تتزايد في الوقت الراهن ظاهرة استخدام التليفونات المحمولة كوسائل وأدوات لإنجاز عمليات الدفع, حيث أتاح تطور أجهزة المحمول واستخداماتها تدريجيا تقديم خدمات مصرفية من خلاله لعملاء البنوك مثل الاطلاع علي الرصيد, طلب كشف حساب أو دفتر شيكات, الاخطار بآثار ونتائج معاملة مالية, أو ملء بيانات طلب قرض من البنك وتعرف اصطلاحا إتاحة هذه الخدمات بالمحمول المصرفي أي استخدام التليفون المحمول كقناة لإجراء معاملات مصرفية مع البنك الذي ينتمي إليه العميل, حيث يتطلب تقديم هذه الخدمات المصرفية أن يكون مستخدم التليفون المحمول عميلا مستوفيا كل المتطلبات والضوابط المصرفية ومن ثم ربط العميل بالخدمات المتاحة من خلال هذا التليفون المحمول ومن الخدمات الأخري استخدام التليفون المحمول في تخزين أو الاحتفاظ بقيم مالية صغيرة وتحويلها إلي آخرين للإيفاء بمتطلبات مالية, وتعرف هذه الخدمة بالدفع عبر أجهزة المحمول( أو المحفظة المحمولة) حيث ساهم انتشار هذه الخدمة في تقديم خدمات مالية أساسية لكثير من الأفراد ممن لم يكن لهم أي اتصال بالقطاع المصرفي أو لم تتم تغطيتهم بالخدمات المصرفية. وتؤكد العديد من الدراسات علي أهمية ودور توسيع فرص الحصول علي الخدمات المالية المختلفة في تحسين فرص النمو الاقتصادي وتحسين دخول الأفراد, ومن ثم تعتبر خدمات الدفع عبر المحمول من أهم هذه الوسائل في الوقت الراهن لدمج الفقراء في النظام المالي أو ما يعرف بالشمول المالي حيث يدعم البنك الدولي هذه الخدمة لكونها تتيح المجال لفتح حسابات بدون حد أدني وبرسوم محدودة جدا وذلك من خلال الاستفادة من انتشار استخدام التليفون المحمول وانتشار شبكاته وتغطيته لمعظم المناطق في مقابل محدودية التوسع في الخدمات المصرفية وعدم وصولها إلي المناطق النائية. والحقيقة أن هناك عدة نماذج لتطبيق النظام وبالتالي إتاحته وإدارته والتعامل معه, من هذه النماذج نموذج إدارة النظام بواسطة البنوك فقط, ونموذج إدارة النظام بواسطة شركات التليفون المحمول فقط, ونموذج إدارة النظام بواسطة البنوك وشركات المحمول معا. وسواء كان مشغل النظام بنكا أو شركة تليفون محمول أو كلاهما معا فإن السلطات داخل البلد تظل هي المسئولة لمنح رخصة تشغيل النظام( هذه السلطات إما أن تكون البنك المركزي أو مؤسسات تنظيم الاتصالات أو ربما وزارة الاتصالات بالدولة) وفي حالات كثيرة تخضع هذه الخدمات لسلطة البنك المركزي تحت بند نشاط تلقي الإيداعات. وهناك عدة مخاطر مرتبطة بخدمة الدفع عبر أجهزة التليفون المحمول منها: مخاطر التشغيل, إدارة النظام, ضرورة وجود مركز أصلي وآخر احتياطي لإدارة النظام لمواجهة أي عطل, ضرورة توفير عدد من الأفراد للرد عن استفسارات العملاء مع الحفاظ علي سرية بيانات العملاء وسرية المعاملات. فضلا عن المخاطر المرتبطة باستلام ودفع النقد وتتمثل في استلام نقد مزور أو ارتكاب أخطاء أثناء عملية عد النقد كما أن المخاطر المرتبطة بالتعرف علي هوية المشتركين هي مخاطر يمكن أن تؤدي إلي تبعات حادة علي البنك إذا لم يتم التعامل معها بجدية. ولقد أثبتت التجارب المختلفة أن سهولة تقديم الخدمات المصرفية المختلفة يقابلها من الطرف الآخر ضرورة وجود آليات متطورة ومتمرسة لمتابعة هذه الخدمات والاشراف عليها.. وفيما يتعلق بنظم الدفع عبر التليفون المحمول هناك عدد من التحديات التي تواجه البنوك المركزية تتركز في: (1) محاور الاشراف والرقابة التي تستوجب توفير المتطلبات التشريعية والقانونية واللوائح اللازمة, وكذلك الأطر الاشرافية والاجراءات الفنية والتأمينية والأدوات التي تضمن سلامة تقديم الخدمة. (2) المحور الثاني: السياسات النقدية يستوجب الانتباه إلي تأثير التحول التدريجي للمجتمع من مجتمع نقدي إلي لا نقدي في ظل تطورات التقنية المصرفية وأدواتها وبالتالي تأثر حصة السوق من النقد الحقيقي التقليدي. ومن ثم فإن الأمر يتطلب زيادة اهتمام البنوك المركزية بتطوير القدرات الفنية لكوادرها فضلا عن إجراء البحوث والتحاليل الاقتصادية والمالية لمتابعة آثار هذه الخدمات علي القطاع المصرفي مما يساهم في تطوير السياسات المناسبة.