كثيرا ما يختلط الامر في هذه الايام عن الحرس الجامعي وعن مهامه لفرض الامن والانضباط للعمل الجامعي في وقت تتأهل فيه مصر لبداية مرحلة تأسيسية للتنمية والتقدم بعد ثورة 30 يونية وانتفاض الشعب المصري تمسكا بحريته ومقاوما للفساد ومحاولات تغير الهوية المصرية. قد يلتبس الامر - قصدا او بدون قصد- علي البعض بالنسبة لمهمة الحرس الجامعي في الجامعات والمؤسسات التعليمة المزدحمة بالطلاب وادعاء البعض أن عمل الحرس الاساسي هو التدخل في أعمال الجامعة من الناحية التعليمية والادارية، وبالرغم من التأكيد علي أن الجامعات وفقا لقانونها لها إستقلاليتها وشخصيتها وتدار كاملا من خلال إدارتها ومجالسها المستقلة سواء علي مستوي الجامعة أو الكليات والمعاهد وليس لاي جهة حق التدخل في الشئون الجامعية وخاصة التعليمية، ففي الحقيقة فإن هذا يؤكد عدم وجود أي علاقة بين الحرس الجامعي وادارة العملية التعليمية. ولكن أهمية تواجد الحرس الجامعي تظهر في مهمتة الاساسية وهي العمل علي حماية ممتلكات الدولة من ناحية والمحافظة علي الامن في الجامعات وخاصة مع تواجد أعداد كثيفة من الطلاب في سن المراهقة يجعل من الحرس الجامعي ضرورة حتمية لاداء مهامة في سبيل أحترام العملية التعليمية في الجامعات المصرية. فالحرس الجامعي لا يختلف عن حرس المحاكم وحرس مجلسي الشعب والشوري وحرس السياحة والاثار وحرس الوزراء وغيرهم كثير. فالمهمة الاساسية هي المحافظة علي النظام والامن العام في هذه الاماكن. فمن غير المتصور أن يكون في الجامعات هذه الاعداد الهائلة من أبنائنا الطلاب ولا يكون هناك حرس جامعي لمنع المخالفات التي يمكن أن تؤدي الي أضرار وإنحرافات لابنائنا ومن ثم لابد من حارس لدية سلطة الضبطية القضائية للحماية من تداول المخدرات ومن المشاجرات وأي أعمال غير مشروعة لتعطيل العملية التعليمة وأتخاذ الاجراءات الازمة والفورية لمواجهة أي إنحراف أو منع أي محاولة لمخالفة القانون. ومن ناحية أخري فهناك بعض القضايا التي ترتبط ببعض العوامل والابعاد السياسية التي يجب ألا تغيب عنا ويجب أن نفطن إليها حينما نتعامل معها لأنها في كثير من الأحيان تخلط الاوراق بعضها ببعض وعلي سبيل المثال فالخلط بين الامن والسياسة واضح في الملاحقة والضغط لاستبعاد الحرس الجامعي تحت شعار جذاب يدعي الحفاظ علي حرية التعليم الجامعي وحرية الرأي بالرغم من أن الجامعات هي جزء هام من مؤسسات الدولة وهي مسئولة عن العملية التعليمية بها وتمتد مسئوليتها الي فرض النظام والحماية لاولادنا الطلاب وأساتذتهم والعاملين بها. هنا نجد أن القضية الأساسية تكمن في خصوصية الحرم الجامعي وماله من حرمة ويحاول البعض أن يعبث بمقدرات الشباب بداخله من خلال مخالفات للقانون تحت مسميات جاذبة وتخفي أسفلها أهداف سياسية أو جنائية تستغل وجود هذا العدد من الشباب في هذا المكان المحدود لفرض أتجاهات غير مشروعة ولذلك فيتصور ذوي هذه الاغراض ان حرس الجامعة هو الذي يقف حائلا بينهم وبين هذا العبث وليس أرادة المجتمع ككل. علينا أن ندرك أن دور الحرس الجامعي - كما قلنا - يقتصر علي حراسة منشآت الجامعة لما تحتويه من أهمية خاصة جدا حيث تضم مئات الآلاف من أرواح أبنائنا ولنا أن نتصور مردود أي خطأ قد يحدث في هذه المنشآت الدراسية. حرس الجامعة وما يقوم به من مهام حراسية وأمنية يضفي أهمية علي تواجدة بالجامعة، ولكن هذا لايعني تدخل الحرس في أي مسائل تعليمية أو إدارية أخري وإلا طلبنا عدم تواجد أبنائنا من قوات الشرطة في تأمين المنشآت الحكومية الاخري أو كان علينا مسبقا أن نناقش تأمين وزارة الداخلية لقاعات المحاكم التي تمثل صلب العدالة وجوهر القضاء في مصر، ويمكن أن نتصور أن صدور حكم داخل قاعة محكمة تقوم وزارة الداخلية بتأمينها من خلال رجالها لايعني التدخل في الاحكام، فهل علي القاضي أن يرفض تأمين الشرطة لقاعة المحكمة؟ وأن يصدر حكما بخروج الحرس من قاعة المحكمة خوفا من تدخل الحرس في أحكامه. وفي نفس الشأن هل نتصور أن حرس مجلس الشعب والشوري يتدخل لسن قوانين وتشريعات هذا البلد وكذلك منشآت وزارات الكهرباء والسياحة ومؤسسات الدولة التي تقوم بحراستها وتأمينها أبنائنا من رجال وزراة الداخلية باعتبارها مؤسسات منفصلة لا تنتمي لبلد واحد كما يريد البعض. علينا أن نتيقن من أن هناك من يحاول تفكيك المكون المنظومي لهذا البلد (المجتمع) بمحاولة تقسيمه إلي فئات متباعدة في محاولة منه لسهولة اختراقه والاستيلاء عليه منفصلا. ولكن لا بد أن نتصدي لذلك ونؤكد ثقتنا في أنفسنا وفي إدارتنا لمؤسساتنا قبل أن نتهم غيرنا بالتدخل في شئوننا. فشعب مصر هو نسيج واحد يعمل في مؤسسات ومهام متعددة لصالح أمن وسلامة وتقدم مصر كل في موقعه. ولذلك لابد من عودة الحرس الجامعي بملابسة العسكرية التي تعبر عن هيبة الدولة وخاصة لحماية المنشآت والمعامل والممتلكات الخاصة والعامة وحماية الافراد من اساتذة وطلاب وعاملين ومنع جرائم حديثة ظهرت في الجامعات في ظل الانفلات الامني مثل المخدرات والتحرش وغيرهما. ولا شك ان الجامعات هي اساس زراعة السلوكيات لمستقبل شباب وجيل مصر القادم وما نزرعه اليوم من تعليم وتربية وانضباط ستحصده مصر في الاجيال القادمة.