فى العشرين من فبراير عام 1938، ولد الكابتن محمود الجوهرى فى حى حلوان بالقاهرة.. وفى الثالث من سبتمبر عام 2012، رحل الجوهرى الملقب ب الجنرال" عن عالمنا بعد صراع طويل مع المرض.. وما بين المولد والرحيل سنوات عديدة من الإنجازات فى عالم الساحرة المستديرة. "جوهرى.. جوهرى".. هكذا كان محمود الجوهرى، أكثر المدربين الذين تغنت بهم الجماهير وهتفت لهم فى المدرجات.. عام مضى على رحيل، صاحب إنجاز الصعود إلى بطولة كأس العالم 1990 بإيطاليا، وصانع أبرز نجوم الكرة المصرية، وعلى رأسهم حسام وإبراهيم حسن، والموهوب حازم إمام والذى قال عقب وفاة الجوهرى: "هو اللى عملنا بنى آدمين". ووسط الأحداث السياسية تاهت ذكرى الجنرال، ولم يفكر أى مسئول فى احياء ذكرى أحد أشهر المدربين فى تاريخ كرة القدم المصرية على الإطلاق، على الرغم من أنه ترك لهم ذكرى ستظل محفورة فى قلوب الملايين وهى الوصول لكأس العالم.. وإذا كان الموت يأتى فجأة قضاء وقدر من عند الله، ليجد المسئولين المبررات التى منعتهم من تكريم الجوهرى عند وفاته، إلا أن الذكرى السنوية لم تكن مفاجأة بالنسبة لأحد، فتاريخ وفاة الجنرال محفور فى الذاكرة. مرت ذكرى رحيل الجوهرى فى مصر مرور الكرام، لكنها لم تمر كذلك على الأمير على بن الحسين رئيس الاتحاد الأردنى لكرة القدم، فقد عاش الجوهرى فى الأردن وطنه الثانى وحقق الإنجازات للكرة الأردنية، وترك لهم طريقا يسيرون عليه نحو الإنجاز، فكان له التكريم عند وفاته، بالجنازة العسكرية المهيبة التى أقيمت له فى الأراضى الأردنية التى لقى فيها ربه، والطائرة العسكرية التى نقلت الجثمان إلى القاهرة. صان الأمير على الجميل وتحدث عن الجوهرى فى ذكراه كما لم يتحدث أحد عنه من قبل، ولما لا، وهو يتحدث عن محمود الجوهرى صاحب الأيادى البيضاء على الكرة الأردنية سواء مدربا للمنتخب الأول، أومديرا فنيا ومخططا لمستقبل اللعبة فى الأردن وبخاصة للأجيال الجديدة. لم ينقطع حديث الأمير على عن الجوهرى بعد رحيله، وظل يذكر إنجازاته فى أى مناسبة رياضية.. وفى ذكرى رحيله، وصفه بكلمات هى الأجمل، حيث قال عنه: "ما تزال تعيش معنا فى كل لحظة وكل مناسبة.. روحك الطاهرة حاضرة بيننا.. أوقدت شعلة العطاء في ملاعبنا.. استلهمنا منك روح التحدى.. بقيت حاضرا فينا.. نستذكرك بكل مرحلة وكل إنجاز ونعيش فكرك الثاقب.. ذكراك ستبقى خالدة فى قلوب كل الأردنيين.. وستبقى الغائب الحاضر دائما وأبداً". وصدقت المقولة الشهيرة: "لاكرامة لنبى فى وطنه".. فقد مر يوم الأربعاء الماضى فى مصر مرور الكرام، ولم يفكر مسئولى كرة القدم المصرية فى أحياء ذكرى من ترك لهم الإنجازات، ليكتفوا بالتباهى بها داخل دولاب اتحاد الكرة. عاد الجوهرى من الأردن عام 2009 بعد مسيرة لاتنسى فى عالم الساحرة المستديرة، مديرا فنيا لمنتخب النشامى، ثم مديرا فنيا ومخططا لكرة القدم فى الاتحاد الأردنى، ليعينه مسئولى الجبلاية مستشارا فنيا لاتحاد الكرة، إلا أنه الأزمات ظلت تلاحقه بسبب محاولة البعض التدخل فى عمله، ففضل العودة إلى الأردن بعد أن تم الفصل بين كونه مستشارا فنيا للاتحاد وبين المنتخب الوطنى. كان الجوهرى لاعبا موهوبا ترك المستطيل الأخضر فى سن مبكرا بسبب الإصابة، لكنه صار مديرا فنيا صاحب أسلوب راق، وعلى الرغم من صرامته وجديته فى التعامل، إلا أن كل اللاعبين الذين تدربوا على يديه، يعتبرونه والدا لهم، حيث كان يسعى لحل الأزمات التى تواجه اللاعبين سواء كانت شخصية أو داخل المستطيل الأخضر. من منا ينسى الجنرال واقفا بجوار دكة البدلاء ، ماسكا قائمها بيده اليمنى، وفى اليسرى يمسك بالسيجارة وهو فى قمة الشد العصبى، حاملا على عاتقه تحقيق نتيجة إيجابية، وواضعا نصب عينيه اسم مصر. لم ينسى أحد موقف الجوهرى فى بطولة كأس الأمم الأفريقية 1998، عندما انهالت عليه الانتقادات بسبب ضمه حسام حسن لكبر سنه، حيث كان قد تخطى الثلاثين عاما آنذاك، إلا أنه أصر على اصطحاب اللاعب الذى وصفه بروح الفريق، ليعود حسام حسن حاملا فى يديه كأس هداف البطولة، وكأس البطولة نفسها. الجوهرى قصة نجاح طويلة مع منتخب مصر بدأت بعد عامين فقط من توليه المهمة فى سبتمبر 1988، حيث قاد الفراعنة للوصول إلى نهائيات كأس العالم 1990، للمرة الثانية بعد غياب استمر 56 عاما كاملة منذ مونديال 1934، وبعدها لم يتمكن الفراعنة من الوصول إلى النهائيات حتى الآن. إنجازات الجوهرى كانت قد بدأت مع النادى الأهلي، خلال الفترة من 1982 إلى 1984، حيث قاده للفوز ببطولة إفريقيا للأندية أبطال الدورى عام 1982، وذلك بعد تغلبه على كوتوكو الغاني، إلى جانب بطولة الدورى المصري، وبطولتين لكأس مصر. فقيدنا المرحوم الكابتن محمود الجوهري، لقد تابعتك على امتداد سنوات عمرى مدربا عظيما ولاعبا وهدافا ورياضيا متسلحا بالعزيمة والإصرارعلى متابعة العمل، وكنتُ على الدوام من أشد المعجبين بشخصيتك ومبادئك ورباطة جأشك وهى صفات نادرة.. تلك أيضا كانت كلمات الأمير على للجوهرى فى ذكراه.