ما وصلت إليه الأوضاع في مصر مؤسف جدا.10 قتلي وعشرات الجرحي في اشتباكات القاهرة! هذه حصيلة يوم واحد مما يجري من عبث في شارعنا السياسي المحتقن باتجاهات متعارضة ومتظاهرين يضمر كل منهم الشر للآخر. أصبحنا مضغة في أفواه مذيعي شبكات التليفزيون العالمية وتصدرت أحداثنا صفحات الجرائد والمجلات بكل اللغات. وبدلا من أن نحاول التوصل إلي صيغة للتفاهم والحوار, تتزايد محاولات الاستقطاب والحشد. أخشي أن نضيع ونتشرذم وتذهب ريحنا بسبب صراع علي سلطة زائلة. لسنا فريقين ولسنا شيعا متفرقة بل شعب واحد يعيش أزمة تحول إلي الديمقراطية, علينا أن ندرك أن تنوعنا من أسباب قوتنا, فلا يجوز أن نحول هذا التنوع الثقافي إلي سبب للفرقة والانقسام. علينا أن نستوعب دروس الصومال ولبنان والعراق وسوريا وليبيا. علينا أن نفيق الآن قبل أن تفلت من أيدينا الفرصة. أبناؤنا يراقبون الآن ما نفعل ويتعلمون منا أسوأ الدروس. جميل أن تتبني فكرا وأن تتحمس له وتدافع عنه وتميل ناحية اليمين أو اليسار.. اعتقد ما شئت, والأجمل أن يحترم بعضنا بعضا, وأن نتعلم أدب الاختلاف. ليس فيما يجري مغنم لأحد, والخسارة ستلحق الجميع. هل يدرك المؤيدون والمعارضون هذا؟ سفينة الوطن شحطت منذ سنوات, وهي في أمس الحاجة لجهد الجميع لدفعها للإبحار من جديد, والصراع فوق ظهرها يعني أن كل الركاب أغبياء. الخلاف يزداد عمقا يوما بعد يوم, والكراهية تتشكل وتكتسب أبعادا غريبة لم نكن نعرفها من قبل. والغريب أن الأطراف المتصارعة تلقي دائما باللائمة علي الإعلام الفاسد المضلل.. الإعلام مجرد وسيلة لنشر المعلومة, والمهنية تلزم الإعلاميين بمراقبة ما يجري بمهنية من دون الانحياز لطرف علي حساب الآخر, أما الصراع فتؤججه خطابات متطرفة من الجانبين, فهذا إرهابي وهذا كافر.. ياويلنا من حديث التحريض الذي يجري علي لسان أئمة الفتنة ودعاة التصعيد.. الأحكام الصادرة من الجانبين تخصهم وحدهم, والإعلام مجرد ناقل لتحقيق رسالته, وناقل الكفر ليس بكافر. سيكتب التاريخ بمداد من طين تفاصيل موقعة الجمل والحرس الجمهوري والنهضة وقليوب والتحرير.. وكل ميدان شهد نزيفا لدماء المصريين الزكية من كل الأطراف. أبكي كل شهيد مصري يموت عبثا في صراع ممول من الخارج أو مدفوع بفكر مغلوط.. دماؤنا حرام علينا فحافظوا علي كل قطرة منها لمواجهة العدو الحقيقي.