لم أكن أعلم أن الخنجر الذي طعن في قلبي, جاء من أمي التي أحسنت تربيتنا وخلقنا, ولم يخطر بمخيلتي للحظة أن شيطانها يمكن أن يسيطر عليها, لدرجة جعلتها تختطف أعز الولد, حفيدها الصغير يوسف, أول أبناء أنجالها. لقد تعرض الطفل البريء ذو الثلاثة أعوام, للتعذيب والتخويف, من أجل بعض أحفان النقود, ومن المذهل أن أمي تركتني لأيام ارتمي في حضنها, ارتعش باكية, وأتوسل اليها وقلبي ينفطر, بأن تتضرع بدعائها معي, لكي يعود يوسف. أشهد لك يا أمي أنك ممثلة بارعة بكل جدارة; فقد كان بكاؤك وشهقاتك تسبق حزنك, واستطعتي باقتدار, أن تخفي أنيابك الزرقاء وراء قناع أمومتك الخادع! هكذا بدأت فاطمة والدة الطفل يوسف المخطوف من قبل جدته لأمه حديثها إلينا, ما جعلنا نستطيع أن نلاحق أنفاسنا من شدة هول ما كانت تقصه علينا, وكانت صواعق كلماتها تتوالي.. فالمفاجأة الثانية التي كشفتها لنا, هي أن حادث اختطاف طفلها, لم يكن من قبل جدته فقط, بل تآمرت معها شقيقتا فايزة ذات ال17 عاما وزوجها محمد, وأسماء التي تصغر فايزة بعام واحد. وأضافت: الغريب أن شقيقتي الصغري نورا ذات ال12 ربيعا, والتي ساهمت في تربيتها وحملها وهي في المهد, ساعدت أمي في اختطاف ابني, ولم يرحم يوسف أيضا زوج أمي, الرجل العاقل أحمد.. وكأنهم شكلوا كتيبة إعدام لقلبي, ولطفولة فلذة كبدي, من أجل جمع المال. وتابعت: عندما قاموا بزيارتي منذ أيام, لم تكن الدنيا تسعني من الفرحة فبعد سفر زوجي شعبان للأردن للعمل أشعر بالوحدة, أنا وولدي يوسف وكانت بالفعل زيارتهم بمثابة السحابة التي تغطي الرؤوس في نيران الظهيرة. وواصلت: بعد أن قدمت لهم واجب الضيافة, وقضوا معي اليوم سألت والدتي هل تحتاجين يا والدتي لأي مال.. قالت: لا مستورة والحمد لله وأثناء خروجهم من منزلي مساء قمت لأودعهم, ولكنهم صمموا علي الخروج من دوني, وبعدما أعدت ترتيب البيت, ناديت علي يوسف الذي كان يلهو مع زملائه أمام بيتنا فلم يرد. وأردفت: خرجت لأبحث عنه فلم أجده, ومن المتعارف عليه أن القري لا يتوه بها طفل أو حتي حيوان, فالكل يعرف بعضه البعض, ونحرس أولادنا وأولاد الغير.. وبعد فترة وجيزة جاء عم يوسف من عمله, وبحث معي عنه لكن لم نجده. ذهبنا لمساجد القرية وقمنا بالنداء عليه في الميكروفونات, لعله هنا أو هناك ولا مجيب, لدرجة جعلتنا نقف علي كل مخارج ومداخل القرية, ومرت علي وجودنا بالشارع أيام عدة, للبحث عن فلذه كبدي يوسف, وتوجهنا للشرطة وأبلغناها باختفائه. وفور عودتي للمنزل وجدت هاتفي يرن. جاوبت الطالب بسرعة, وجدته أحدا لا أعرفه, يطلب مني فدية100 ألف جنيه كي يعيدوا ولدي المختطف, وقتها أغشي علي عندما علمت أن ولدي في خطر.. تحدثت سريعا لزوجي وأقاربه لتجهيز المبلغ, وأبلغت في الوقت نفسه الشرطة بما حدث, وذهبت لأمي لأطلب منها المال فقالت لي: يا ابنتي نحن نمر بأزمة مالية وليس لدينا أية نقود. وعندما كنت عندها كان معي أحد ضباط المباحث ويدعي النقيب محمد منتصر رئيس مباحث مركز ببا, الذي تتبعه قرية قمبيش التي نقطن بها, وبعد أيام قليلة وجدته يتصل بي, ويخبرني بأن آتي لتسلم يوسف من يد خاطفيه, وعندما هرعت لألاقي عيني وحبي الصغير يوسف, وقعت مرات علي الأرض من شدة الفرحة, وعندما دخلت قسم الشرطة احتضنت ابني وأمي واخوتي الذين سبقوني اليه بالقسم. قلت لهم: شكرا لكم علي مجيئكم, ولكن فاجأني الضابط عندما قال لي هؤلاء هم الخاطفون, فأغشي علي, وأصبت بانهيار عصبي, فلا أحد يتخيل أن ما حدث من الممكن أن يحدث في الحقيقة, فأمي قتلتني من أجل المال وأشقائي لم يضعوا أنفسهم مكاني, واستلوا السكين أيضا ليذبحوني مع والدتي التي تملك منها إبليس. وكان اللواء إبراهيم هديب مدير أمن بني سويف, قد تلقي إخطارا من اللواء شريف رياض مساعده لمنطقة الجنوب,بإبلاغ أحمد شعبان عن اختفاء طفل شقيقه3 سنوات من أمام منزله بقرية قمبيش بمركز ببا, فأمر هديب بسرعة تشكيل فريق بإشراف اللواء زكريا أبو زينة مدير البحث الجنائي ومساعده العميد خلف حسين, رئيس مباحث المديرية لإعادة الطفل إلي أسرته. دلت تحريات المباحث التي قام بها المقدم مصطفي منتصر رئيس مباحث ببا ان والد الطفل يعمل بالأردن ونتيجة مرور عائلة زوجته بضائقة مالية اتفقوا علي اختطاف الطفل ومساومة ابنتهم علي اطلاق سراحه مقابل100 الف جنيه من خلال عدد من الإتصالات الهاتفية دون إظهار شخصياتهم الحقيقية. كما أكدت التحريات أن من قام بعملية الاختطاف والابتزاز دولت47 سنة جدة الطفل لأمه, ومعها بناتها فايزة17 سنة, أسماء16 سنة, نورا12 سنة( خالات الطفل), وأحمد40 عاما, زوج الجدة, ومحمد22 سنة عامل( زوج فايزة), جميعهم يقيمون حي الغمراوي مدينة بني سويف. اتضح أنهم قاموا عقب انتهاء زيارتهم لابنتها فاطمة المقيمة بقرية قمبيش باختطاف الطفل من أمام المنزل واصطحابه إلي بني سويف, ومطالبة أمه عبر الهاتف بدفع100 ألف جنيه, شرطا لإطلاق سراحه. وقد تمكن الرائد أحمد عبداللطيف والنقيب محمد صلاح معاونا المباحث بمركز ببا, من القبض علي خمسة من الجناة, وجار البحث عن السادس محمد. وحرر المحضر رقم1496 وتولت النيابة التحقيق مع المتهمين, بإشراف المستشار حمدي فاروق المحامي العام الأول لنيابات بني سويف. رابط دائم :