توجه الرجل العجوز إلي قسم شرطة الفيوم, والدموع تملأ عينيه, وصدره تملؤه الحسرة والألم, ليبلغ عن اختفاء ابنته, التي تركت المنزل يوما كاملا. وبعد أن حرر المحضر, عاد إلي مسكنه الكائن في منطقة شعبية, ينتظر خبرا يثلج صدره, ويهدئ من ثورته العارمة, قلقا علي فلذة كبده. ولم ينتظر الأب كثيرا, فبعد24 ساعة فقط, تم العثور علي ابنته, ولكنه لم يفرح وعلي العكس غشيه الهم, وأجهش في البكاء, فقد عثرعلي الفتاة, التي لم تتعدي العشرين من عمرها, مقتولة وجثتها ملقاة وسط الأشجار بمنطقة الممشي السياحي, بمدينة الفيوم. وفي طريقه للتعرف علي ابنته المقتولة, كان مصدوما لاينطق إلا بالبكاء, وظلت تراوده الأفكار وتطارده, ليبحث عن سبب يجعل هناك من يتخلص من فتاة, فقدت شبابا لم تعشه, وقتلت بطريقة بشعة, حيث نحرت من رقبتها, ولكن ما دار من أفكار داخل عقل الأب المكلوم, كان بعيدا عن حقيقة الأمر, فالغيرة المحرمة كانت الجاني الرئيس في القضية. كانت رشا تعمل وتقيم بالحي الشعبي الشيخة شيفا, وتعمل بأحد محلات الملابس بوسط مدينة الفيوم, وهي أيضا مرتبطة عاطفيا بشاب يعمل سائق تاكسي ويدعي محمد,إ,ع, منذ ثلاث سنوات, وكانا يحلمان بالزواج من بعضهما, وفي هذا اليوم, طلبت رشا, من محمد, أن يتوجه بها إلي الطبيب, وبالفعل تحركابسيارة التاكسي الذي يعمل عليها, وأحضر بعض المأكولات, ثم قصدا منطقة هادئة ورومانسية, بمنطقة الممشي السياحي, بجوار السواقي. وفي جلسة هادئة بينهما, قاطعتهما رنات هاتف الفتاة بصورة متكررة, اشتعلت معها ثورة من الشك داخل صدر الشاب, وواجهها بما يجول في صدره من شكوك وتساؤلات, حيث أنه كان يتصل بها عشرات المرات, من دون أن تجيب, ومن هنا بدأ يشك في أنها تخونه, واتهمها بأنها تعرف شخصا آخر غيره. ونشبت مشاجرة بين الطرفين, وبدأت الغيرة تحرك محمد, وتزيد من غضبه, وفي لحظة طيش, توجه للتاكسي وأخرج سكينا كان يستخدمه للدفاع عن نفسه بعد تكرار حوادث السطو المسلح, وخبأ السكين وراء ظهره, وعاد مرة أخري إلي فتاته, وازدادت المشاجرة سخونة, فما كان منه إلا أنه أخرج السكين وطعن رشا, طعنات نافذة في بطنها, لتسقط أرضا غارقة في دمائها. وبعد دقائق من الذهول والصدمة, حاول أن يسعفها ويتوجه بها للطبيب, وحاول أن يحملها ويدخلها سيارة التاكسي, ولكنه عندما كان يحملها والسكين في يده, جرحها بالخطأ في رقبتها, وتحول إلي وحش عند هذه اللحظة وأصابته حالة هستيرية, فقام بنحرها من رقبتها, وألقي بها وسط الاشجار وفر هاربا. وظن ذلك الشاب أنه أخمد بركان الغيرة الذي انفجر بداخله, بعد التخلص من حبيبته, ولكنه في24 ساعة تم التوصل إليه وتمكنت أجهزة الأمن من القبض عليه. وكانت تحريات المقدم محمد أبو بكر, رئيس مباحث قسم شرطة الفيوم, والرائد عمرو الباسل معاون المباحث, قد توصلت إلي رقم هاتف اتصلت به المجني عليها قبل الحادث بساعات قليلة, وأمكن تحديد صاحب رقم الهاتف, وبتكثيف التحريات حوله, تبين أنه ذلك محمد,أ,ع,(18 سنة), سائق تاكسي. وبعد إنهاء الاجراءات القانونية أعد النقباء محمد السويفي, ومحمد أنس, وإسلام معوض, وهيثم زين, معاونو المباحث, كمينا لرصد المتهم ونجحوا في القبض عليه, وبتفتيش السيارة, عثر علي آثار دماء علي أحد مقاعدها, وعلي تي شيرت, كان يرتديه المتهم. رابط دائم :