عشت يوماً من أيام الفرح يوم الجمعة الماضي. تفتحت حواس الرصد والتأمل داخلي وأنا أشاهد شبابا مصريا حقيقيا يجمعه هدف واحد هو النهوض بمصر، لكل منهم مجال وداخل كل شاب أو شابة فكرة يؤمن بها ويتحمس ويكافح من أجل تحقيقها. رأيت قيادات حقيقية من شباب يحلمون بالتغيير ولا يكتفون بالحلم وإنما يرسمون خطواتهم بكل ذكاء وإرادة لتصبح الأحلام حقائق ملموسة علي أرض الواقع. »100 تنمية « هذا هو اسم الملتقي الذي جمع أكثر من 100 جمعية أهلية ومبادرة شبابية تعمل جميعاً بالمجتمع المدني ،كان ذلك في دار الأوبرا المصرية بساحة المسرح المكشوف، وهناك توقفت أمام عشرات الأفكار والمشروعات الرائدة في مجالات عديدة وقضايا حيوية لم تهتم بها الحكومة المصرية ولم تقتحمها بحلول جذرية لكن فعلها هؤلاء البشر الذين يفكرون في مصر وشعبها وأبنائها. من الأفكار الرائعة التي تعرفت عليها فكرة مشروع بعنوان "بلدنا أولي بولادنا" وهو مشروع تبنته جمعية الشباب للسكان والتنمية وأقنعت به هيئة إنقاذ الطفولة والاتحاد الأوروبي ليدخلوا معها في شراكة لمدة 3 سنوات هي فترة تنفيذ المشروع ،وفي مقدمة عرضهم للفكرة العظيمة من وجهة نظري قالوا إن التقارير الدولية أعلنت أن 25٪ من الأطفال الذين يصلون إيطاليا بدون عائل وأعمارهم من 13 إلي 17 سنة هم أطفال مصريون وذكروا أن شبكة الهجرة الأوروبية قد سجلت عام 2008 وصول 1068 طفلا مصريا بدون عائل. هؤلاء الشباب تصدوا لقضية الهجرة غير الشرعية لأطفال وشباب مصر وهي قضية كان يجب أن تتصدي لها الحكومة وأن تضع الحلول والبدائل أمام الهاربين من جحيم الفقر والعوز والبطالة لكنها وبكل أسف لم تفعل وفعلها شباب جمعية الشباب للسكان والتنمية، هدف مشروعهم هو تقليل عدد الشباب المصريين الذين يتعرضون لخطر الاستغلال والموت نتيجة لهجرتهم غير الشرعية إلي جنوب أوروبا، ورفع وعي المجتمع بأخطار الهجرة غير الشرعية مع العمل علي محاولة إيجاد حلول بديلة وقرروا أن يبدأوا مشروعهم في 4 محافظات هي الإسكندرية، البحيرة، الغربية، وأسيوط. هذه واحدة من أفكار الجمعيات الرائعة التي التقيت بها في هذا الملتقي الذي غابت عنه عدسات برامج التوك شو ونجوم الإعلام الذين من المفترض أنهم يبحثون عن أفكار بناءة تبني مصر. فكرة أخري أسعدتني عنوانها مبادرة "طاقات" وهي أول مبادرة شبابية متخصصة تهتم بالتعليم الثانوي الصناعي في مصر والفكرة انطلقت من إحساس القائمين عليها واكتشافهم انخفاض مستوي التعليم والفكر والثقافة والمهارات الشخصية لدي معظم طلاب وخريجي التعليم الثانوي الصناعي في مصر، وكذلك شكوي المصانع من ندرة العمالة المصرية المدربة، ولحل هذه المشكلة تبنت "طاقات" فكرة تكوين جيل من العمال المصريين المدربين والقادرين فكرياً وشخصياً ومهنياً علي النهوض بالصناعة المصرية. هاتان فكرتان اثنتان فقط من 100 فكرة رائدة امتلأ بها الملتقي. تمنيت أن يكون الإعلام هناك ليرصد حركة المجتمع الحقيقية بعيداً عن العبث السياسي الذي نسبح فيه الآن في فراغ هائل.