أي شيء بالله عليكم أمر وأقسي علي النفس من الفقر، الفقر قرين الثالوث: الجوع والمرض والجهل، وهو عدو الانسان الأول يسلمه للمعاناة، وينغص عليه حياته، يملؤها بالآلام، ويلونها بلون الحزن الكئيب. والفقر آفة عامة في العالم، وعالمنا العربي جزء من هذا الكون المليء بالفقراء، ثلثا سكان العالم يعيشون علي دخل لا يزيد علي الدولارين في اليوم، بل ان علي هذا الكوكب الأرضي يعيش حوالي 1.7 بليون انسان علي اقل من دولار واحد في اليوم، فالعالم يعيش تناقضا عجيبا فبينما يموت عدد غفير من الناس من الجوع تقتل امراض التخمة عددا كبيرا!! وعلي ذمة البنك الدولي، وهو احد أركان العولمة إن (1.4) بليون انسان في العالم النامي لوحده يعيشون علي اقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم، ولا شك أن هذا المبلغ متدن جدا ولا يسد الرمق ويجعل هؤلاء الفقراء يعيشون أسوأ الظروف، وما يزيد الأمر سوءا حتي يبلغ مرحلة المأساة الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الأساسية خصوصا الغذائية وما صاحبها من تضخم غير مسبوق انعكست آثاره الكريهة علي الفقراء وهم السواد الأعظم في العالم. عالمنا العربي ليس استثناء بل ان أصحاب الثروات والاحتكارات يزدادون غني وسطوة وسلطة والفقراء يزداد طابورهم حتي أصبح لانهاية له، يعيشون في أكواخ سوادها حالك، بل ان بعضهم لا يجد مأوي يذوق فيه طعم الراحة كحالة أشقائنا في سوريا الذين يتعرضون في هذه الأيام في مناطق نزوحهم عن منازلهم وفي الداخل الصقيع وشدة البرد في فصل الشتاء وفي الصيف تحرقهم الشمس الحارقة، ومعظمهم يعيشون في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وغيرهم كثر. صرخات الفقراء وأنينهم تدوي يسمعها حتي الأصم، بينما رجال الثروات الطائلة وأصحاب السلطة يكنزون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والدولارات حتي ضاقت بها خزائن البنوك. ان هذا بلا شك أحد العوامل الرئيسة لتفجر الثورات في بعض ديار العرب العاربة والمستعربة وسقوط أنظمتها السياسية ككرة (ثلج)، بعدما انضم عامل الفقر إلي العوامل الأخري وفي مقدمتها (استغلال السلطة والنفوذ، الفساد، الفقر، البطالة) التي أدت إلي الانفجار البركاني، بعد ان أسلمت تلك الأنظمة الفاسدة شعوبها للظلم والجوع والفقر والفساد والبطانة الفاسدة وسلطوا أجهزتهم السلطاوية علي رقاب الناس يسومونهم الذل وعنت القهر وأصناف العذاب بلا رحمة ولا رأفة. ورغم هذه الصورة القاتمة فان الدول العربية الغنية بالثروات الطبيعية من نفط وغاز ومعادن نفيسة وحديد ويورانيوم وغيرها من المعادن .. هذا غير الأراضي الخصبة والأنهار الجارية والمياه الجوفية الوفيرة، لم تضع السياسات والاستراتيجيات للقضاء علي الفقر بل ولا للحد منه، رغم أن الاستقرار الفردي يعكس رضا الانسان عن النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيش تحت مظلته. يجب ان تعلم الحكومات ان محاربة الفقر ليست مسألة اقتصادية فحسب بل هي مسألة إنسانية وسياسية وأمنية، فليس أخطر علي النسيج الاجتماعي في المجتمع من انقسامه الي فقراء جدا وأغنياء جدا، وليس أخطر علي الدول واستقرار أنظمتها السياسية من تفشي البطالة المقنعة والعوز والفقر والجوع، فالفقر يعرض الدول والعباد لخطر عظيم. وللحديث بقية