان ونعيش علي الصدقات حتي المسئولون لا نراهم إلا في وقت الانتخابات لكن بيأتي أناس آخرون من أصل الخير والجمعيات الخيرية هم الذين يعطفون علينا‏.‏
وخلال جولتنا قابلنا سيد زكي ميكانيكي ويحكي قصته قائلا أعيش هنا منذ‏20‏ سنة واضطررت إلي السكن هنا بعد أن فشلت في الحصول علي شقة حيث قمت بتقديم أوراقي أكثر من مرة والمسئولون دائما يطمئنوننا بالوعود الزائفة‏,‏ وتمني اليوم الذي يترك فيه هذا المكان والانتقال إلي شقة حتي لو كانت مكونة من غرفة واحدة نظرا لفقد ان الأمان‏.‏
وتؤيده في الرأي مني عبده حيث تقول إنها لديها‏4‏ بنات وتضطر إلي النوم من الساعة الثامنة بسبب إنتشار البلطجية وخوفها علي بناتها‏,‏ وأردفت قائلة تصدقوا أن الحياة هنا مريحة فالبنت لا تستطيع الخروج من الحوش بمفردها ولذلك عندما تصل البنت إلي ال‏18‏ سنة أقوم بتزويجها خوفا عليها‏,‏ وتضيف ان المستوي الذي يعيشون فيه لا يؤهلهم لتعليم أولادهم نظرا لأنه يتطلب نفقات باهظة لا يتحملونها‏.‏
وفي لقائنا مع فرج عبدالعزيز أحد سكان المقابر أكد ان المياه الجوفية الناتجة من تسرب مياه عين الصيرة إليهم قد تفاقمت للدرجة التي وصلت بها إلي المقابر وجعلت عظام الموتي تعوم علي السطح‏,‏ ويخشي ان يسقط أطفاله في هذه الحفر التي امتلأت بالماء‏,‏ ويتعجب فرج أشد العجب ويقول أنهم ارتضوا بالعيش في سابقة لم تحدث في العالم مع الأموات‏,‏ موضحا ان الدولة تعلم بهذا ورغم صبرهم علي هذه المأساة أضيفت لهم مأساة أخري هي ما يعانون الآن‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.