نددت دول عدة في الاتحاد الأوروبي خلال الأيام الماضية بالعنف الممارس من جانب الشرطة التركية في قمع الاحتجاجات المناوئة لحكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. التي تشهدها تركيا منذ أسبوع, وبالأمس أشار ستيفانفولي المفوض الأوروبي لشئون التوسيع في اسطنبول إلي أن الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة لامكان له في الأنظمة الديمقراطية إلاأنه أكد أن الاحتجاجات القائمة حاليا ضد أردوغان لا تتعلق بانضمام تركيا إلي الاتحاد الأوروبي وأوضح فولي في كلمة ألقاها بحضور أردوغان ان التظاهرات السلمية تمثل طريقة مشروعة للتعبير عن الآراء في مجتمع ديمقراطي. في الوقت نفسه استهجن أردوغان في كلمة له بمؤتمر الاتحاد الأوروبي المنعقد بإسطنبول رد الفعل الأوروبي بشأن الاحتجاجات, مشيرا إلي أنها شبيهة بأعمال الشغب التي شهدتها بعض الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة وقال إن المظاهرات التي تشهدها بلاده لو حدثت بدولة أوروبية أخري لتم التعامل معها بقسوة أكبر, وأن هناك توجها أوروبيا لعرقلة انضمام تركيا إلي عضوية الاتحاد الأوروبي. وأعاد أردوغان إلي الأذهان أن السلطات التركية كانت قد اعتذرت عن استخدام الغاز المسيل للدموع ودعا شركاء تركيا في الخارج إلي عدم السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بالتغطية غير الموضوعية والمتحيزة للأحداث والتي تعمل بإيعاز ممن لا يريدون أن تكون تركيا قوية. قد يكون تفسير أردوغان صحيحا فيما يخص تلكؤ أوروبا في منح عضوية اتحادها إلي أنقرة بسبب الأحداث الجارية فيهاوكان تشبيهه صحيحا لأن ماحدث في بريطانيا منذ نحو العام من أعمال شغب وتخريب في شوارع لندن خير شاهد علي منح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الشرطة الضوء الأخضر إلي حد استخدام الرصاص الحي للسيطرة علي الأمور وعودتها إلي نصابها الصحيح, فهل يعتقد أن لأوروبا يدا في هذه الأحداث خاصة أن تركيا من اقرب الحلفاء إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية؟! تحرج التظاهرات التي تشهدها تركيا, واشنطن التي تصف حليفتها بأنها نموذج الديمقراطية الإسلامية للعالم العربي وبأنها تعتمد عليها لتسوية النزاعات في سوريا والشرق الأوسط, وتعد الأزمة التركية شائكة بالنسبة إلي واشنطن لأن المتظاهرين يطالبون الآن بإسقاط أردوغان, الذي استقبل منذ فترة قريبة في البيت الأبيض من قبل الرئيس باراك أوباما الذي يقيم معه علاقات ودية. وقال بايرم بالجي الباحث في مركز كارنيجي انداومنت لوكالة الأنباء الفرنسية إن الأمريكيين محرجون للوضع في تركيا التي كانوا يقدمونها كمثال للعالم الإسلامي والدولة التي وقفت بين الإسلام والديمقراطية والتقدم الاقتصادي. ومنذ أسبوع تشعر السلطة التنفيذية الأمريكية بالإحراج أمام موجة الاحتجاجات في تركيا التي لم تتوقعها, وأدان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالطبع الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة وأكد تمسك بلاده بحرية التعبير والتظاهر, لكن البيت الأبيض سارع إلي الترحيب باعتذارات نائب رئيس الوزراء بولند ارينج لضحايا القمع ودعوات الرئيس عبد الله جول إلي التهدئة. في الوقت نفسه, لزم أوباما الصمت في حين أبدي نائبه جو بايدن حذرا كبيرا, ووصف أنقرة ب الحليف الحيوي رغم أن هناك انتهاكات كثيرة مثل ملف السجناء والتعذيب, وإهانة الصحفيين, بالطبع لن تزايد واشنطن علي الانتهاكات في تركيا لأنها حليف مهم تحتاجه واشنطن كورقة ضغط في تطور الأحداث بالمنطقة العربية والشرق والأوسط, وأن أي تغيير سياسي مفاجئ علي الأرض في تركيا حاليا سيربك الحسابات الأمريكية في الشرق الأوسط الجديد لأنه ليس هناك من بديل جاهز للقيام بمثل هذه المهمة, فمازال هناك دور كبير لتركيا في سوريا علي سبيل المثال لأنها دولة حدودية يتم دعم المعارضة المسلحة عن طريقها, وهناك أيضا العراق ودولة الأكراد, مع استمرار العمل في هذه الملفات الإقليمية المهمة لواشنطن, يمكن أن نستشف أن واشنطن في موقف حرج مع الشعب التركي وستبذل أقصي ما يمكن لكي تحبط أي نوع من الثورة أو الهياج السياسي في تركيا حتي إشعار آخر.