د. سمية سعد الدين يامصر اغفري .. وسامحي.. وتجاوزي.. فمن عاقوك سيندمون ويعودون لأحضانك راكعون.. نعم انهارت أعصاب وسمعة السيدة الفاضلة "أمريكا".. بفعل مصداقية شعب مصر العظيم الذي خرج أكثر من مرة بأعداد أسطورية.. فاقت أعدادها في مرة ما قارب من ال40 مليون مصري يوم 26 يوليو الفائت، وفي مرتين سابقتين في أعداد بلغ كُل منها مايزيد علي ال33 مليون مواطن ومواطنة.. أدلوا فيها بشهادتهم .. في جملة جماعية غير مسبوقة أمام كُل شاشات العالم وعيون مواطنيه.. وهي شهادة إدانتهم للسيدة الفاضلة "أمريكا".. والتي ادعت دوما أنها راعية الفضيلة الأخلاقية علي مستوي البشرية.. وراعية الحقوق الإنسانية.. والمنادية باحترام الضمائر الوطنية! انهارت أعصاب السيدة التي بنت أفعالها في "عالم الخطيئة" علي منهج السرية وكانت تراهن علي أن أسرارها لن تخرج للعلن أبدا بفعل قوة سيطرتها علي أجهزة مراقبة العالم.. وعلي تحكمها في التمويه عن سلوكياتها الشائنة عبر أبواق وشاشات العالم.. ولكن.. لأن الدنيا "يا أمريكا هانم اتغيرت".. ولأن "جيرانك من سكان العالم فاقوا".. ولأن "سيدات الأحياء العالمية المجاورة تهامسوا".. ولأن " شباب العالم الحُر فهموا".. ولأن " أجهزة مخابراتك اختُرقت".. " كان لازم ياسيدة الشرف تتفضحي"! وآن انهيار سمعتك و"برستيجك" ياسيدتي كان غير متوقع.. ولأنه قد حدث كزلزال مُدمّر انطلق من قاعدة منصة الأهرامات المصرية.. وبهدير صوت مُزلزل عبر حنجرة أبو الهول والشعب المصري العريق.. ومن زخم الطلقات التحذيرية السلمّية لجيش مصر الذي لايعرف الهزيمة! فقد طاش صوابك.. وصواب صاحب مُلكك "أوباما" والذي قرر أن يستمر معك في نفس الطريق المُظلم الذي سار عليه معك رفيقك القديم "بوش"، نعم.. سارا في ذات الطريق الذي اختارا فيه تدمير كل شاهد علي سلوكك المُشين، وكأن كل من يعيشون حولهم علي كوكب الأرض سيظلون معصوبي الأعين.. صُم بُكم عُمي لايفقهون! سيدتي اللافاضلة.. لقد سكتت عنك شعوب الأرض وأنت تعيثين وتدوسين بفوضي لا خلاقّة ولاأخلاقية علي جثث شعوب العالم.. وأنت تمزقين بخنجرك الملوث أجساد مواطني العالم، وتخضبين بدماء الأبرياء الخريطة السابقة الآمنة لحدود دول العالم.. وترسمين بنصلك المسنون، وبنصوصك الدموية حدودا جديدة لخريطة العالم، تزيلين من عليها البشر السالمين بوحشية من بلادهم.. وتشردين آلاف الرجال والنساء والشيوخ والأطفال من ديارهم.. وتُزهقين ملايين الأرواح بطائراتك الخالية من طياريها.. بدعوي أن الفوضي من حقك وحدك.. وأن إبادة الشعوب من حقك وحدك.. وأن إعادة إنتاج خرائط وسكان وأرزاق العالم من حقك وحدك..كما أن العربدة في طرقات العالم من حقك وحدك! ثم إنك تفعلين سلوك اغتصابك لحق البشرية بدم بارد.. ثم تغسلين يديك بماء طاهر.. وتتجملين وترتدين ثوب الحرية والطهارة أمام منظمات العالم وتخرجين لتعايري العالم بمعوناتك ومالك.. ثم تتساءلين ببلاهة لماذا تكرهك كُل شعوب العالم؟ سيدتي.. لم يكن تعبير انهيار برستيجك إبداعا جئتُ به من محض خيالي.. بل قرأته مُسجلا بيد إعلاميين من بيت أهلك ممن يقيمون بوضوح وصراحة تصرفاتك ويتبرأون من سلوكك.. فهكذا كتبت صحيفة الواشنطن بوست:" أن الحلفاء المدنيين للقوات المسلحة لم يعد لديهم ميل للانصياع لرغبات واشنطن، وأن مصر تتجاهل واشنطن بعد عثرات السياسة الأمريكية الخارجية.. وشباب مصر يرفضون لقاء ممثلك لانحيازك لرفيقك الصهيوني.. وهكذا ضاعت هيبتك.. وإن كنت سيدتي تريدين استرداد هيبتك.. فالتزمي أولا بسلوك مُشرّف في السر والتزام واضح في العلن.. ولاتهددي شعبنا مرة أخري بقطع المعونة.. وحرماننا من المصروف "كان زمان".. لم تعودي سيدة العالم.. ومصر عادت تعرف جيدا كيف تحدد ببوصلتها الوطنية وجهتها واتجاهاتها! لقاء السحاب في التحرير الإثنين: نقطة ضوء انبعثت فجأة في سماء ميدان التحرير.. وبالتحديد في موعد غروب 26 يوليو، ومع انطلاق مدفع الإفطار المشهود..وارتفاع صوت أذان المغرب، ودقات أجراس كنائس مصر.. التقطت أُذنايّ نقاشا حاميا دار بين أرواح شعراء مصر الراحلين من عشاق تراب مصر، ممن أبكاهم المشهد المصري.. وبعد قراءتهم لأحدث الأشعار النابضة من أرض مصر علي لسان شاعرنا مصريّ الروح والقلب والكلمة الخال"عبد الرحمن الأبنودي" فراحوابقلق يقرأون مربعته عن أحوال مصر، ويحللون الموقف علي أرضها..ويتجادلون حول حقيقة الأمر محاولين استبصار الحقائق.. واستقدام لحظة الانفراجة.. كانت مربعات الخال الأبنودي والتي تنزف دما وتصّعد كلماتها الباكية إلي سمائهم تحمل لهم معاني حزينة فقد قال الأبنودي: صَدّقني.. صعبان عليا رغم إجرامك غَسَلوا دماغَك وسَرَقوا أحلي أيامك أكياس فلوسْهُم بِتِفْتِنْ عَ الِّلي في قلوبهم مال مِنْدفِع لاجل يِقْتل مصر قدامك!! بهدوء مشوب بالحزن علي حال مصر..قالت روح الشاعر صلاح عبدالصبور: هذا زمن الحق الضائع لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتي قتله ورؤوس الناس علي جثث الحيوانات ورؤوس الحيوانات علي جثث الناس فتحسس رأسك فتحسس رأسك اندفعت روح أمل دنقل الثائرة دوما فقالت بانفعال: لا تصالح ..ولو منحوك الذهب أتري حين أفقأ عينيك ثم أُثبّت جوهرتين مكانهما.. هل تري..؟ هي أشياءُ لا تُشتري.. حاولت روح الشاعر حافظ ابراهيم الرقيقة أن تحلل المشهد فقالت: كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي في حُبِّ مِصرَ كَثيرَة العُشّاقِ إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ لَهفي عَلَيكِ مَتي أَراكِ طَليقَةً يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعب راقي التفتت روح مبدعنا الراحل صلاح جاهين إليهم في تأمُل ونطقت أخيرا قائلة: نوح راح لحاله والطوفان استمر مركبنا تايهه لسه مش لاقيه بر آه م الطوفان وآهين يا بر الأمان إزاي تبان والدنيا غرقانه شر عجبي !! رفضت روح شاعرنا الراحل الكبير أحمد شوقي حالة الأسي التي شابت الجمع.. وحرضتهم علي الشجاعة قائلة: نجيّ أبي الهول: آن الآوان ودان الزمانُ، ولان القدر خبأتُ لقومك مايستقون ولايخبأ العذب مثل الحجر فعندي الملوكُ بأعيانها وعند التوابيت منها الأثر محا ظُلمة اليأس صُبح الرجا أبا الهول، ماذا وراء البقا من بعيد أطلت علي زُمرة شعراء مصر الراحلين روح الشاعر السوري العظيم نزار قباني محذرة من مؤمرات تُحاك فقالت: أبحرت من شرق أوروبا مع الصباح... سفينة تلعنها الرياح وجهتها الجنوب تغص بالجرذان، والطاعون، واليهود كانوا خليطاً من سُقاطة الشعوب من أرض بولندا، من النمسا.. من اسطنبول من براغ.. من آخر الأرض، من السعير جاؤوا إلي موطننا الصغير موطننا المسالم الصغير فلطخوا ترابنا وأعدموا نساءنا ويتموا أطفالنا ولا تزال الأممالمتحدة ولم يزل ميثاقها الخطير يبحث في حرية الشعوب وحق تقرير المصير والمثل المجردة سرت همهمات القلق بين الأرواح المضيئة بحب مصر.. احتاروا في توصيف الخطر.. كانوا في حيرة وأمل رجاء من إشراقة فجر الأمل في مصر.. وكأن الخال الجميل الأبنودي استشعر غُربة واستغراب الأرواح الحبيبة.. فقرر أن يُرسل لهم رسالات الأمل تنبعث من انبثاق شعاع فجر مصر.. انطلقت كلمات الخال عبر شعاعات النور.. محلقة في آفاق الحُرية مغردة: طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل اقتلني قتلي ما هيعيد دولتك تاني بكتب بدمي حياة تانية لأوطاني علي ضفاف السطور.. يامصر اغفري .. وسامحي.. وتجاوزي.. وتسامي.. فصغارك سيتعلمون.. وكبارك سينضجون.. ومن عاقوك سيندمون.. ويعودون لأحضانك راكعون.. مستغفرون.. عاشقون..