أعمال الشغب والعنف في الملاعب فرضت نفسها في أبشع صورها على الساحة الرياضية مما افقد الرياضة قيمتها ومتعتها والهدف الأسمى من ممارستها. وبصرف النظر عن ما حدث في مجزرتي استاد بورسعيد واستاد الدفاع الجوى، فان هناك أشياء أخرى كثيرة تحتاج إلى وقفة لتقنينها ومنها التصرفات غير اللائقة وغير المسئولة من بعض الجماهير واللاعبين والحكام والمدربين ووسائل الإعلام وغيرهم. والتى قادت البعض إلى حوادث كثيرة. وكان هناك مشروع قانون سمى "مكافحة شغب الملاعب" تم عداده منذ فترة ليست قصيرة وبالتحديد عقب أحداث مجزرة بورسعيد ولا ندرى أين ذهبت أوراقه و لماذا لم يفعل حتى الان؟؟ هذا المشروع أصبحنا في أمس الحاجة لصدور قانون به في هذا التوقيت بعد أن تكررت حوادث الموت بل وأصبحت الرياضة مهددة بالإيقاف او الانهيار. المشروع الذى تم إعداده منذ ثلاث سنوات من خلال لجنة برئاسة العامرى فاروق وزير الدولة للرياضة في ذلك الوقت وضمت نخبة من كبار المستشارين وأساتذة من الإدارة الرياضية لكلية التربية الرياضية وعدد من القيادات التنفيذية بوزارة الشباب والرياضة نرى أنه من الضروري إلقاء الضوء عليه بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها الملاعب مؤخرا.. ولضمان عدم تكرار مجزرتي التراس "أهلاوى" وألتراس "الوايت نايتس" وغيرهما فى هذا الصدد يؤكد المستشار أسامة قنديل أحد أهم عناصر واضعي هذا المشروع الذى يضم 27 مادة أن الشغب والتعصب في الملاعب لا يقتصر على مصر فقط لكنها ظاهرة عالمية تفاقمت مؤخرا وتعانى منها معظم المجتمعات فى العالم حتى أصبحت الرياضة بمسامة معارك وليست مجرد منافسات شريفة يتم من خلالها التقارب بين الشعوب. لذلك اهتمت الدراسة بعدد من الموضوعات للحد من هذا الشغب منها أولا: معرفة الأسباب التي تؤدى إلى التعصب وكذلك معرفة الشروط الواجب توافرها لتكوين روابط المشجعين من حيث عدد الأعضاء، والاشهار القانونى لهذه الروابط، إضافة لوضع عدد من الضوابط لإجهاض الشغب قبل وقوعه منها على سبيل المثال إصدار حكم من المحكمة المختصة بعد تحقيقات من النيابة العامة لمنع المشاغبين من حضور المباريات قبل إقامتها ب24 ساعة من إقامة اللقاء على الأقل وذلك في حالة وصول معلومات تفيد باعتزام شخص أو أكثر بارتكاب جرائم شغب. حرمان المشاغبين من حضور المباريات ومسئولى الأندية من الترشح لدورة كاملة ولم يقتصر الأمر على ما سبق ولكن للمحكمة الحق في أن تقضى بحرمان من يثبت إدانته من حضور المباريات أو الأحداث الرياضية مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات، نفس الأمر ينطبق على مسئولى الأندية بحرمانهم من الترشح لعضوية مجالس إدارات الأندية لمدة أربع سنوات. وقد تم الرجوع فى وضع مشروع القانون الجديد إلى بعض القوانين التي سبق وأقرتها بعض الدول العربية والأوروبية ومنها القانون المغربي الذى تم أقراره عقب تخريب ملعب مراكش الذى تكلف أكثر من مائة مليون جنيه وقد أقرت المغرب أن يكون عقاب كل من يشارك فى أعمال عنف فى أثناء المباريات أو فى أثناء بثها فى الأماكن العامة بالسجن من سنة إلى خمس سنوات بجانب غرامة مالية تتراوح من مائة إلى ألفى دولار وتتضاعف العقوبة مرتين فى حالة تكرار نفس الشخص لذات العمل. ولم يقتصر الأمر على ما سبق ولكن مشروع القانون يعاقب المشجعين الذين يتراشقون بألفاظ خارجة فى الملاعب أو الذين يرفعون شعارات أو يحملون مجسمات فيها تميز عنصرى. جدير بالذكر أن لائحة الفيفا –التى تضم 17 بندا- تم أقرارها فى يناير 2009 بمسئولية تأمين الملاعب للاتحادات الوطنية وللنادى المضيف وهيئة الاستاد الذى تقام عليه المبارة، مع ألزام الاتحادات الوطنية والقارية بتعين ضابط أمن يكون مسئولا عن مراقبة وتنفيذ لوائح الفيفا للآمن والسلامة فى الملاعب ويكون لدبه الخبرة الكافية فى التعامل مع السلطات ورجال الشرطة وكل الجهات المختصة بتنظيم المبارة ويكون مسئولا أيضا عن رصد سلوك الجماهير وسرعة التعامل معها قبل وأثناء وبعد المباراة. كما تقضى الفقرة الثالثة من لائحة الفيفا والكلام مازال للمستشار أسامة قنديل بأن ضابط الأمن يكون مسئولا عن تقييم المخاطر وتحديد إقامة المباراة أو عدم إقامتها وذلك بالتنسيق مع رجال الأمن ومنظم المباراة والجهات المختصة. وقد حددت المخاطر فى عدد من النقاط يأتى فى مقدمتها حالات التهديدات الإرهابية أو التنافس التاريخى بين الناديين مثل لقاءات الأهلى والزمالك، وكذلك احتقان الجماهير بين الناديين أو نفاد تذاكر المباراة واحتمال دخول الجماهير بدون تذاكر وغيرها كالشحن الإعلامى والسلوك العنصرى بين جماهير الناديين والتعصب الأعمى. وقد حددت عقوبة أى نادى أو هيئة أسند له تنظيم نشاط رياضى وامتنع عن تدبير الآمن لهذا الحدث بالحبس أو الغرامة لا تقل عن عشرة ألاف جنيها وقد تصل العقوبة إلى الإعدام فى حالة تعمد الوفاة على أن تلتزم الدولة بصرف التعويض المناسب لأسر الشهداء وفقا للقواعد والضوابط دون الاخلال بحق الدولة بما صرف. وأخير أرى أنه لو طبق اتحاد كرة القدم لائحة الفيفا والتى تم اقرارها من ست سنوات وطبقته معظم الاتحادات الوطنية ما شهدنا تجاوزات الشغب داخل الملاعب وخارجها ولتجنبت الرياضة المصرية ما شهدته من أحداث مؤسفة ودامية وكان أخرها مجزة استاد الدفاع الجوى.