يحكي ان رجلا نزل في احدي القري وهو جائع ومتعب من السفر.. وطرق باب احد البيوت وطلب من صاحبه طعاما وشرابا.. فنظر اليه وقال له ليس عندي ما استغني عنه لك فاذهب الي حال سبيلك . عرف الرجل من شكل البيوت ان اهل القرية فقراء.. ومن ابواب ونوافذ بيوتها المغلقة ان هناك توترا وخلافات بينهم.. فطرق الباب الثاني والثالث والرابع ووجد عنداهم نفس الاجابة.. وعندما طرق الباب الخامس وجد سيدة وأطفالها.. فسألها عن الطعام والشراب فقالت له: كيف أطعمك وأنا بالكاد استطيع ان اطعم اطفالي.. فطلب منها اناء للطبخ.. فسألته المرأة لماذا؟ فقال ان معه حجرا عجيباً بمجرد ان يضعه في الماء المغلي يعطي حساء لذيذا.. فأحضرت اكبر اناء لديها ووضعته علي النار امام البيت.. وعندما بدأ الماء يغلي وضع الرجل الحجر فيه ثم تذوقه وقال لها ان الطعم جيد ولكنه سيكون ألذ اذا وضعنا فيه بعض الجزر.. فقالت له عندي بضع جزرات فأخذها الرجل ووضعها في الاناء . انتشرت قصة «الحساء العجيب «في القرية وبدأ الناس يتجهون لرؤية الحجر وهو يتحول الي حساء.. وتذوق الرجل الحساء مرة ثانية وقال لها سيكون لذيذا اكثر اذا وضعنا به بعض البصل.. فقالت: «لايوجد لدي بصل» فتطوع أحد الجيران واحضر البصل.. ثم قال الرجل اريد بطاطس فتطوع جار ثان واحضر البطاطس.. وأصبح كل جار يضيف شيئا للحساء.. وهنا قال الرجل لقد اصبح رائعا فتذوقته المرأة واهل القرية وبدأوا في توزيعه عليهم.. والتفتت المرأة للرجل لكي تشكره فوجدته اختفي . ويحكي أنه في احدي القري انتشرت البطالة وكان اهلها علي وشك المجاعة فطلب الحاكم من أهلها طلبًا غريبًا بأنه سيضع في الليل اناءً كبيرًا في وسط القرية وعلي كل رجل وامرأة أن يضع في الاناء بمفرده من غير أن يشاهده أحد كوبا من اللبن ليقوم بتوزيعه في اليوم التالي علي الفقراء والمحتاجين.. وتوالي اهل القرية في سكب ما في اكوابهم بالاناء.. وفي الصباح فتح الحاكم الاناء فوجده قد امتلأ بالماء.. فقد قال كل واحد في نفسه إن وضعه كوبا واحد من الماء لن يؤثرعلي كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية! . ويحكي ان الفيلسوف اليوناني سقراط تقابل يوما مع أحد معارفه الذي أراد ان يخبره شيئا سمعه عن أحد طلابه.. فسأله سقراط ان كان ما سيخبره به صحيحا.. فرد الرجل: في الواقع لقد سمعته.. فسأله هل هو شيء طيب؟ فقال الرجل: «لا».. فسأله هل سيفيدني؟ فرد الرجل: في الواقع» لا».. فقال له سقراط: إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا طيب ولا ذي فائدة أو قيمة فلماذا تخبرني به من الأصل؟ لقد تعلم اصحاب القرية من قصة «الحساء العجيب» ان كل واحد منهم كان يعاني من أجل توفير الطعام والشراب لأبنائه وعندما وحدوا جهودهم ومواردهم استفادوا جميعا ولم تعد قريتهم تعاني من الجوع والفرقة.. كما تعلم اهل قرية «كوب اللبن» الا يعتمد كل واحد علي غيره ويفكر بنفس طريقته.. فقد ظن كل واحد منهم انه الوحيد الذي سكب الماء بدلا من اللبن!