من المؤكد ان احدا لم يكن يتوقع ان يخرج المنتخب الايطالي من "قوقعته" الدفاعية وان يفرض نفسه كاحد اكثر المنتخبات اندفاعا نحو مرمى الخصم خلال نهائيات كأس اوروبا 2012، ما دفع الجميع الى التركيز على ما يقدمه في الخطوط الامامية دون ذكر الاداء الدفاعي. قدم المنتخب الايطالي خلال نهائيات بولندا واوكرانيا مع مدربه الجديد تشيزاري برانديلي الذي خلف مارتشيلو ليبي بعد اخفاق مونديال جنوب افريقيا 2010، صورة مختلفة عن تلك التي عرف بها تاريخيا اذ كان المنتخب الاكثر هيمنة وفرصا في جميع المباريات الاربع التي خاضها حتى الان، بينها امام اسبانيا بطلة العالم وحاملة اللقب (1-1 في الدور الاول) وانكلترا (فاز بركلات الترجيح في ربع النهائي). ما قدمه "الازوري" في البطولة القارية كان ملفتا من حيث التنوع والعمق في كافة المراكز، وابرز دليل على ذلك ان برانديلي اشرك جميع اللاعبين الذي سافر بهم الى النهائيات باستثناء اثنين هما فابيو بوريني وانجيلو اوغبونا. واثبت معظم اللاعبين ان برانديلي كان محقا بضمهم الى التشكيلة، فايمانويلي جاكيريني وكريستيان ماجيو لعبا دورا هاما في المباراتين الاوليين امام اسبانيا وكرواتيا، لكنهما اصبحا خارج التشكيلة بسبب التعديل الذي ادخله المدرب على اسلوب اللعب في الخط الخلفي اذ اشرك في المباراتين امام ايرلندا وانكلترا اربعة مدافعين، بعد ان خاض المباراتين الاوليين بثلاثية مدافعين مع مساندة من ظهيرين متقدمين لعبا ايضا دور الجناحين. كما لعب لاعبون من امثال انطونيو نوتشيرينو وريكاردو مونتوليفو واليساندرو ديامانتي وانطوني دي ناتالي دورا هاما بدورهم خلال الدقائق التي شاركوا بها، وهذا الامر يعني انه في حال لم يتعاف دانييلي دي روسي في الوقت المناسب من الاصابة التي يعاني منها، او تسبب الارهاق بابقاء انطونيو كاسانو جالسا على مقاعد الاحتياط، فسيكون بامكان برانديلي ان يعول على نوتشيرينو وديامانتي امام الالمان غدا الخميس، بعد المستوى الذي قدماه امام الانكليز حيث كانا قريبين جدا من حسم اللقاء قبل الاحتكام لركلات الترجيح. تعمد برانديلي اختيار لاعبين بامكانهم ان يتناسبوا تماما مع الاساليب المعينة التي اعتزم الاعتماد عليها في النهائيات، وذلك دون النظر الى حجم النجومية التي يتمتعون بها او يتمتع بها لاعبون اخرون تم تجاهلهم. وستشكل موقعة الغد امام الغريم الالماني اختبارا جديا لمدة نجاعة اساليب برانديلي، خصوصا ان "الازوري" يواجه منتخبا سجل 9 اهداف في البطولة حتى الان. لكن على الجميع ان لا ينسى بان الاسلوب الهجومي الملفت لايطاليا في هذه البطولة لا يعني بان مسألة الدفاع اصبحت تحتل المرتبة الثانية من حيث الاهمية بالنسبة لبرانديلي، وابرز دليل على ذلك ان ابطال 1968 يملكون ثاني افضل دفاع في البطولة حتى الان خلف اسبانيا. واذا كانت الاهداف التي سجلتها المانيا في البطولة تشكل ضعف الاهداف التي سجلتها ايطاليا، فان الاهداف التي دخلت شباك ال"مانشافات" تشكل ضعف الاهداف التي هزت شباك الحارس والقائد جانلويجي بوفون. وتلقى مشجعو ايطاليا خبرا جيدا لانه من المرجح ان يشارك جورجيو كييليني في مباراة الغد بعد تعافيه من الاصابة التي تعرض لها امام ايرلندا وابعدته عن مباراة انكلترا، ومن المحتمل ان يلعب في مركز الظهير الايسر فيما سيتولى زميلاه في يوفنتوس ليوناردو بونوتشي واندريا بارزاغلي مهامي قلبي الدفاع. يذكر ان ايطاليا لم تخسر اي مباراة رسمية بقيادة برانديلي (14 مباراة حتى الان)، ولم تتلق شباكها سوى اربعة اهداف في هذه المباريات. والعامل الايجابي الاخر هو انها لم تتلق سوى هدفين في 12 مباراة خاضها برانديلي بخط خلفي من اربعة مدافعين. ما هو مؤكد ان ايطاليا دفنت ما كان يطلق عليه اسلوب ال"كاتيناتشيو" الذي اشتهر لاول مرة مع المدرب الارجنتيني هيلينيو هيريرا مع انتر ميلان خلال الستينات، لان التاريخ اثبت للايطاليين انه لم يعد بالامكان الصمود لتسعين دقيقة امام المد الهجومي للخصوم خصوصا انهم لم يعد هناك مدافعون من طراز جاسينتو فاكيتي وكلاوديو جنتيلي وجوسيبي بيرغومي وفرانكو باريزي وتشيروا فيرارا وباولو مالديني...علما بان ال"كاتيناتشيو" الايطالي لا يعني المدافعين وحسب بل كان للاعبي خط الوسط دورا اساسيا وهاما جدا في تطبيق الاسلوب الايطالي التقليدي الذي اصبح مع برانديلي جزءا من التاريخ.