في مارس1986 أصدر الزعيم الصيني دينغ هسيياو بنغ مرسوما رئاسيا يلزم بكين بالبدء في تمويل الأبحاث العلمية والتكنولوجية الأساسية يهدف إلي رفع الصين إلي مستوي الدول المتقدمة وعندما سأل دينغ المتلهف لجعل الصين قوة تكنولوجية عن المبلغ الذي يجب تخصيصه لتحفيز هذه الجهود. اقترح بعض العلماء خمسة بلايين يوان. لكن دينغ قال ان البرنامج يحتاج إلي10 ملايين يوان. وهذا هو المبلغ الذي خصص له بالتالي. ومنذ ذلك الحين وجهت بكين التمويل المخصص لبرنامج863 إلي مشروعات جديدة متطورة كل سنة معززة الأبحاث في مختلف الميادين. وأضحت مشروعات برنامج863 الفردية أكثر من أن تحصي. وخلال الفترة نفسها سجلت الصين نموا اقتصاديا هائلا. فقد ازداد إجمالي ناتجها المحلي بنسبة9.8 بالمائة وحتي بعد الأزمة الاقتصادية العالمية لم يتراجع هذا النمو كثيرا. وأصبح تشريح وتفسير قصة صعود الصين الاقتصادي هي الشغل الشاغل في كثير من وسائل الإعلام وإصدارات المطابع في الدول الغربية, وقد ألف الآن كثير من الكتب عما بات جديرا من وجهة نظر البعض بأن يسمي المعجزة الاقتصادية الصينية, قياسا علي ما سمي بالمعجزة اليابانية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. وهذا النمو الصيني دفع بعض الخبراء الاستراتيجيين الغربيين إلي التحذير من أن الصين قد تحل مكان الولاياتالمتحدة كرائدة في مجال التكنولوجيا في المستقبل القريب. واستطاع ثلاثة علماء صينيين عام2005 اكتشاف نقطة ضعف في نظام تشفير أساسي للحكومة الأمريكية يدعي اس اتش ايه كان فكه يعتبر مستحيلا وهو نظام يستعمل لنقل البيانات الخاصة ببطاقات الائتمان عبر الانترنت. من بين غايات أخري. ويتخوفون من أن الصين قد تشكل تهديدا عسكريا لأصدقاء واشنطن الآسيويين. ويخشي الكثير من المحللين أن بكين لا تدعم فقط الأبحاث الشرعية بل ايضا التجسس الاقتصادي وانتهاكات حقوق الملكية الفكرية من أجل إشباع نهمها للتكنولوجيا المتطورة. من المؤكد أن الصين لاتزال متخلفة عن الولاياتالمتحدة في معظم الصناعات التكنولوجية, فاستثمارات الشركات الكبري مثل موتورولا ونوكيا ومايكروسوفت كانت الدافع الأساسي وراء نمو الصين في مجال التكنولوجيا المتطورة. ومع أن الصين حلت مكان أمريكا كأكبر مصدر لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم, فان80% من صادرات الصين من الأجهزة المتطورة والمرخص لها بموجب براءة اختراع كانت من انتاج شركات أجنبية. والواقع أن الولاياتالمتحدة تتفوق علي الصين في مجال التكنولوجيا المتطورة لأن لديها أموالا أكثر ومواهب أكثر ومنتجات أكثر قابلية للتسويق. لكن برنامج863 يغير الصين وهو سبب وجود أكثر من700 مركز أجنبي للأبحاث والتطور في الصين كما أنه سبب تخصيص59 بالمائة من الطلاب الجامعيين الصينيين في مجالات العلوم والهندسة مقارنة ب32 بالمائة في الولاياتالمتحدةالامريكية وهذا سبب قلق الحكومات الأجنبية التي تعارض بعض حكوماتها الاستحواذ الصيني علي شركاتها والواقع أنه من الناحية النظرية لا تعتبر ملكية الأعمال في الاقتصاد الرأسمالي ذات مصداقية ومن الناحية التطبيقية تبقي المسألة جدلية. ومن المتوقع أن تشتد مثل تلك المخاوف علي مدي السنوات القليلة المقبلة وذلك لأن المؤسسات المملوكة للدولة الصينية متجهة للتسوق وفي عجلة من أمرها. وتنتشر مقولة ان المشترين الصينيين عادة ما يديرهم الحزب الشيوعي وأحيانا تحكمهم السياسة بنفس القدر الذي تحكمهم فيه الفائدة, وساهموا بعشر قيمة الصفقات العابرة للحدود للعالم الماضي ويتقدمون لشراء كل ما يجدونه في طريقهم ابتداء من الغاز الأمريكي وحتي شبكات الكهرباء البرازيلية إلي شركة السيارات السويدية فولفو. وكما هو معلوم توجد معارضة متنامية لهذه النزعة. ففكرة أن يسمح الرأسماليون للشيوعيين بشراء شركاتهم, وكما يجادل البعض ستأخذ التحرر الاقتصادي إلي أفاق متطرفة عبثية. ولكن هذا ما يجب القيام به لأن انتشار رأس المال الصيني يجب أن يجلب الفائدة إلي مستقبليه وإلي العالم ككل. وحتي وقت قريب كان ينظر إلي الشركات التي تديرها الحكومات كمخلوقات غير مكتملة التكوين وتتجه لمصيرها المحتوم وهو الخصخصة. ولكن توليفة من العوامل مثل المدخرات العملاقة في العالم الناشئ والثروات النفطية وفقدان الثقة بنموذج السوق الحرة كل هذا أدي إلي انبعاث رأسمالية الدولة من جديد. وتمتلك المؤسسات الصينية6% فقط من الاستثمارات العالمية في مجال الأعمال. ومن منظور تاريخي كان للاعبين الرئيسيين حصة أكبر من تلك. ووصلت أمريكا وبريطانيا القمة بحصة50% في1914 و1967 علي التوالي. ويمكن أن تتغذي نهضة الصين الطبيعية علي بحيرة ضخمة من المدخرات. واليوم يتم استثمار هذه المدخرات في السندات الحكومية للدول الغنية ويمكن أن تستخدم غدا في شراء الشركات وحماية الصين من تخفيض الدول الغنية لقيمة عملائها وربما الإخفاق في تسديد الديون. رابط دائم :