من يتابع مناقشات مجلس الشوري الجارية بوتيرة سريعة حول قوانين في غاية الاهمية, سوف يكتشف أن هناك أزمة جديدة تتكون تحت قبة المجلس الذي خالف تعهداته بانه لن يتعرض لقوانين تتطلب توافقا مجتمعيا حرصا علي ضمان الاستقرار القانوني وعدم الطعن عليها دستوريا, ولا يعقل ان يناقش المجلس3 قوانين دفعة واحدة تتعلق بحق التظاهر, والجمعيات الاهلية, والانتخابات, في غياب توافق مجتمعي علي هذه التشريعات المهمه التي تمس الحريات والحقوق الاساسية للمواطنين بينما تجاهل المجلس قضايا جماهيرية تؤرق الحياة اليومية للمواطنين, وهي اصبحت لا تعد ابتداء من أزمات السولار, الخبز, والانفلات الامني, ومرورا بمطالب العمال, وغيرها من أزمات ومشكلات تتطلب تدخلا من ممثلي الشعب للتعامل معها. ولا أظن ان سلق هذه القوانين بهذه السرعة يمكن ان يحقق الاستقرار الذي يتخذه البعض سببا لتمرير مثل هذه التشريعات التي تحتاج الي مناقشات مستفيضة بمشاركة مجتمعية واسعة. ولعل عدم النظر للتحفظات علي هذه القوانين والاصرار الواضح علي تمريرها لن يكسبها شرعية, ففي قانون الانتخابات بدا ان هناك اصرارا علي عدم التوزيع العادل للدوائر, الذي كان احد اسباب رفضه في المحكمة الدستورية, بينما اثار البعض انتقادات كبيرة علي قانون الجمعيات الاهلية سواء فيما يتعلق بعدم وجود رقابة صارمة علي تلقي المنح والمعونات الخارجية او تقييد حريتها في ممارسة الانشطة, أما فيما يتعلق بقانون حق التظاهر فهناك انتقادات شديدة حول تدخل الشرطة وحضورها الاجتماعات, وكذا القيود المفروضة علي التظاهر من خلال اجراءات يمكن للجهة الادارية استغلالها ضد المتظاهرين. من المؤكد ان مصر في حاجة الي مثل هذه التشريعات, ولا خلاف علي ضرورة وجود تشريعات تطلق العمل الاهلي ولا تقيده, وتنظم التظاهر ولا تمس حريته, وتنظم الانتخابات ولا تفصل علي مقاس فصيل بعينه. مصر تدرك الاستقرار بتشريعات يشارك فيها الجميع, أما أن يحتكر البعض التشريع, والتقنين, والدسترة, وكأن المجتمع صار قطيعا بلا رأي أومشورة وعليه التنفيذ فقط فهذا لن يجلب الا المزيد من العنف والغضب. رابط دائم :