قامت الدنيا ولم تقعد منذ بدأ الصحفي عبد الرحيم عبر قناة "القاهرة والناس " بث تسجيلات لمكالمات هاتفية لبعض الشخصيات المحسوبة علي ثورة 25 يناير وخصوصا قيادات 6 ابريل تتضمن ما يؤكد الاتصال بجهات أجنبية والحصول علي مقابل مادي للمشاركة في تحقيق حال الفوضي الذي تعاني منه مصر المحروسة منذ ذلك التاريخ وحتي اللحظة. وعلي رغم انتشار مسألة التسريبات للاتصالات الهاتفية أو الأليكترونية طيلة السنوات الماضية وبثها عبر وسائل الاعلام المختلفة مقروءة ومسموعة ومرئية لأشخاص كثيرين من بينهم قيادات كبري لتنظيمات مختلفة وصل بعضها الي الرئيس السابق محمد مرسي الا أن رد الفعلي الشعبي الضخم علي ما ورد في تلك الاتصالات من معلومات "صادمة" يبدو أنه الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بعد . رافضو بث تلك التسريبات يعتبرون ما جري جريمة قانونية ضد حقوق المواطن المصري . ورأوا أن الأمر لا يتعلق بالدفاع عن شخصيات بعينها أو تبرير أقوال وردت في تلك التسجيلات باعتبار ذلك مسؤولية الجهات القضائية التي من المفترض أن تحال إليها مثل هذه الموضوعات، وأن غير ذلك يمثل انتهاكا صارخا للحقوق ولدولة القانون. استند الرافضون الي أن قانون العقوبات المصري جرم التنصت علي المواطنين إذا تم بدون إذن القضاء, وأنه لا يوجد أي استثناء لأية جهة أو شخص من العقوبة الواردة بنص التجريم إذا ثبت تسجيل المكالمات بدون إذن قضائي حتي لو كان رئيس الجمهورية , وأنه في كل الأحوال حتي مع وجود إذن قضائي فانه ذ طبقا لوجهة نظرهم - لا يجوز بأي حال من الأحوال تسريب أو نشر هذه التسجيلات في الإعلام, فهي تسجيلات لو تمت في أطار القانون تكون لاستخدامها في التحقيقات أو الإجراءات الأمنية علي سبيل الحصر وبالتالي يعتبر تسريبها للإعلام جريمة يعاقب عليها القانون . واعتبر الرافضون أن مكان هذه التسجيلات - لو تمت باذن النيابة - هو ساحات القضاء أما عندما تنتقل أدلة الاتهام إلي منابر الإعلام فلا تكون سوي أداة للتشويه والإساءة للسمعة والاغتيال المعنوي . في مواجهة ذلك يذهب مؤيدو ما ذهب اليه الاعلام من بث تلك التسجيلات الي أن مصلحة الوطن- في هذا التوقيت بالذات- أهم وأقدس خصوصا عندما نستمع لمن كانوا يتصدرون المشهد الثوري ويدلسون علي الجميع بخطاب يحمل في طياته عكس ماهو ظاهر منه . واننا في ظروف يحتاج فيها الشعب المصري المسكين ان يعرف حجم الخديعة التي نصبت له وان يعرف ماهية وغرض النشطاء كي يميز الخبيث من الطيب.وتأكيد المؤيدين أن كشف المستور في تلك المرحلة واجب وضرورة علي الأساس الشرعي أن الضرورات تبحن المحذورات. وأنه حتي اذا كنا نتفق علي ادانة التنصت والتجسس فلابد من الفارق في القياس فاذا كانت الدولة تعلم بانهم تدربوا وقبضوا لاسقاط البلد فقد وجب متابعتهم والا ما هو عمل أجهزة المخابرات اذا لم يكن الكشف عن العملاء وتنبيه الشعب الذي كان يعيش وهم أن هؤلاء من الشرفاء فيما هم مرتزقة.. فهل نغضب لانتهاك خصوصية خائن ام نغضب لانتهاك حرمة الوطن . ويقول المؤيدون لما جري ان المكاشفة ذ مهما كان فيها من فضائح ذ قد تؤدي الي التطهر والتطهير بدلا من ترك المجتمع ككل في حالة انبهار بأمثال هؤلاء النشطاء الي درجة قد تصل الي منحهم حق اختيار من يتولون قيادة البلاد ؟ .. واذا كان هناك اتفاق قانوني وتشريعي ودستوري علي تجريم واقعة التنصت والتسجيل دون اذن قضائي فان من شروط إباحة القذف في ممارسة حق الإعلام في نشر الأخبار و حق النقد أن تكون الواقعة صحيحة ثابتة أو الإعتقاد بصحتها ، وغير مختلقة أو مشوهة وأن تكون الواقعة ذات أهمية للمجتمع وأن يتوافر حسن النية لدي المتهم أي اثبات أنه يستهدف تحقيق مصلحة عامة وليس مجرد التشهير . القضية تبدو أشبه بالمأزق الصعب الذي يمكن أن يساعدنا في حله الرد علي هذا السؤال : هل فضح المفضوح يعد فعلا فاضحا ؟ . اللهم احفظ مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان .