السطور القادمة لأجل إثبات واقعة كروية متكررة إلي أن نتكلم عن الأسباب والحلول المقترحة للعلاج... عن الواقعة أقول إن خروج الأهلي من بطولة أفريقيا لا هو تشكيل خاطئ لمدرب أو قرار غير صحيح لحكم أو يوم سيئ لفريق إنما هو تعبير دقيق عن أحوال الكرة المصرية وحال اللاعب المصري!. لاعب الكرة في مصر معلوماته محدودة عن واجباته الأساسية في الملعب وهذه خطيئة نظام فاشل متعاقب يدير الكرة المصرية منذ نشأة مسابقة الدوري قبل63 سنة... في منهج كرة القدم تعريف بسيط لكنه شامل جامع يقول: تبدأ مهمة اللاعب عندما يمرر الكرة إلي زميل وتنتهي مهمته عندما يتسلم الكرة... معني الكلام أن مهمة اللاعب التي توضح فروقه الفردية وذكاءه الخططي ورؤيته للملعب.. هذه المهمة تبدأ بعد تمريره الكرة إلي زميل.. إلي أين يتحرك في عمق اللاعبين المنافسين؟. هل يعطي لنفسه واجبا مباشرا بأن يخلق لزميله الذي معه الكرة مساحة تمرير وفرصة للتمرير أي يتحرك إيجابيا للأمام وسط المنافسين وتحركه يربك ويشتت رقابة المنافسين وأيضا يخلق مساحة خالية لتمكين زميله من التمرير له أو أنه يتحرك لمكان مجبرا المنافس علي مراقبته لتخلو أمام أي من زملائه فرصة التقدم في مكان المنافس الذي خلا وهنا تكون التحركات غير مباشرة أي أنه يجري لأماكن ليس لاستقبال الكرة فيها إنما لتشتيت المنافس وإجباره علي مراقبته وخلق ثغرة أو موقف جديد في الدفاعات يمكن التقدم له لمن معه الكرة أو التمرير فيه لزميل... إذن لا كرة قدم حقيقية أو تطبيق صحيحا لأي خطط كروية في غياب تحركات اللاعبين بدون كرة وهذه التحركات هي كرة القدم لأن الكرة وقت أن تكون مع لاعب هناك9 لاعبين بخلاف الحارس كل واحد منهم مفروض أن يكون له دور والمكان الذي سيذهب إليه هو الذي يحدد هذا الدور والإشكالية الأهم هنا أن الجزء القليل من هذه التحركات مرتبط بخطة اللعب والجزء الأكبر متوقف علي اللحظة ومكان الكرة وأماكن المنافسين والفيصل هنا ذكاء اللاعب وقدرته علي استرجاع خبرات التدريب في جزء من الثانية واتخاذ قراره بالمكان الذي سيجري إليه سواء لخلق مساحة تمرير أمام زميله المستحوذ علي الكرة أو لسحب لاعب منافس لمراقبته وجذب انتباهه إليه بما يسهل مأمورية الاختراق من هذه الجهة... طيب ما هو موقف الكرة المصرية من حدوتة التحركات بدون كرة وأن تقييم اللاعب فنيا يتم عليها باعتبار أن واجباته والكرة معه هي صلب عمله ولابد أن يجيد المراوغة وإن راوغ منافسا فهذه مهمته ولا تتطلب شكرا أو مدحا من المعلقين وإن مرر الكرة صحيحة إلي زميل فاللاعب لابد أن يجيد التمرير الصحيح والاستقبال الصحيح ولعب الكرة بالرأس والتسديد والجري بالكرة وأي لاعب لا يمتلك كل مهارات الكرة.. الأفضل أن يبحث له عن نشاط آخر!. الكرة المصرية لا تعرف الكثير عن التحركات بدون كرة والكرة المصرية تقييمها كله للاعب علي ما يقوم به والكرة معه.. إن راوغ دون أن تنقطع الكرة شكرناه وإن خرجت تمريرة سليمة لزميل شهقنا إعجابا وإن نجح في استقبال تمريرة دون أن تبتعد عنه مترين قلنا فيه شعرا أما وإن سدد لاعب طوال ال90 دقيقة علي المرمي وجاءت الكرة تحت العارضة وبين القائمين سجدنا لله شكرا... الكرة المصرية علي مدي تاريخها لم يأت عليها إلا عدد قليل من اللاعبين الذين يمتلكون كل مهارات الكرة.. أي يجيد المراوغة ويجيد الجري بالكرة ويجيد التمرير ويجيد الاستقبال ويجيد التسديد من الثبات ومن الحركة ويجيد اللعب بالرأس ومع المهارات يمتلك عناصر اللياقة البدنية!. قليلون جدا منذ دخلت الكرة مصر وحتي اليوم من اقتربوا من ذلك والغالبية كل لاعب منها يملك مهارتين أو ثلاثا يعيش بهما وعليهما وليس هذا خطأ اللاعب الذي ربما يكون موهوبا لكن موهبته انحصرت في المراوغة والجري بالكرة والتمرير لكنه لا يجيد التسديد ولا اللعب بالرأس ولا يملك اللياقة.. ليس ذنبه ذلك لأن تلك جريمة التدريب في مراحل الناشئين وجريمة عدم الاهتمام بالناشئين وجريمة إصرارنا علي أن يكون عندنا قمة دون وجود قاعدة.. نريد لاعبين كبارا في الدرجة الأولي ولا نريد معرفة أن اللاعب الكبير كان يوما ناشئا صغيرا وأن مستواه كبيرا متوقف تماما علي ما حصل عليه صغيرا وأن الصغار عندنا في الكرة والرياضة وغير الرياضة يحصلون إن حصلوا علي الفتات!. فتات الاهتمام وفتات الإعداد وفتات السلوكيات وفتات اللياقة والأمور تسير والنشء يكبر ومنهم من يصل إلي الدرجة الأولي وأصبح نجما كبيرا لكنه في واقع الأمر قائم علي فتات... السطور السابقة محاولة لتوضيح معالم الصورة وأعود إلي مباراة الأهلي والترجي وهي تكرار نراه من سنين طويلة فيه اللاعب المصري عاجز أمام أي فريق يلعب مدافعا والترجي لدغ الأهلي بهدف مبكر ولعب مدافعا قرابة ال70 دقيقة وتعادل الأهلي من كرة ثابتة وعجز عن اختراق الدفاعات ليست لأنها قوية إنما لأنه ليس لدي اللاعب المصري أدني فكرة عن التحركات المباشرة وغير المباشرة بدون كرة... القضية لا هي خطة ولا هي تشكيل ولا هي حكم.. إنما القضية أن لاعبينا ليس عندهم ما يسترجعونه أمام الموقف الدفاعي وبمعني أوضح الأغلبية الكاسحة من لاعبينا تعتقد أن مهمتها تنتهي بعد تمرير الكرة لذلك يمرر ويقف لأن لياقته عدمانة ولا يريد أن ينفضح.. وربما يتذكر تعليمات مدرب فيتحرك لكن بعد فوات الأوان أو تحرك بلا هدف وبلا رؤية وبلا فكر.. تحرك لأجل إثبات أنه تحرك لكن هل في تحركه خلق مساحة أو شغل منافسا.. لا!. التحركات بدون كرة واجب أساسي في كرة القدم وليست اجتهادا أو مجرد حماسة إنما هي الجزء الأهم في كرة القدم!. الأهلي امتلك الكرة كثيرا وتناقلها بالعرض كثيرا في منطقة لا تشكل خطرا علي المنافس لأنها في منتصف الملعب أو قبل المنتصف.. لم تشكل خطرا لأن الكرة يتناقلها خماسي أو رباعي الظهر في الوقت الذي فيه الخمسة أو الستة لاعبين الموجودين في الأمام إما أنهم واقفون ينتظرون تمريرة وهي لن تصل أبدا طالما هم واقفون ولا يتحركون وبالتالي تحت الرقابة وإما أنهم يتحركون إلي أماكن ساذجة لا تخلق مساحة ولا تشغل منافسا!. الذي أعرفه والذي نراه في الكرة المتقدمة أن المهاجمين يتحركون في كل الاتجاهات في كل اللحظات وجزء من التحرك في إطار الخطة والجزء الأكبر نتيجة الموقف الموجود في الملعب والأمر متوقف علي ذكاء اللاعب الفطري وذكائه الخططي ورؤيته للموقف وتصرفه علي أساسه... عماد متعب وجدو هما آخر خطوط الأهلي الهجومية وعليهما التحرك وفقا لتحركات الدفاع الذي يراقبهما.. يتحركان بمجرد أن تكون الكرة في أقدام الأهلي والتحرك هنا هدفه خلق مساحات تمرير لهما أو خلق مساحات في العمق يتقدم منها القادمون من الخلف.. لكن القادمين لا يأتون لأن لياقتهم الذهنية قبل البدنية لا تسمح... وسط الأهلي.. أبوتريكة وشوقي وعاشور كم عدد المرات التي تحركوا فيها بدون كرة في عمق الدفاع المتكتل أو علي الأجناب لخلق مساحات خالية ولإرباك وشغل الدفاع وإجباره علي الوقوع في الخطأ.. والخطأ إما انشغاله عن الرقابة في المنطقة الخطرة أو اضطراره لعرقلة المنافس بعد أن تخطاه واحتساب ضربات حرة عليه... الذي حدث غياب التحركات الإيجابية بدون كرة واضطرار من معه الكرة إلي التمرير للخلف والتمرير بالعرض أو اللجوء للتمريرات الطويلة لهجومه المراقب لأنه لا يتحرك وأغلبها راحت للدفاع والتي وصلت للمهاجمين لم يستفد منها لأن منظومة التحرك بدون كرة لدي الوسط هي الأخري غير موجودة والمحصلة هجوم بلا عقل وبلا رؤية وبلا خطورة والدليل أن هدف التعادل للأهلي جاء من ضربة ثابتة خطفها أبوتريكة بمهارة وذكاء وتحرك مناسب في لحظة مناسبة أفلت فيها من رقابة منافسه فلعب الكرة دون مشاركة فاعلة من الدفاع وسجل هدفا رائعا رغم وجود8 لاعبين من الترجي في منطقة الجزاء.. سجل لأنه تحرك والكرة في الهواء ولو بقي مكانه ما وصلت الكرة إليه!. خلاصة القول.. كرة القدم مهارات فنية لابد من وجودها لدي كل لاعب وقيامه بها مسألة مفروغ منها ومن لا يملكها لا يلعب كرة قدم تنافسية من الأصل.. أما السمات المميزة للاعب عن آخر والتي تميز فريقا عن فريق فهي قدرة اللاعب وموهبته في التحرك بدون كرة باعتبار هذا التحرك هو الفيصل في الأداء وهو الأداة لترجمة السيطرة لأهداف وقبل هذا وذاك هو الواجب المنوط به اللاعب في أي مباراة لأنه أساس مهمة أي لاعب كرة قدم!. هل بلغت اللهم فاشهد!.