لم يكن يوم 29 نوفمبر 1997 يوماً عادياً في حياة أحد الأطفال الإيرانيين الذي كان يبلغ العاشرة من عمره. فعندما أشارت عقارب الساعة إلى الثانية عشر و45 دقيقة ظهرا، تسّمر علي رضا حقيقي أمام شاشة التلفاز حاله كحال جميع الإيرانيين مترقباً انطلاقة مباراة الإياب التي جمعت أستراليا مع إيران ضمن تصفيات الملحق القاري المؤهل إلى كأس العالم فرنسا 1998. ومع نهاية المباراة، خرج حقيقي كغيره من الإيرانيين للإحتفال بتأهل منتخب إيران إلى كأس العالم فرنسا 1998 بعد غياب دام 20 عاماً عن العرس العالمي ليشكّل التأهل التاريخي نقطة تحوّل كبيرة في حياة الطفل الذي كبر ليصبح فيما بعد أحد نجوم الكرة الإيرانية. فبعد أن بدأ مسيرته مع عملاق طهران بيرسيبوليس، واصل حقيقي صعوده الصاروخي ليشارك للمرة الأولى كأساسي مع الفريق الأول عندما كان في السادسة عشرة من عمره قبل أن يواصل مسيرته الكروية ويتوّجها بالإنتقال العام الماضي إلى نادي روبين كازان الروسي. وقد تحدث الحارس ذو الرابعة والعشرين من العمر في مقابلة مع موقع "فيفا" الرسمي، عن مسيرته الكروية حتى الآن قائلاً "لقد كنت مسروراً بأن أبدأ مشواري الكروي مع أحد أهم الأندية الإيرانية والذي يملك قاعدة جماهيرية كبيرة. كما أن انتقالي إلى روبين كازان أحد أفضل الأندية في روسيا يعد إضافة كبيرة بالنسبة لي." الفرصة المناسبة: لم يكن حقيقي، الذي تابع الأسطورة علي دائي ورفاقه يحققون الفوز الأول لإيران بكأس العالم في فرنسا 1998، ليعتقد بأنه سيقف يوماً ما بمواجهة النجم دائي ويحرمه من التسجيل وتحديداً بمباراته الأولى مع بيرسيبوليس في 17 أكتوبر 2006 عندما أنقذ مرماه من ركلة جزاء نفذها دائي نفسه الذي كان يلعب بذلك الوقت مع نادي سايبا. وعاد حقيقي بالزمن إلى تلك المباراة التي شارك فيها كبديل بعد طرد الحارس الأساسي فرشاد كريمي قائلاً "لقد كنت بالسادسة عشر فقط من عمري بتلك المباراة وكان فخر بالنسبة لي أن ألعب مباراتي الأولى مع بيرسوبوليس. بالإضافة إلى كل هذا، كان حافزاً ودافعاً بالنسبة لي أن أصد ركلة جزاء لأسطورة مثل علي دائي وقد أعطاني هذا الأمر دافعاً كبيراً لأتطور وأن أجعل مسيرتي الكروية إيجابية." واصل حقيقي استغلال الفرص ولعل أهمها في موسم 2008-2009 عندما أصيب كل من مسياج ميمارزاده ومهدي فائزي ليفتح ذلك الباب أمام الحارس الواعد ليصبح الحارس الأول قبل أن يكمل المشوار ليرتدي شارة القيادة لبيرسيبوليس بعد موسمين وليصبح أصغر قائد بتاريخ عملاق العاصمة الإيرانية. وتحدث حقيقي عن تلك الفرصة قائلاً "في نهاية الأمر التفاصيل الصغيرة تلعب دوراً مهماً في كرة القدم. إذا ما نظرنا إلى منتخب ألمانيا، فإن مانويل نوير حصل على فرصة في جنوب أفريقيا 2010 بعد إصابة الحارس رينيه أدلر وحتى الآن هو الحارس الأساسي لمنتخب ألمانيا. في كرة القدم الأمور الصغيرة تلعب دوراً مهماً وشخصياً أنظر إلى ذلك كأنه قدري ومشيئة الله." وأضاف: "لقد كان فخراً كبيراً بالنسبة لي أكون أصغر قائد مع بيرسيبوليس على الرغم من وجود العديد من الأسماء الكبيرة وقد كان هذا الأمر حافزاً كبيراً بالنسبة لي ومشواري الكروي." على خطى عبد زاده: أصبح حقيقي أول حارس مرمى ينتقل من الدوري الإيراني إلى دولة أوروبية عندما وقّع على عقد لأربع سنوات مع نادي روبين كازان الروسي في 14 يناير 2012. وعلى الرغم من أنه لم يشارك حتى الآن بأي مباراة رسمية مع بطل الدوري الروسي مرتين سابقاً، إلا أن هذا الأمر لا يقلق الحارس الذي يبلغ طوله 1.95 متراً. وقال حقيقي "لقد كان هدفي أن ألعب مع نادي كبير في أوروبا وكنت سعيداً بالنظر إلى عمري الصغير بأنني انتقلت إلى نادي جيد في أوروبا. لقد أمضيت فترة جيدة مع الفريق وبالنظر إلى أنني انتقلت من آسيا إلى أوروبا، فإنني تطورت بشكل كبير بفضل التدريب الصعب والجاد. ما أحتاجه إلى القليل من الوقت وأنا متأكد بأنه مع حصولي على الوقت بأنني سأنجح وألعب بكل تأكيد مع روبين كازان." وأضاف الحارس الذي يعتبر إيكر كاسياس قدوته العالمية "روسيا هي مصدر أفضل حراس المرمى في العالم. أتمنى أن أكون جيداً ومسئولاً وممثل جيد لبلدي وأن أفتح أبواباً لحراس مرمى آخرين من أجل الإتتقال والإحتراف في أوروبا." ويدين حقيقي بالفضل إلى نجم المنتخب الإيراني وقائده في فرنسا 1998 أحمد رضا عبد زاده حيث كان الحارس الأسطوري الذي حمل لقب "نسر آسيا" مدرباً لحقيقي في بداية مشواره في بيرسيبوليس ويعتبره الحارس الواعد صاحب الفضل فيما وصل إليه الآن. وامتدح حقيقي نجم المنتخب الإيراني السابق قائلاً "إلى جانب صد ركلة الجزاء لعلي دائي، فإن أحد الأمور التي أفخر بها هي عملي إلى جانب أحمد رضا عبد زاده الذي يعتبر رجل رائع ولا يمكن وصفه. هناك الكثير من الأمور التي أقوم بها في روسيا تعلمتها من عبد زاده الذي يعتبر أحد الأشخاص الذين دفعوني إلى الأمام ليس فقط كمدرب ولكن كأب بالنسبة لي." وسيكون هدف حقيقي المقبل هو "أن أتأهل إلى كأس العالم مع المنتخب وأن نواصل التأهل إلى هذه البطولة التي تعتبر المشاركة فيها طموح أي لاعب،" مضيفاً "المستقبل لا أحد يمكنه التوقع ولكن بالتأكيد أحد أهدافي وأحلامي هو أن أسير على خطى أحمد عبد زاده وأتمنى أن أستطيع أن أحقق هذا الأمر يوماً ما." وإذا ما نجح حقيقي بتحقيق حلمه باللعب في كأس العالم وخلافة النجم الأسطوري، فإنه بالتأكيد سيضع إسمه إلى جانبه كأحد أبرز الأسماء الخالدة بتاريخ الكرة الإيرانية.
