توعد الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون الولاياتالمتحدةالأمريكية بشن حرب نووية ضدها خلال24 ساعة, وأمر الجيش بأن ينتج المزيد من الأسلحة استعدادا لهذه الحرب, وانقضي حتي الآن أكثر من96 ساعة دون أن ينفذ وعيده, فما هي الأسباب التي حالت دون ذلك؟ ما إن أجرت كوريا الجنوبية مناوراتها العسكرية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية, وعلي بعد200 كم فقط من المنطقة التي تسمي منزوعة السلاح, في حين انها من أكثر المناطق تسليحا في العالم, حتي تأجج الصراع من جديد بين الكوريتين, وأخذ يتوعد كلاهما الآخر بشن حرب نووية, ثم تعلن واشنطن مساندتها لكوريا الجنوبية وتضع قواتها علي أهبة الاستعداد, طبقا لتصريحات مسئوليها, لشن حرب نووية ضد كوريا الشمالية. لقد لعبت سياسة واشنطن وسول دورا كبيرا في هذا التصعيد, فبعد أن انخفضت شعبية الحكومة في كوريا الجنوبية, هداها تفكيرها إلي التوسع في برنامجها النووي لعلها بذلك تكسب الرأي العام من جديد, وما إن أعلنت سول عن مشروعها النووي حتي التهبت شبه الجزيرة الكورية. وفيما يتعلق بالسياسة الأمريكية ودورها في هذا التصعيد, فقد أعطت الدرع الصاروخية التي تسعي واشنطن لنشرها في المنطقة, وتدعي أنها موجهة ضد كوريا الشمالية في حين يعلم الجميع أنها تستهدف بها بكين, بعدا آخر للأزمة بين الكوريتين. وعلي الرغم من أن جيشها رابع أكبر جيش في العالم, والأول من حيث قوامه بالنسبة لعدد السكان إلا أن بيونج يانج عندما تلوح بحرب نووية ضد واشنطن, فإنها تعتمد في ذلك علي مساندة الصين لها, خاصة أن اقتصادها يعاني احتكارا صينيا وارتفاع معدلات البطالة بها وأزمات مالية عنيفة لا تجد سوي بكين كي تنقذها منها. إن تهديد كوريا الجنوبية للولايات المتحدةالأمريكية بشن حرب نووية ضدها لا يعد ومهاترات عسكرية عنترية, حسبما أشار سيرجي أوزوبيتشف الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بموسكو, والذي أضاف أن مفاعل كوريا الشمالية النووي تم إغلاقه منذ ثلاثين عاما, ولم تندم بيونج يانج علي إغلاقه لانتهاء عمره الافتراضي, وأن انشاء مفاعل نووي جديد يتطلب وقتا طويلا, وأن تهديداتها بشن حرب نووية هو من قبيل ترهيب الشعب الأمريكي فقط. وفيما يتعلق بموقف الصين من هذا التصعيد في شبه الجزيرة الكورية, فإنها لن تشجع بيونج يانج علي الدخول في حرب ضد جارتها الجنوبية لعدة اعتبارات, أولها: خشية أن يلوذ الشعب الكوري الشمالي بها بعد سقوط النظام هناك وهو ما يمثل تهديدا كبيرا لأمنها الاقتصادي والقومي علي السواء, ثانيها: ان بكين تعتبر بيونج يانج الدولة العازلة أو المصد ضد أي تهديد مباشر من القواعد الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية, وأن دخولها الحرب وتعرضها للهزيمة يعني انكشاف الصين وتعرضها لتهديد أمريكي مباشر, ثالثها: تعتمد الصين في تصدير الكثير من منتجاتها علي كوريا الشمالية وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للاقتصاد الصيني. كما أن بكين دعت أكثر من مرة إلي عقد معاهدة سلام بين الكوريتين, وأعلنت أيضا عن توقفها عن مساندة بيونج يانج ضد واشنطن, وصوتت في مجلس الأمن لمصلحة فرض عقوبات عليها بسبب برنامجها النووي إلا أن كل هذه المبادرات الصينية لم تلق قبولا لدي الجانب الأمريكي, وتكشف في الوقت نفسه عن عدم رغبة الصين في التصعيد العسكري. وفيما يتعلق بالولاياتالمتحدةالأمريكية, فإنه من مصلحتها إبقاء النظام في بيونج يانج كي تبرر به وجودها في سول, حيث يوجد(25) ألف جندي أمريكي بها, وذلك في إطار سياستها لاحتواء الصين بمساعدة اليابان, وأن واشنطن تستخدم كوريا الشمالية كأداة للضغط علي النظام الصيني الذي أصبح يمثل عقبة هائلة أمام مباشرة واشنطن سياستها تجاه سوريا وإيران. وبذلك, فإن من مصلحة واشنطنوبكين ابقاء الوضع علي ما هو عليه دون الدخول في حرب, أو الوصول لحل, حرصا منهما علي مصالحهما في المنطقة, وأن وحدة الكوريتين ستفقد واشنطن قواعدها العسكرية في كوريا الجنوبية, وتفقد الصين نفوذها الاقتصادي المتصاعد في كوريا الشمالية ويعرضها لتهديدات مباشرة من قبل القواعد الأمريكية في سول في حالة إذا ما سقط النظام في بيونج يانج. رابط دائم :