لا أحد ينكر حجم المأساة الأقتصادية التي نعيشها والتي خرجنا بها من سنوات طويلة من الحكم الجائر والظالم ..فلقد عرف حكامنا معني خطيرا للسيطرة علينا يتمثل في مبدأ التجويع . هذا التجويع الذي يجعل الأنسان يحتاج الي كل شيئ وأي شيئ ليعيش حياة كريمة تجعله يفتخر بأنه من أفخر الكائنات التي خلقها الله علي سطح الأرض ..وكان العمل والأنتاج هما السبيل الأوحد لأن يحقق الأنسان المصري أحلامه وكرامته ولسنوات ليست ببعيدة كان العالم كله يشيد بصلابه وقدرة الفلاح المصري الذي ينهض من نومه قبل فجر كل يوم حاملا فأسه قاصدا ربه الكريم الي أرضه الزراعية يزرع فيها كل ما طاب من محاصيل وترافقه زوجته في رحلة الكفاح لتربي في بيتها كل أنواع الحيوانات الأليفة والطيور والدواجن وبجوارهما تجد الأطفال يساعدون في رسم هذة الصورة الرائعة للعمل من أجل الحياة رغم أن المردود المادي كان غير كافيا لتحقيق كل آمال هذة الأسرة المصرية ولكن كان الفتات المتبقي يكفيها والسعادة تلفها خاصة وأن كل فرد منها يكون قد شعر بقيامه بدوره ..وفي الحضر والمدن تجد العامل البسيط أو الموظف كلا منهما يخرج الي مصنعه أو ديوان عمله ليؤدي دوره في الأنتاج دون كلل أو ملل رغم قلة الجنيهات التي يحصل عليها في نهاية يومه أو شهره بل كان راضيا قانعا بها لأنها تحقق هدفه في تربيه صغاره في المدارس ليشبوا رجالا قادرين علي خدمة ورفعة مصرهم ..كنا جميعا هذا الرجل الي أن جاء وقت ترك المزارع فأسه وودع الموظف مكتبه وسافر الجميع الي دول الخليج بحثا عن الأموال في الغربة فتراجعت الزراعة والصناعة وأختفت الرقعة الزراعية وظهر نوع جديد من الأفنديه من ساكني البيوت الخرسانية التي أحتلت القري والحضر وناموا جميعا حتي منتصف النهار بعد أن أعياهم السهر أمام التليفزيون وسكتت عجلات وآلآت المصانع وتراجع الأنتاج والعمل يوما بعد يوم الي أن أكتشفنا أننا أصبحنا قوما من الكسالي العاطلين كل همنا البحث عن المطالب الفئوية والعلاوات والترقيات دون أن نبحث عن سبل العودة الي الأنتاج أو العمل بل وأصبحنا هذة الأيام نهاجم الحكومة وأصحاب الأعمال ونكفر بأي خطة للتحسين أو التخطيط أو حتي الأعتراف بمستقبل أفضل مما نحن فيه ونحمل الكل فقرنا وجوعنا دون أن نحاول أن نتحرك أو نعود الي أماكن عملنا لنعيد الأنتاج والحركة الي مزارعنا ومصانعنا ونسينا أن السماء لا تمطر ذهبا أوفضة بل علينا أن نعود للحراك الجماعي والوقوف من جديد صفوفا واحدة متحدة سعيا وراء طلب الرزق والذي يتحقق فقط بالعمل المخلص الصادق في كل مناحي الحياة ..وعلينا أن نعلم أن مصر تحتاج وقفتنا جميعا بجوارها وهي ترسم خطة المستقبل وتسعي لتحقيق أستحقاقاتها من أجل أن نحقق نهضة أقتصادية حقيقية بالعمل وليس بالمساعدات الخارجية وأن نعترف أن العالم كله يحترم الأقوياء الذين يعرقون في أعمالهم ولايمدون أيديهم طلبا للمساعدات خاصة أبناء مصر التي كانت علي مر التاريخ هي مزرعة الخير والنماء للعالم كله ..أننا نري هذة التغيرات التي تحدث حولنا وعلينا أن نكون علي مستوي المسئولية وأن نعود جميعا الي مواقع العمل والأنتاج حتي نؤكد للجميع أننا قادرون علي الحياة الحرة الكريمة.